قرر البرلمان اللبناني كسر الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من 3 أشهر بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت مايو الماضي، وذلك من خلال عقد جلسة عامة دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري والتي انطلقت اليوم، وتستمر أعمالها لمدة يومين، على الرغم من التعثر في تشكيل الحكومة. الجلسة الاستثنائية التي تأتي في ظل غياب حكومة لبنانية، اقترح البرلمان تسميتها "جلسة تشريع الضرورة"، فيما اقترح آخرون تسميتها "الأولويات التشريعية"، وسيناقش خلالها عدة بنود مُلحة بحاجة إلى التشريع لا سيما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وفي مقدمتها ملف الكهرباء. وبرز ملف الكهرباء الخلافي من خلال تغريدات على "تويتر" وتصريحات لمسؤولين، قبل انعقاد الجلسة، وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ، قائلًا: "في ملف الكهرباء ليت المعنيين يسمعون ما قاله النائب ياسين جابر ، صوت مدو ينضم إلى الحريصين على المصلحة العامة يفضح مهزلة البواخر التركية التي هي أحد الأسباب الرئيسية للعجز و الدين العام ". الجلسة والدستور وحول دستورية انعقاد هذه الجلسة في ظل غياب الحكومة، رأى البعض أن الدعوة لهذه الجلسة اتفاق سياسي ولا يمكن اعتبارها خطوة تنسجم مع نصوص الدستور، لأن نص الدستور يوضح بأنه لا تشريع بحالة استقالة الحكومة، خاصة وأن مشاريع القوانين المطروحة في مجلس النواب في حال أقرت يتطلب نشرها توقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص. من جانبه رأى الخبير الدستوري حسن الرفاعي، عدم دستورية عقد المجلس النيابي جلسات تشريعية في ظل وجود حكومة مستقيلة، واكتفى بالقول: إن المادة 69 من الدستور لا تبيح انعقاد المجلس في جلسات تشريعية، بحسب "المدن". اقرأ أيضًا: تعثر جهود الحريري في تشكيل الحكومة اللبنانية يقود الاقتصاد للهاوية فيما أكد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي ل"سبوتنيك" أن هذه الجلسة هي من صلب تنفيذ النص الدستوري الذي يقول إن مجلس النواب هو الجهة التشريعية الوحيدة في لبنان، وهذه مهمة المجلس، وهو سيد نفسه لا شريك لأحد فيه على الإطلاق.. فالدستور فيما بعد تحدث عن التعاون بين السلطات، ولكن التشريع أمر من المسلمات الرئيسية لا نقاش فيه". وقال الفرزلي: إن هناك قوانين أقرت في اللجان النيابية المشتركة بعد مدة طويلة من المناقشات في المجلس النيابي، وهي مهمة ولها علاقة بمؤتمر "سيدر" وبعض الاتفاقات الدولية التي تتعلق بمسائل القروض واقتراح قانون يتعلق بمسائل الإسكان في لبنان، وبالتالي معظم المشاريع التي سيحاولون إقرارها تتعلق بأمور تساهم بتحريك العجلة الاقتصادية والنقدية، وهي ضرورية، وكان هذا هو السبب الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري بدعوة هيئة المكتب لدراسة انعقاد جلسة تناقش وتقر فيها القوانين. الخبير الدستوري صلاح حنين اعتبر أيضًا أن فلسفة الدستور قائمة لتسيير العمل وانتظام عمل المؤسسات وليس لتعطيل الحياة الدستورية، موضحا أن مقدمة الدستور تشير إلى مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها - بمعنى أن كل سلطة قائمة بحد ذاتها، والدستور لا ينص على إلزامية حضور الوزراء جلسات مجلس النواب، بل يستطيعون الحضور إذا شاءوا والمجلس يؤدي عمله بمعزل عن حضورهم. تكثيف الجلسات من جانبه انتقد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، تأخر تشكيل الحكومة اللبنانية خاصة في ظل تعدد الأزمات وتعقدها في العديد من قطاعات الدولة الحيوية. اقرأ أيضًا: هل تعرقل السعودية تشكيل الحكومة اللبنانية؟ وأضاف برى في تصريح لصحيفة "الجمهورية" اللبنانية، أنه ينتوي تكثيف وتيرة الجلسات التشريعية العامة من أجل البت في كل مشاريع واقتراحات القوانين التي تكون جاهزة، مضيفًا أن تأخير تشكيل الحكومة يأتي نتيجة التجاذب حول الحصص الوزارية بين الفرقاء السياسيين، حيث تشكل الحاجة إلى معالجة الملفات الملحة حافزًا للإسراع في عملية التأليف. واعتبر رئيس النواب اللبناني أن تعدد الأزمات، فيما يتعلق بالأوضاع الصحية واحتلال البلاد المركز الأول فى عدد مرضى السرطان على مستوى العالم العربي، واجتياح مصادر التلوث والفوضى على نطاق واسع، واستفحال نقص الكهرباء، وعدم تنفيذ القوانين، وواقع مطار بيروت، وغير ذلك إنما يعكس الواقع المهترئ والمترهل الذي وصلنا إليه. الاحتجاجات بالتزامن مع انعقاد أول جلسة تشريعية بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، نظَم "ائتلاف إدارة النفايات" وقفة احتجاجية عند مدخل مجلس النواب، لمنع إقرار قانون إدارة النفايات في الجلسة التشريعية، مطالبين النواب بإعادته إلى اللجان النيابية لدراسته وتعديله بما يضمن السلامة العامة. ورأى النائب أسامة سعد، الذي شارك في الوقفة، أن ملف إدارة النفايات الصلبة في لبنان تتحكم به السياسة والمافيات، وله انعكاسات خطيرة على صحة اللبنانيين، ويجب أن يُعالج بطريقة مختلفة. من جهتها، قالت النائبة بولا يعقوبيان: "نرفض تشريع المحارق عبر المجلس النيابي لأن السرطان والأمراض في ارتفاع، ومن الضروري عدم إقرار قانون إدارة النفايات"، بحسب "الوكالة الوطنية للإعلام". اقرأ أيضًا: «الحصص الوزارية وإجازات المسؤولين».. عقبات أمام تشكيل الحكومة اللبنانية كان "ائتلاف إدارة النفايات" وجَه كتابًا عاجلًا وطارئًا إلى النواب اللبنانيين، اعتبر فيه أن القانون المطروح حاليًا لا يرقى إلى مستوى القوانين الإطارية العصرية لإدارة النفايات، التي تعتمد على تطبيق الاقتصاد الدائري، وتحميل المنتج مسؤولية إدارة النفايات والعمل الجدي على التخفيف من إنتاج النفايات واسترداد المواد". ويعاني لبنان من مشكلة مستعصية في مجال إدارة النفايات، بلغت ذروتها في صيف عام 2015، حين تم إغلاق "مطمر الناعمة" (جنوببيروت) بعد تحركات شعبية من قبل أهالي تلك البلدة، احتجاجًا على الخطر البيئي والصحي المترتب على وجود (المطمر) بجوار منازلهم، وقد أدى ذلك حينها إلى توقف شركة "سوكلين" عن جمع النفايات لعدم وجود مكان آخر لرميها، قبل أن ينتهي عقدها الموقع مع الحكومة اللبنانية منذ التسعينيات، لتغرق البلاد في النفايات. اقرأ أيضًا: «تقنين الحشيش».. خطة لبنانية لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار