في الوقت الذي يشتد التوتر بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوتركيا، هناك مساعٍ حثيثة من قبل أنقرة لإغلاق قاعدة إنجرليك والتي تمثل قوة استراتيجية لأمريكا في الشرق الأوسط، وذلك ردًا على العقوبات التي ساهمت بشكل فعال في تدهور الاقتصاد التركي. كشفت وثائق نشرتها وسائل إعلام أمريكية، أن مجموعة من المحامين القريبين من الحكومة التركية قدموا مذكرة إلى محكمة أضنة، أقرب مدينة إلى قاعدة إنجرليك، للمطالبة بتوقيف ضباط أمريكيين لاتهامهم بالمشاركة في محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في يوليو 2016. الوثائق كشفت أن بين المسؤولين العسكريين الأمريكيين المطلوب توقيفهم، قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل، بحسب "رأي اليوم". مساعي الإدارة التركية لاعتقال القائد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، قد تكون تمهيدًا لإغلاق قاعدة إنجرليك العسكرية، والتي تمثل محورًا استراتيجيًا هامًا لواشنطن في الشرق الأوسط، وخاصة في حماية مواردها النفطية في المنطقة. اقرأ أيضًا: لماذا تصر تركيا على التعاون مع إيران ومعاداة أمريكا؟ محللون يرون أنه في حال إغلاق القاعدة الجوية الرئيسية للحلف الأطلسي في تركيا والتي تشكل مركزًا لعمليات التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، فإن أنقرة هي التي ستدفع الثمن غاليًا، وفقا ل"فرانس برس". ورغم تلك التحذيرات، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدد تحذيره لواشنطن بأنه قد يضطر إلى البحث عن أصدقاء جدد وحلفاء جدد. في المقابل، سعى وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس للتخفيف من وطأة الأزمة، وعمد على طمأنة دول الناتو، مؤكدًا أن العلاقات بين قوات البلدين لم تتغير، وأن هناك تعاون وثيق. لكن القائد السابق لقوات الحلف الأطلسي جيمس ستافريديس يرى أن الوضع مقلق، قائلًا: إن "خسارة تركيا ستكون خطأ جيوسياسيًا هائلًا"، مضيفًا "يجدر بنا أن نتمكن من وقف ذلك، لكن يعود لتركيا في المرحلة الراهنة القيام بالخطوة الأولى"، وفقًا لشبكة "إم إس إن بي سي". اقرأ أيضًا: هل تنتهي الأزمة بين تركياوالولاياتالمتحدة؟ أما مدير مركز الدراسات حول الشرق الأوسط جوشوا لانديس، فقد عبر عن رأيه بالتأكيد على أن تركيا هي التي ستعاني الأكثر جراء الأزمة مع واشنطن، محذرا من الإقدام على خطوة إغلاق القعدة العسكرية، بحسب "فرانس برس". الباحث الاستراتيجي، قال: "أعتقد بقوة أن إنجرليك ستظل مفتوحة"، موضحًا أن طرد الولاياتالمتحدة سيشكل انتكاسة كبرى لتركيا، ولا أظن أن أردوغان يريد ذلك. لكن مع ازدياد الوضع اضطرابًا في تركيا، دعى بعض الخبراء إلى الحد من اعتماد القوات الجوية الأمريكية على القاعدة العسكرية في تركيا. وصرح ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، "لست أقول أن علينا قطع علاقاتنا مع تركيا، لكن العنصر الذي يميل الأتراك إلى التلويح به أكثر من سواه، الوصول إلى قاعدة إنجرليك، يفقد من أهميته أكثر وأكثر"، بحسب وكالة عمون الأردنية. بينما نشر مركز بايبارتيزان بوليسي سنتر للأبحاث الذي يشجع على التسويات بين الجمهوريين والديموقراطيين، على موقعه خارطة للمنطقة أدرج عليها كل الحلول البديلة الممكنة عن قاعدة إنجرليك للعمليات الأمريكية في الشرق الأوسط، لا سيما قواعد جوية في الأردن والكويت، موضحا أن الأزمة مع الولاياتالمتحدة قد تكلف تركيا غاليًا على صعيد البرامج العسكرية. اقرأ أيضًا: بعد عقوبات ترامب.. هل تشتعل الحرب التجارية بين أمريكاوتركيا؟ السؤال الأبرز هنا.. ما أهمية القاعدة التركية بالنسبة لأمريكا؟ البداية كانت من خلال تشييد الولاياتالمتحدة لقاعدة إنجرليك بجنوب تركيا عام 1951، خلال حقبة من الحرب الباردة، حيث تستخدمها واشنطن كقاعدة خلفية لعمليات العسكرية في المنطقة، وكانت تُخزن بها نحو 70 رأسًا نوويًا من ضمن قوة الحلف الأطلسي الرادعة. وتشكل القاعدة نقطة انطلاق للعديد من الحملات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم طوال عقود، فضلا عن استخدامها كمركز تخزين إقليمي، إضافة إلى أنه تبعد 100 كيلومتر من الحدود السورية. ومنذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، عكفت القاعدة العسكرية على القسم الأكبر من المساعدة اللوجستية لعمليات الحلف الأطلسي في أفغانستان. وزادت أهمية إنجرليك في الحملة التي قادتها الولاياتالمتحدة على تنظيم داعش في يوليو 2015، وعرفت باسم "العزم الصلب"، وخلالها كانت الطائرات الألمانية تزود بالوقود، وتجمع المعلومات الاستخباراتية وتوجه ضربات جوية انطلاقا من القاعدة.