يقترن شهر رمضان الكريم بحرص المواطنين في مختلف دول العالم على أداء الشعائر الدينية في توقيتاتها المحددة، تدخل الأسر المصرية والعربية في حالة طوارئ من نوع خاص، لشراء احتياجات و"لوازم" الشهر الكريم من مواد غذائية وسلع رمضانية و"ياميش" ولحوم ودواجن وتموين، بما يسد رمقهم طوال الثلاثين يومًا، ولكن الفاتورة تتضخم أكثر من أي شهر آخر وتعادل تكاليف 90 يوما عاديا. وتختلف الأجواء الرمضانية من بلد إلى آخر، ولكن يتفق الجميع على شيء واحد هو زيادة الإنفاق على (الطعام والشراب) بصورة تتكرر مع مطلع شهر الصيام وإهدار كميات هائلة من الغذاء وإلقائها في سلات القمامة، حيث يستحوذ شهر رمضان على 25% من حجم الإنفاق السنوي بمقدار 32 مليار جنيه بما يوازي 1.2 مليار جنيه في اليوم الواحد. "التحرير" رصد حجم الإنفاق علي الطعام سنويا بالدول العربية مقارنة بدخلهم السنوي، وجاءت الإحصائيات لترصد زيادة معدلات الإنفاق في المنطقة العربية عن غيرها من دول العالم. الجزائر ومصر في المقدمة تصدرت دولة الجزائر قائمة الدول العربية الأكثر إنفاقًا على الطعام في شهر رمضان بمعدل 43٫7%، من إجمالي الدخل القومي وفقا لاحصائيات نقلتها "سكاي نيوز" تليها مصر مباشرة بنسبة 43٫6% بينما احتل المغرب المرتبة الثالثة بواقع 43٫6% وجاءت الأردن في المركز الرابع بنسبة 40٫4%، ثم تونس بنسبة 35٫5%. وفي منطقة الخليج العربي تصدرت المملكة العربية السعودية القائمة بمعدلات إنفاق على الطعام تصل إلى 26٫1% من إجمالي الدخل القومي، تليها الكويت ب14٫4%، ثم الإمارات بنسبة 14٫4%، والبحرين 14٫1% وجاءت قطر في ذيل القائمة ب12٫3%. أمريكا الأقل عالميا في المقابل احتلت دولة الكاميرون صدارة الترتيب العالمي، من حيث معدلات الإنفاق السنوية علي الطعام ب46٫9% في المقابل جاءت الولاياتالمتحدةالأمريكية ضمن أقل الدول إنفاقًا على الطعام بنسبة 6٫7% ورصدت الإحصائيات إهدار قرابة 1٫3 مليار طن من الغذاء سنويا بقيمة تقدر بأكثر من تريليون دولار. أما من حيث أكثر الدول العربية إهدارا للطعام خلال شهر رمضان فكانت السعودية في المرتبة الأولى ب50 ألف طن من الطعام تذهب إلى النفايات وصناديق القمامة. أما قائمة أكثر أربع دول في إهدار الطعام بالكيلو جرام حول العالم فإن المنطقة العربية لم تخل من الترتيب أيضًا، بل تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة القائمة وجاءت في المركز الرابع ب196 كيلو جراما للفرد سنويا، بينما تقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ب287 كيلوا للفرد سنويا. وفي المركز الثاني جاءت إندونيسيا ب300 كيلو جرام للفرد سنويا وانفردت المملكة العربية السعودية بالمركز الأول عالميا ب427 كيلو جراما للفرد سنويا من حيث إهدار الطعام، في الوقت الذي بلغت فيه نسبة الطعام المهدرة عالميا 33٫3% بتكلفة تقدر ب750 مليار دولار سنويا. الشعائر الدينية تأتي في المؤخرة تقرير منظمة الفاو والأمم المتحدة الصادر عام 2016 يشير إلى أن الشعائر الدينية من الصلاة والصيام لم تكن في مقدمة أولويات الدول العربية، وإنما كان الطعام هو شغلهم الشاغل، وحسب التقريركانت كمية الطعام المهدرة في الدول العربية خلال شهر رمضان أكثر بكثير من باقي أيام العام حتى وصل إلى حد الإسراف والتبذير. وفي تقرير رسمي صادر عن وزارة الزراعة في المملكة تأتي السعودية في مرتبة متقدمة بين دول الخليج العربي برصيد 13٫3 مليار دولار من الطعام المهدر، بقيمة تقدر بأكثرمن 250 كليو في العام مقارنة ب115 كيلو جراما في الدول المتقدمة، و11 كيلو جراما للدول الفقيرة. وفي الإمارات تصل قيمة الإهدار إلى 4 مليارات دولار، وفي الكويت هناك مليون طن سنويا بما يعادل 400 كليو عن الفرد وفي قطر هناك 1٫4 مليون طن سنويا من الغذاء المهدر بما يعادل 636 كيلو جراما للفرد. 