بمناسبة الإحتفال بنصر أكتوبر.. من هو الجندي المجهول؟    محافظ الإسماعيلية يستقبل وزير الري في مستهل زيارته للمحافظة    اتحاد التأمين: تحقيق الشمول التأميني أهم الأولويات لتطوير سوق التأمين المصري    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    ترامب: اتفاق غزة صفقة عظيمة لإسرائيل    القاهرة الإخبارية: انتهاء عمليات الاقتراع في عموم المحافظات السورية    احتجاجات بتل أبيب وأسر الرهائن يدعون ترامب ونتنياهو لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار    أستون فيلا يواصل انتصاراته فى الدورى الإنجليزى بفوز مثير ضد بيرنلى    الشوط الأول| برشلونة يسقط أمام إشبيلية في الدوري الإسباني    لوران بلان مرشح لتدريب الأهلي.. وشرط قبل التفاوض معه    ضبط عاطل أشعل النار في سيارة شقيقته إثر خلافات عائلية بكفر الشيخ    رياح وسقوط أمطار على هذه المناطق.. «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس غدًا    انطلاق قطار جديد للعودة الطوعية للأشقاء السودانيين إلى وطنهم| صور    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    المتحف المصري.. يعيد الحياة إلى نقوش نفرماعت النادرة بتقنية ترميم متطورة    وزير الثقافة يكلف د.سهام وهدان قومسيرًا لمعرض «كادرات موازية»    التمثيل يأخذ نصيب الأسد في مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    وكيل صحة القليوبية يتفقد عددًا من المنشآت الصحية ببنها وقليوب    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    «التموين» تتعاون «إي آند» لتزويد منافذ «كاري أون» بالأنظمة الإلكترونية    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    حماس: توسع الاستيطان الإسرائيلي بالضفة فصل عنصري لتهجير الفلسطينيين    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    الصين: إجلاء 347 ألف شخص قبل وصول إعصار ماتمو إلى اليابسة    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تعرضنا للظلم.. رضا شحاتة يهاجم حكم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    احتفالات الثقافة بنصر أكتوبر.. معرض حرب أكتوبر المجيدة في الذاكرة الوطنية بالهناجر    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    الدوري الإنجليزي.. تعرف على تشكيل فريق أستون فيلا وبيرنلي    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    وكيل تعليم الغربية يهنئ المعلمين الفائزين في مسابقة «100 معلم»    حكايات الغريب والطريق إلى إيلات.. أرواح في المدينة تستعيد ذكرى سنوات الصبر والمقاومة قبل نصر أكتوبر المجيد    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    استجابة مطمئنة للعلاج .. تعرف على تطور حالة إمام عاشور    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    في 5 أماكن.. تعرف على أماكن الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب بسوهاج    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحمن الرافعى.. بين الوطنية والتأريخ للحركة القومية
نشر في محيط يوم 08 - 02 - 2009

عبد الرحمن الرافعى.. بين الوطنية والتأريخ للحركة القومية
محيط – مي كمال الدين
عبدالرحمن الرافعي
عبد الرحمن الرافعي شخصية مصرية هامة، عندما يذكر اسمه نتذكر معه حياة حافلة جمعت بين شقيها الوطنية والتاريخ، فيأتي عبد الرحمن الرافعي لينضم لفئة المؤرخين الذين سعوا من أجل المحافظة على التاريخ، فدون فترات هامة منه وأصدر العديد من المؤلفات القيمة في ذلك، فقدم سلسلة حول تاريخ مصر بدءاً من عهد الحملة الفرنسية، حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، هذا إلى جانب كونه أحد زعماء الحركة الوطنية بمصر، ويأتي اليوم الثامن من فبراير ذكرى ميلاده لنتذكر احد شخصيات مصر الثرية.

النشأة والعائلة
ولد الرافعي في الثامن من فبراير 1889 بحي الخليفة بالقاهرة، والدته هي السيدة حميدة محمود رضوان توفيت وهي مازالت شابة فلم تتجاوز الخامسة والثلاثين، وكان عبد الرحمن حينها في الرابعة من عمره، ويفتتح الرافعي كتابه "مذكراتي" بالحديث عنها، أما والده فهو الشيخ عبد اللطيف الرافعي يرجع أصله إلى الحجاز فهو من سلالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولذلك سمي بالفاروقي وهو من علماء الأزهر، تولى مناصب القضاء في عدد من المدن المصرية، وعمل مفتياً لثغر الإسكندرية وبقي في هذا المنصب حتى إحالته للمعاش، وكان لعبد الرحمن ثلاث أشقاء أحمد، أمين، وإبراهيم.

التعليم
تلقى الرافعي أول تعليمه في كتاب الشيخ هلال حيث تعلم القراءة والكتابة ثم أنتقل منه إلى المدارس النظامية، وتنقل مع والده في المدن التي عمل بها فالتحق بمدرسة الزقازيق الابتدائية الأميرية 1895، ثم مدرسة القربية الابتدائية بالقاهرة، ومن بعدها مدرسة رأس التين الابتدائية بالإسكندرية ونال شهادته الابتدائية عام 1901، وفي نفس المدرسة تلقى الرافعي تعليمه الثانوي "قسم فرنسي" وحصل على شهادته الثانوية أو البكالوريا عام 1904 وكان ترتيبه الثالث.
رغب والده أن يكمل ابنه تعليمه بالأزهر ويصبح أحد علماؤه، ولكن أراد عبد الرحمن أن يكمل تعليمه النظامي ويلتحق بمدرسة الحقوق وهو ما قد كان، حيث انتقل إلى القاهرة والتحق بمدرسة الحقوق الخديوية في أكتوبر 1904، وحصل على الليسانس في يونيو 1908.

تشكل وطنيته
بدأ الوعي الوطني يتشكل في عقل الرافعي تدريجياً وبداية من سن الخامسة عشر فمن خلال تردده على احد قهاوي رأس التين وقراءة الصحف اليومية مثل صحيفة اللواء لمؤسسها الزعيم الوطني مصطفى كامل بدأت تتكون عنده خلفية عن أوضاع البلاد السياسية، ودعم هذا أحاديث أستاذه في المدرسة الثانوية والذي كان احد الوطنين ويدعى عثمان بك لبيب، فكان يلقي على أذان الطلبة الأحاديث الوطنية ويحفز فيهم الحس الوطني ويطعن في سياسة الإنجليز.
ازداد الوعي الوطني للرافعي عقب دخوله مدرسة الحقوق، فبدأ في قراءة الصحف بتمعن ووعي أكبر، كما تشكلت اجتماعات بين الطلبة للحديث عن السياسة وأحوال البلاد في ظل الاحتلال البريطاني، وأصبحت "قهوة الحقوق" بشارع عابدين مقر رسمي يلتقي فيه الرافعي مع أصدقائه للحديث وقراءة الصحف مثل المؤيد، واللواء والأهرام.
وكان الرافعي أثناء دراسته في الحقوق أحد أعضاء نادي المدارس العليا، والذي أفتتح عام 1906، وكان يجمع بين أعضاؤه الطلبة والخريجين وقد ساعدت الاجتماعات التي كان يعقدها في زيادة النضج العلمي والثقافي للشباب المشاركين به، وقد ظل الرافعي أحد أعضاؤه إلى أن أغلق بأمر السلطة العسكرية عام 1914، كما كان الرافعي أحد أعضاء الحزب الوطني.

مصطفى كامل قدوة الطلبة
مصطفى كامل
يقول الرافعي عن جريدة اللواء "أنها كانت بمثابة المدرسة بالنسبة له والتي تلقى عنها مبادئه الوطنية"، وكان صاحبها مصطفى كامل مثل أعلى للرافعي وغيره من الطلبة في معاني الوطنية، وكان أول لقاء بينه وبين مصطفى كامل في عام 1906 عندما سمع حديثه أثناء إضراب طلبة الحقوق، وتردد الرافعي كثيراً على جريدة اللواء ليقابل كامل ويستمع لأحاديثه والتي غرست في نفسه مبادئ الوطنية.
وفي عام 1907 عرض عليه الزعيم مصطفى كامل إرساله في بعثة صحفية إلى باريس للتخصص في الصحافة عقب حصوله على إجازة في الحقوق، ولكن توفي الزعيم عام 1908 قبل تخرجه من المدرسة، وكان لوفاته اثر رهيب على الرافعي وكل طلاب المدارس العليا والثانوية وشارك الجميع في تشييع جنازته، واعتبر هذا اليوم يوم حداد عام في جميع المدارس.
وينعكس مدى تعلق الرافعي بمصطفى كامل من خلال كتابه عام 1939، والذي قام الرافعي بإهدائه إليه قائلاً " إلى من كانت حياته للأمة بعثاً وطنياً، من كان لي أبا روحياً، وسأبقى له تلميذاً وفياً من علمني أن الحياة بغير المثل العليا، عرض زائل، وعبث ضائع، إلى مصطفى كامل اهدي كتاب "مصطفى كامل" هدية الوفاء إلى روحه العظيمة".

