طريقنا أنت تدرى/ شوكٌ ووعرٌ عسيرُ.. موتٌ على جانبيه/ لكننا سنسيرُ.. الآن بتنا ندرك أنهم لم يكتفوا بما سفحوه من دمائنا. مئة ألف لتر دم نزفها الشهداء والجرحى على الأسفلت لم تقنعهم بأننا لن نقبل الذل. ما بالهم لا يفقهون ولا يفهمون؟.. ما بالهم لا يدركون أن طائرات إف 16 والقنابل والمدافع وجميع أدوات الفناء لن تفنينا ولن تثنينا عن طلب الحرية والحصول عليها ولو كره الكاذبون المنافقون الذين يضمرون لنا غير ما يظهرون. بتنا نعلم أن الطريق وعر شديد الوعورة، وأن الموت يكمن لنا على جانبيه، وأصبحت الصورة جلية فعرفنا من معنا ومن ضدنا، ووعينا أن الانعتاق من الأسر يحتاج إلى تضحيات. بتنا نعلم أن الآلاف منا سيموتون ولسنا نهاب من وعورة الطريق، إنما نبكى مقدما على رفاقنا الذين سنفتقدهم ولن يحتفلوا معنا بالنصر. كنا نتصور أننا قضينا بالثورة على الطوارئ التى كان يقرها مجلس الشعب المزور، فعادت الطوارئ بمشيئة سلطانية وبالمخالفة للقانون والإعلان الدستورى والاستفتاء الذى أقرته جموع المصريين.. ليس هذا فقط وإنما وجدت الطوارئ رئيسا للوزراء يؤيدها، كنا نحسبه منا، فإذا به من رجال مبارك وحبيب العادلى! وكنا نظن أننا دفنا إلى غير رجعة قانون الضرائب العقارية الذى صاغه اللص يوسف بطرس بتعليمات من رئيس العصابة حسنى مبارك فعاد قانون الضرائب العقارية، وكنا نظن أن العلاقات ستعود مع إيران فظلت إيران هى العدو وإسرائيل هى الصديق الذى يقتل أبناءنا دون أن نضيق أو نتبرم! كنا نأمل فى إقرار الحد الأدنى للأجور بمبلغ طبيعى يسمح للناس بالحياة، فإذا بهم مصرون على إذلال الناس وكأن النطع منهم يدفع للناس من جيب أمه وليس من فلوس شعب مصر، وتبريرهم الخائب أن الميزانية خاوية والإيرادات ضعيفة مع أن طوارئهم هى التى تخيف المستثمرين، وهم الذين سمحوا لرجال العصابة بتحويل الأموال والهروب بها إلى الخارج، ثم لم يبذلوا جهودا حقيقية لاستعادتها، كما أنهم ما زالوا يتركون الثروات المنهوبة فى حوزة القتلة والقوادين واللصوص، سواء الذين داخل القفص أو الذين خارجه.. ثروات على شكل أرصدة وأراض ومزارع وقرى سياحية ومصانع مسروقة، لم يجرؤوا على استردادها من سارقيها. كنا نعتقد أننا سنحرر القضاء والنيابة، فإذا بالمشوار بعيد، وإذا بوكيل نيابة يعذب طبيبة حاولت منعه من اقتحام غرفة العناية المركزة دون أن يلقى عقابه، وإذا بالمخبر الحاصل على سيارة «بيجو» من مباحث أمن الدولة، والذى أصدر أحكاما قاسية على كل الأبرياء الذين أمره أسياده بمعاقبتهم ما زال يجلس على المنصة ويعبث بمصائر الناس بعد أن فشلنا فى إقصائه ومحاكمته. ظننا أننا سنقتص من القتلة الذين قنصوا أبناءنا من فوق الأسطح، ففوجئنا بوزير الداخلية يحميهم ويتستر على جرائمهم ويصر على إنكار وجودهم، وذلك على الرغم من أن أحدا لم يتهمه بأنه كان يقف معهم فوق السطوح ويطلق النار على الثوار، لكنها الرغبة الغريزية فى معاداة الضحايا ومساندة القتلة.. ليس هذا فقط وإنما اتهام الشهداء الأبرار بأنهم بلطجية مجرمون! كذلك أردنا أن نطهر الإعلام من القاذورات التى علقت به طوال حكم المخلوع، فإذا بالتغييرات الإعلامية أسوأ منها فى العهد البائد، وإذا بالممارسات الإعلامية تتخذ طابعا نازيا لم يجرؤ الملعون نفسه عليه، مثل اقتحام القنوات التليفزيونية بقوات غاشمة تحت ذرائع وحجج لا يقول بها سوى السفهاء الذين يظنون أن الأيام السوداء ستطول وستسمح لهم بالبقاء على المقاعد الملوثة بالدماء. الطريق ما زال طويلا لكن أشواق الحرية ستشكل سيلا بشريا يجرف فى طريقه كل النفايات. «طريقنا أنت تدرى/ شوكٌ ووعرٌ عسيرُ. موتٌ على جانبيه/ لكننا سنسيرُ».