رغم التحديات التى يواجهها اللاجئون جراء أتون الحرب في بلدانهم، إضافة إلى الهواجس الأمنية والتحديات التي تسببوا فيها لدى الدول التي استضافتهم، فإن الأردن كان مثالا يحتذى فى التعاطى مع الأزمة، خاصة أنه استقبل أكثر من نصف مليون لاجئ من سوريا في ظل الحرب المستمرة منذ 7 سنوات، إلى أن أغلق الحدود عام 2016 بعد هجمات ل"داعش". فسياسة الحدود المفتوحة التي انتهجها الأردن عام 2011، والتزامه بتوفير ملاذ آمن للسوريين، وفرت للاجئين خدمات تعليم ورعاية صحية أكثر من المأوى. حيث كان بمقدور أبناء اللاجئين ارتياد المدارس مجانًا، إلا أن الشهادات التي ينالها الطلاب غير معترف بها، ولا يتم اعتمادها، ما يمنعهم من التسجيل في المدارس العامة الرسمية في المستقبل أيضًا. وما إن أطلق الجانب السوري دعوة لإعادة اللاجئين إلى موطنهم، حتى تلاشت مخاوف الأردن، خاصة بعد تحقيق الجيش السوري انتصارات كبيرة في العديد من مناطق الصراع، التي شهدت دمارًا هائلا في البنية التحتية، بحسب "عمون" الأردنية. اقرأ أيضًا: سوريا تعيد أبناءها من لبنان.. وتحركات روسية لتخفيف معاناتهم وسرعان ما لاقت الدعوة السورية ترحابًا كبيرًا أيضًا من قبل اللاجئين، لتبدأ رحلة العودة مجددا بعد الانتهاء من جميع الترتيبات التي تضمن توفير حياة كريمة مجددًا. البداية كانت من خلال إعلان السلطات السورية استكمال الترتيبات اللوجيستية في مركز نصيب الحدودي مع الأردن من أجل استقبال النازحين السوريين العائدين إلى وطنهم، تمهيدًا لنقلهم إلى قراها وبلداتها التي حررها الجيش من الإرهاب، بحسب "وكالة سانا". محافظ درعا أكد إنشاء معبر مؤقت لاستقبال اللاجئين العائدين من الأردن إلى حين إعادة فتح المعبر الرسمي الذي دمر المسلحون معظمه خلال الفترة الماضية. وعكف الجيش السوري على إحضار عيادتين متنقلتين و3 سيارات إسعاف لتقديم الخدمات الصحية للمهجرين فور وصولهم إلى المركز، إضافة إلى تجهيز مستلزمات الغذاء وإحضار عدد من الحافلات لنقل المهجرين من المركز الحدودي إلى منازلهم. اقرأ أيضًا: الأسد يسترد لؤلؤة الشرق الأوسط.. ويعيد التلاحم بين السوريين فتح المعبر الحدودي وعودة اللاجئين ليس فقط ما يسعى إليه النظام السوري، حيث يمهد الأخير إلى عودة حركة النشاط التجاري بين الأردنوسوريا بعد تجمد العلاقات بين البلديين لعدة سنوات مابعد الحرب. مساعي النظام السوري لإعادة اللاجئين من الأردن لم تكن الخطوة الأولى، بل سبقها عشرات المبادرات من قبل الجانب الروسي بالتنسيق مع الدول الأوروبية أيضًا لإنهاء أزمة المهجرين وإعادتهم إلى سوريا طواعية، خصوصا أن موسكو قدمت للولايات المتحدة مقترحات حول تنظيم العمل لإعادة اللاجئين من الأردنولبنان. رئيس المركز الوطني لإدارة شؤون الدفاع الروسي الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف قال في وقت سابق: إن "ما يساعد على تحقيق التقدم في هذا الاتجاه، هو الاتفاقات التي شهدت تقديم مقترحات محددة إلى الجانب الأمريكي حول تنظيم عملية عودة اللاجئين إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب"، وفقا ل"روسيا اليوم". أما المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ميليسا فليمنج، فقد أشارت إلى إجراء محادثات مع المسؤولين الروس للبحث في تفاصيل ونطاق الخطة المقترحة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، ملتزمة المعايير الدولية لضمان أن تكون عودتهم طوعية وآمنة ومستدامة وتحفظ كرامتهم، بحسب الحياة اللندنية. اقرأ أيضًا: مهاجرو رحلة الموت يشعلون الخلاف بين حلفاء الاتحاد الأوروبي اللافت هنا أنه في أعقاب تصريحات فليمنج، كشفت مفوضية اللاجئين عن إحصائية أعدتها حول أعداد اللاجئين العائدين من الأردن إلى سوريا، مؤكدة أنه منذ بداية عام 2018 وصل إلى سوريا نحو 1.769 لاجئ، بإجمالي 17 ألفا و149 لاجئا من أصل 668.123 مسجلين لدى المفوضية. مفوضية اللاجئين أوضحت أن مدينة درعا احتلت المرتبة الأولى بين العائدين بنسبة 69%، أعقبها مدينة حلب بنسبة 9%، ثم دمشق بنسبة 8%، وأخيرًا حمص والرقة، وفقا للصحيفة اللندنية. يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أن استمرار فتح طرق آمنة وتوفير بيئة خالية من الصراعات، ستوفر ملاذا آمنا لعودة اللاجئين إلى بلدانهم، وهو ما يسمح في نهاية المطاف إلى لم شمل العائلات.