أولى مقالاته
عقب وفاة الزعيم مصطفى كامل تولى محمد فريد زعامة الحركة الوطنية، وبدأت علاقة الرافعي تتوطد به فتلقى عنه المبادئ الوطنية مثلما تلقاها من مصطفى كامل، وبدأ يكتب في "اللواء" في عهده وهو مازال طالباً في مدرسة الحقوق، وكانت أولى مقالاته في الصحف تحت عنوان "تبدد الشعور الوطني وتجمعه" بعد وفاة مصطفى كامل بشهر، ومما قاله فيها عن وفاة الزعيم:
"كانت وفاته كشعلة من نار مست الشعور الوطني وأصابت منه موضع الإحساس والتأثر، فأنفجر وظهر بمظهر لم يكن احد منا يتنبأ به ولا يزال في نمو وازدياد".

الحياة العملية
قيد الرافعي بجدول المحاماة عقب تخرجه ولم يكن قد بلغ العشربن بعد، وعمل بالمحاماة في أسيوط شهراً واحداً حيث تدرب في احد مكاتب المحاماة، ولم يشعر الرافعي بالارتياح في ظل عمله بالمحاماة فتطلع لعمل أخر يتفق مع أماله وطموحه، وتحقق هذا عندما دعاه محمد فريد للعمل بالصحافة كمحرر بجريدة اللواء.
انطلق الرافعي في مجال الصحافة فكان يكتب المقالات ويترجم إلى اللغة العربية مقالات إسماعيل شيمي بك أحد أعلام الحركة الوطنية، وكان محمد فريد يثني كثيراً على كتابات الرافعي، مما شكل دعم وتحفيز له.

مقالاته
كتاب حقوق الشعب
مال الرافعي في كتابته لمقالاته إلى أسلوب المقالات المتسلسلة والتي تتحدث عن موضوع واحد، وكان هذا بداية لميله إلى التأليف، حيث وجد أن المقالة الواحدة لا تتسع للموضوع الذي يفكر فيه، وكانت أولى سلسلة لمقالاته كانت عن الدستور، وجاءت بعنوان "أمالنا في الدستور"، ثم توالت مقالاته بعد ذلك عن الحياة الاقتصادية والخطر الذي يهددها، وعن الاحتلال السياسي والاقتصادي، والانقلابات الاقتصادية وغيرها.
وكان الرافعي أحد أعضاء الحزب الوطني اللذين تطوعوا للتدريس بمدارس الشعب وهي مدارس ليلية أنشأها الحزب الوطني لتعليم الفقراء والعمال مجاناً، وكانت مدارس الشعب هذه هي من ألهمت الرافعي فكرته لتأليف كتاب "حقوق الشعب" والذي جاء عبارة عن سلسلة دروس ومحاضرات لتفهيم الشعب حقوقه وواجباته.

العودة للمحاماة
قرر الرافعي العودة مرة أخرى للمحاماة مع الاستمرار في كتابة الآراء والمقالات في الصحف، فعمل بالمحاماة في مدينة الزقازيق منذ يناير 1910، ثم أفتتح هو وصديق له مكتب للمحاماة في المنصورة، والتي استقر بها بداية من عام 1913 حين أنشئت بها المحكمة الابتدائية وظل بها قرابة العشرين عام إلى أن انتقل نهائياً إلى القاهرة عام 1932.
وفي الفترة التي عمل بها الرافعي في المحاماة أخذ في كتابة المقالات من آن لأخر وبعث بها على جريدة "العلم" والتي كانت لسان حال الحزب الوطني، وكانت أولى مقالاته بها وهو محام بعنوان "قوة الرأي العام والحكومة"، وتبعها بمقال أخر بعنوان "الشدائد خير مرب للأمم" والتي لاقت استحسان كبير من قبل الصحفيين والشعب وهنأه عليها محمد فريد نظراً لمطابقتها للظروف المحيطة بها في ذلك الوقت.
شارك الرافعي في مؤتمر بروكسل 1910 وكان موضوع خطبته فيه "مركز الصحافة في مصر والأدوار التي تعاقبت عليها في عهد الاحتلال"، ولكنه لم يلقها بنفسه في المؤتمر حيث كان مشغولاً بالأشراف على تحرير جريدة "العلم" في الفترة التي غاب فيها شقيقه أمين والذي كان رئيساً لتحريرها نظراً لمشاركته في المؤتمر الوطني الذي عقد ببروكسل، وقد انقطع الرافعي في هذه الفترة عن مكتب المحاماة ليتفرغ للجريدة ثم ما لبث أن عاد لمكتبه مرة أخرى عقب عودة شقيقه.

