منذ بداية حملته الانتخابية، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مصرا على القضاء على الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما كان واضحًا في قراراته وتصرفاته. صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، ترى أن تركيز ترامب على الاتفاق النووي والانسحاب منه، أدى إلى تجاهل التهديد الحقيقي الذي تشكله إيران. حيث تسبب إهدار إدارة ترامب الكثير من الطاقة في مهاجمة الاتفاق النووي "الفعال"، في تصعيب تطوير إدارته لرد مناسب على مشكلة موجودة بالفعل، وهي عدوان إيران "غير النووي" في الشرق الأوسط. وكثيرا ما اتهم الجمهوريون إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بتأمين الاتفاق النووي على حساب مواجهة أعمال إيران على جبهات أخرى، لكن الآن، وعلى الرغم من تعيين ترامب عددا من "الصقور" في إدارته مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، فإن "ترامب" هو الذي فشل في ردع إيران، حيث يركز فقط على القضاء على اتفاق إيران النووي. اقرأ المزيد: كيف يهدد انسحاب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران المحادثات مع كوريا الشمالية؟ ما لا يستوعبه ترامب هو أن المفاعلات النووية الإيرانية لم تعد تعمل، لكن الحشد العسكري من قبل قوات الحرس الثوري الإسلامي مستمر بلا هوادة. حيث يمتلك الحرس الثوري شبكة من الحلفاء في جميع أنحاء المنطقة، حيث يمارس نفوذه في سوريا بدعم مباشر لبشار الأسد، وفي العراق عبر الميليشيات الشيعية، وفي لبنان من خلال حزب الله، وفي اليمن من خلال الحوثيين، وفي غزة عبر حماس. هذا النطاق الإقليمي الواسع يمنح الحرس الثوري وجودًا على حدود إسرائيل والمملكة العربية السعودية، كما تواجه إيران تهمًا بتنظيم وتسليح معارضي الحكومة في دول الخليج السنية. وأكدت الصحيفة، أن الانسحاب من الاتفاق النووي لن يعالج قضية واحدة من هذه القضايا، لكنه سيضعف القادة الإيرانيين الذين يفضلون التعامل مع الغرب، وفي الوقت نفسه سيعمل على تعزيز دور الحرس الثوري وغيره من المتشددين. وأضافت أنه إذا كان ترامب جادا في مواجهة إيران، فعلى إدارته اتخاذ أربع خطوات مهمة: منع تهريب الأسلحة الإيرانية أولًا، على ترامب أن يعطي الأولوية لإنهاء تدفق الأفراد والمعدات من إيران إلى حلفائها، حيث يستخدم الحرس الثوري طرقًا جوية وبرية وبحرية لنقل الأسلحة لحلفائه، بمساعدة من الحكومات في العراق وقطر التي تسمح لها بالوصول غير المقيد إلى مجالها الجوي وموانيها. حيث تحتاج الإدارة إلى مقاربة دبلوماسية منسقة، باستخدام استراتيجية العصا والجزرة لجعل العراق وقطر يتصديان لشحنات الأسلحة الإيرانية، لكن بدلا من ذلك، تجاهل ترامب العراق، ودعم حصار دول الخليج لقطر، الأمر الذي دفع الدوحة إلى الاقتراب من طهران. اقرأ المزيد: ماذا سيحدث إذا انسحب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران؟ مواجهة حلفاء إيران ثانيًا، يجب على ترامب تعبئة جهود دولية واسعة النطاق ضد حلفاء إيران، بدلًا من إهدار جهود الإدارة السياسية في الجدال مع حلفاء أمريكا وشركائها حول صفقة نووية يدعمونها جميعًا. وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه يجب على الإدارة أن تدرج "حزب الله" فى قائمة المنظمات الإجرامية الدولية، ومن ثم الضغط على البلدان في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية وأوروبا لكي تحذو حذوها. حيث تبنى وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، فكرة قريبة من ذلك الأمر، عندما دعا في جلسة الاستماع قبل تعيينه، إلى شن حملة عالمية لتسليط الضوء على سلوك إيران السيئ، لكن هذا لم يحدث. وأشارت "لوس أنجلوس تايمز" إلى أنه يتعين على ترامب توجيه وكالات المخابرات الأمريكية، لمشاركة الحكومات الأجنبية في أرقام الطائرات الإيرانية، التي استخدمت لنقل الأسلحة، وحثهم على عدم السماح لها باستخدام مجالها الجوي حتى لو كانت تحمل مدنيين الآن. تحجيم الوجود الإيراني في سوريا ثالثًا، يجب على الإدارة الأمريكية أن تمنع "طهران" من تأسيس وجود عسكري أكبر في سوريا، إلا أن "ترامب" قد أوضح أنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا، وهو ما سيسمح للحرس الثوري بتخزين المزيد من الأسلحة والقوات التي يمكن استخدامها لمهاجمة إسرائيل، واتبع الحرس الثوري نهجًا مماثلًا في لبنان، حيث أسس قواعد متقدمة تضم ما يصل إلى 120 ألف صاروخ موجه إلى إسرائيل. وأكدت الصحيفة، أنه بدلًا من الانسحاب من سوريا، يجب أن يضع ترامب خطة لاحتواء أو تقليل وجود إيران في سوريا، وأشارت إلى أن هذا لا يعني أن الولاياتالمتحدة يجب أن يكون لها وجود عسكري دائم، لكنه لا يعني أيضًا أن تتخلى الإدارة الأمريكية عن واجباتها للآخرين. اقرأ المزيد: تورط شركة إسرائيلية في جهود إدارة ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي وقالت إنه يجب، على الأقل، على الرئيس أن يقوم بزيادة الأصول الاستخباراتية وعمليات المراقبة والاستطلاع، لمواصلة مراقبة أنشطة إيران داخل سوريا. القضاء على خطر الحرس الثوري أخيرًا، يجب على الإدارة أن تتعامل مع مشكلة الحرس الثوري مباشرة، حيث يمتلك قادتها قبضة قوية على جزء كبير من الاقتصاد الإيراني، ويستفيدون من ثغرة في القانون الأمريكي تسمح بالاستثمار الأجنبي في الشركات التي يمثل فيها الحرس الثوري أقلية من حملة الأسهم، وهناك مشروع قانون يعده الحزبان في الكونجرس، يمكن الإدارة من إغلاق هذه الثغرة، لكنه لم يفعل بعد. خطوة أخرى مهمة من شأنها إضعاف الحرس الثوري، وهي خطوة من الواضح أن "ترامب" لا يريد أن يتخذها، وهي الإبقاء على الاتفاقية النووية في مكانها الصحيح. حيث تسبب ازدراء ترامب للاتفاقية في إلهائه عن فوائدها، حيث تضع حدا لبرنامج إيران النووي، ويسهل الاستثمار الأجنبي في إيران، وهو التنويع الذي يحد من الهيمنة الاقتصادية للحرس الثوري. وبدلاً من الانسحاب من الاتفاقية، على الإدارة الأمريكية أن تستغل ما تم تحقيقه، عن طريق عرض رفع العقوبات المتبقية، مقابل تقديم إيران تنازلات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من كل تهديداته ووعيده، فإن "ترامب" في الواقع يتساهل مع إيران، وبتركيزه الشديد على الاتفاق النووي، فقد تجاهل استراتيجية أوسع من شأنها احتواء دور إيران في المنطقة. مضيفة أنه إذا ما قام ترامب بالقضاء على الاتفاق النووي الإيراني، فإنه سيعزز موقف المتشددين والحرس الثوري المسئولين عن أسوأ سلوك إيراني.