مساهماته الوطنية واعتقاله
ثورة 1919
شارك الرافعي في العديد من المؤتمرات الوطنية باعتباره أحد أعضاء الحزب الوطني، وكانت هذه المؤتمرات تعقد سنوياً وتجتمع بها الجمعية الوطنية للحزب ويستعرض فيها محمد فريد تطورات الحركة الوطنية.
وصحب الرافعي محمد فريد إلى أوروبا في سبتمبر 1911 لحضور مؤتمر السلام بروما، وفي خلال هذه الرحلة زار عدد من الدول الأوروبية مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا والنمسا وكتب خلال سفره عدد من المقالات سجل بها مشاهداته وخواطره أثناء السفر، كما أرسل عدد من المقالات أثناء سفره وتم نشرها منها "الوطنية والإنسانية وكيف يفهمونها في أوروبا"، و"يومان في مجلس المبعوثان" وغيرهما.
بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى في يوليو 1914 أعلنت السلطة العسكرية البريطانية الأحكام العرفية على مصر أثر دخول تركيا الحرب ضد الحلفاء، وفي ديسمبر 1914 أعلنت الحماية البريطانية على مصر، وتولت السلطة العسكرية حكم البلاد في هذه الفترة وبدا اضطهاد الحزب الوطني ومطاردة رجاله فضبطت أوراقه ودفاتره، وتم مطاردة رجاله واعتقالهم، ونفي عدد منهم، وكان الرافعي من ضمن الأعضاء الذين تم اعتقالهم في أغسطس 1915، وأودع سجن الاستئناف بباب الخلق، ثم تنقل بين السجون هو ومن معه من المعتقلين الوطنين حتى أفرج عنه في النهاية بعد عشرة أشهر من الاعتقال في يونيو 1916.
شارك الرافعي في ثورة 1919 والتي اشتعلت جذوتها عقب اعتقال الزعيم سعد زغلول وشارك فيها جموع الشعب المصري عامة في تضامن رهيب، وعلى هامش الثورة وقعت مظاهرات بالمنصورة قتل فيها 19 من المتظاهرين، وكان الرافعي احد المهددين بالضرب بالرصاص من قبل قائد القوة العسكرية البريطاني في حالة حدوث المزيد من المظاهرات في المنصورة، وكان الرافعي حينها في القاهرة ولكنه لم يخشى التهديد وقرر الذهاب للمنصورة متضامناً مع الشعب وتحمل مشاق السفر النهري، لأن السكك الحديدية بين المدن قد قطعت هي وباقي وسائل المواصلات.

ومن المواقف السياسية للرافعي معارضته لمعاهدة 1936 والتي اعتبرها تضليل للأمة، وقام بوضع بحث مفصل في مساؤي المعاهدة وإظهارها على حقيقتها وجاء البحث تحت عنوان "استقلال أم حماية" وتم نشر رسالته في الأهرام في 26 ديسمبر 1936.

جهوده لنهضة الاقتصاد
كان الرافعي يؤمن أنه توجد علاقة وثيقة بين كل من السياسة والاقتصاد، وأن الجانب الاقتصادي للحركة الوطنية لا يقل أهمية عن الجانب السياسي، وان البلاد مثلما يجب أن تحرر سياسياً يجب أن تحرر مالياً وتحقق استقلال اقتصادي.
فكان له الفضل مع مجموعة من أصدقائه في تأسيس جمعية لتعميم النقابات الزراعية بمديرية الدقهلية في يوليو 1919، وعمل على أحياء الحركة التعاونية والتي ركدت أثناء الحرب العالمية الأولى، واعقب ذلك إنشاء جمعيات التموين الخيرية وذلك لمكافحة الغلاء، وتم إنشاء جمعية التموين الخيرية بالمنصورة، وكانت تهدف لشراء المواد الغذائية والحاجات الضرورية وبيعها للفقراء بدون ربح، وأسست جمعيات اخرى في عدد من المدن، وكان يقبل الموسرين عليها للاكتتاب فيها،وقام بالكتابة في صحيفة "الأخبار" عدة مقالات بعنوان "تطبيق مبادئ التعاون لمكافحة الغلاء وجمعيات التموين الخيرية".
كما ساهم الرافعي في الدعاية للاكتتاب في بنك مصر حيث أسست عام 1921 في المنصورة لجنة لتوزيع أسهم بنك مصر في الدقهلية، كان الرافعي مشرفاً عليها، وكتب عدة مقالات في "الأخبار" بعنوان "بنك مصر وبنوك بولونيا" وذلك كدعوة منه للإقبال على أسهم البنك.

في البرلمان
تم انتخاب الرافعي نائباً في البرلمان عن دائرة المنصورة عام 1924، وذلك في تأييد شعبي كبير له، متفوقاً على مرشح الوفد، وكانت هذه هي أول انتخابات تم إجرائها تبعاً لدستور 1923، وتولى رئاسة المعارضة بمجلس النواب على نهج مبادئ الحزب الوطني، ووقعت بعض المصادمات بينه كزعيم للمعارضة وبين أعضاء حزب الوفد.
جاءت بعد ذلك استقالة سعد زغلول من رئاسة الحكومة، فتألفت وزارة زيور باشا وصدر مرسوم بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة، وتمكن الرافعي من الفوز بالانتخابات مرة أخرى عام 1925، إلا أن المجلس حل في نفس يوم انعقاده.
وحدثت حالة من عدم الاستقرار في الحياة النيابية في الفترة اللاحقة وعطلت لحوالي ثمانية أشهر، وانسحب الرافعي من الترشيح لمجلس النواب، وظل بعيداً لمدة 13 عام ثم ما لبث أن عاد مرة أخرى كعضو منتخب بمجلس الشيوخ عام 1939 وظل به حتى انتهت عضويته عام 1951م.

تأريخ الحركة القومية
عشق الرافعي التاريخ وأبرز أهمية أن يتعلم الشعب بمختلف طبقاته تاريخ بلاده، ومن هنا يفهم الشعب بلده ويقدرها حق قدرها، ويربط بين ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وجاءت الفترة التالية في حياة الرافعي متفرغاً فيها لتاريخ الحركة القومية لمصر الحديثة، بداية من أواخر القرن الثامن عشر، وكانت البداية مع " تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر " ويتضمن كفاح الشعب ضد الحملة الفرنسية.
وكان ظهور الجزء الأول لكتابته في التاريخ عام 1929، وجاء هذا الجزء يضم دراسة نظام الحكم في عهد المماليك والحالة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد قبل مجيء الحملة الفرنسية، ثم أسبابها ومقدماتها ووقائعها وأحداثها.
ثم تتابعت الأجزاء المشتملة على تاريخ مصر فأصدر الجزء الثاني في أواخر ديسمبر 1929، متضمناً تاريخ مصر القومي من إعادة الديوان في عهد نابليون إلى جلاء الفرنسيين، ثم ارتقاء محمد علي الكبير عرش مصر، ثم توالت إصداراته بعد ذلك فقدم "عصر محمد علي"، ثم "عصر إسماعيل"، ثم "الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي"، و"مصر والسودان"، ثم كتابي "مصطفى كامل"، و"محمد فريد"، ثم كتاب "ثورة 1919" وصدر عام 1946 في جزأين، ثم "في أعقاب الثورة المصرية" وجاء في ثلاث أجزاء وضم الأول تاريخ مصر القومي من نهاية الثورة وحتى وفاة الزعيم سعد زغلول، وأشتمل الجزء الثاني على تسلسل الأحداث من وفاة سعد زغلول وحتى وفاة الملك فؤاد الأول 1936، وأعقبه الجزء الثالث من صعود الملك فاروق عرش مصر وحتى عام 1951.

المناصب التي شغلها
شغل الرافعي خلال حياته العديد من المناصب نذكر منها اختياره وكيلا لنقابة المحامين 1939، وعين وزيرا للتموين في وزارة ائتلافية عام 1949، وتم اختياره نقيبا للمحامين عام 1954، كما كان عضواً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ومقرراً للجنة التاريخ والآثار به.

مؤلفاته
قدم الرافعي العديد من المؤلفات منها أولى مؤلفاته عام 1912 "حقوق الشعب"، تبعه بكتاب أخر عام 1914 عن التعاون الزراعي وكان أول كتاب ظهر عن التعاون في مصر، ثم كتاب "الجمعيات الوطنية" 1922، ثم قدم مؤلفاته الهامة والتي أرخ فيها لتاريخ الحركة الوطنية في فتراتها المتعاقبة لمدة ثلاثين عاماً، فقدم مجموعة من الكتب في تاريخ مصر الحديث منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى وفاته، كما قدم كتاب "مذكراتي" في الفترة ما بين 1889 – 1951، "مجموعة أقوالي وأعمالي في البرلمان"، "بحث وتحليل معاهدة 1936".

الوفاة
جاءت وفاة الرافعي في الثالث من ديسمبر 1966، بعد حياة حافلة بين الوطنية والتاريخ، ويذكر أنه تم تكريمه فحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1960.
وكان الرافعي قد تزوج من السيدة عائشة محمد المعايرجي وهي ابنة خاله عام 1920، وكان حينها في الحادية والثلاثين من عمره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.