800 مليون مواطن تحت خط الفقر وأشارت الإحصائيات إلى أن العالم بحلوم عام 2050 سيكون بحاجة إلى 60% من الطعام، في الوقت الذي يوجد فيه 10% من سكان العالم تحت خط الفقر بما يوازي 800 مليون مواطن. دواجن ب120 مليون جنيه الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدرسات الاقتصادية يقول إن معدل إنفاق المصريين خلال شهر رمضان يتزايد بنسبة تتراوح ما بين 50 و100% ويختلف ذلك من أسرة لأخرى، موضحًا أن زيادة الطلب على الغذاء ليس وليد اليوم، لأن متوسط الاستهلاك خلال الشهر الكريم من اللحوم يتزايد من 17 إلى 30 ألف طن، ومن الدواجن يرتفع إلى 120 مليون دجاجة، مقابل 60 مليونا فى الشهور الأخرى. وأكد السيد ل"التحرير" أن الاستهلاك فى الزيوت يزيد من 60 إلى 75 ألف طن، كما يرتفع متوسط الاستهلاك من السمن النباتى من 25 إلى 75 ألف طن، واستهلاك السكر يزيد من 175 إلى 250 ألف طن نتيجة الإسراف فى الحلويات الرمضانية. 28 مليار رغيف "عيش" المصريون يستهلكون في شهر رمضان قرابة 28 مليار رغيف من الخبز، و70 ألف طن فول، قيمتها 220 مليون جنيه، و160 مليون دجاجة، و100 ألف طن حليب، حجم الاستهلاك الشهري من الألبان، من بينها 65 ألف طن تباع عن طريق الباعة الجائلين ومحلات البقالة، و60 ألف طن زبادي. ومن جانبه أوضح الدكتور صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر، أن معدل إنفاق المصريين خلال شهر رمضان يزيد بصورة كبيرة عن بقية العام، قائلا: "الأرقام كانت تشير إلى أن حجم إنفاق المصريين خلال العام الماضي بلغ مليار جنيه، وأعتقد أن هذا الرقم كان مبالغا فيه بصورة كبيرة، وفي ظل تعويم الجنية وارتفاع الأسعار سوف يتضاعف حجم الإنفاق هذا العام نظرًا لارتفاع أسعار السلع الغذائية". وأضاف أن هناك عددا من السلع الرمضانية مثل "الياميش" وقمر الدين والحلوى بالإضافة إلى اللحوم والأسماك والدواجن يرتفع استهلاك المواطنين منه بمعدلات تصل إلى 30% خلال شهر رمضان، مقارنة بحجم الاستهلاك فى باقي الشهور، بالتزامن مع فصل الصيف الذى يشهد ارتفاعا فى حجم الاستهلاك نتيجة عودة المغتربين وكثرة المناسبات الاجتماعية. ابحث عن السبب وحول أسباب ارتفاع معدلات الإنفاق على الطعام خلال أيام الشهر الكريم رجع صلاح الدين ذلك إلى عدّة أمور من بينها سهر المصريين، وزيادة الولائم الأسرية وإخراج المصريين لزكاة المال في هذا التوقيت من العام وزيادة استهلاك الكهرباء، كل هذه الأمور تزيد من حجم الإنفاق. كما أن هذا الحجم الكبير من الإنفاق يؤدي إلى وجود مزيد من الاستثمارات، حسب تعبيره لأنه يحفز المستثمرين ويقلل من الادخار لدى المواطن المصري، رغم وجود مجموعة من السلع يمكن الاستغناء عنها أو استبدال أخرى بها أقل في التكلفة. وعن حجم الطعام المُهدر لدى المصريين خلال هذا الشهر يضيف فهمي أن هذا الأمر قبل أن يكون اقتصاديا فقد حدده الشرع الإسلامي، حيث قال الله تعالى "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" فإذا تم الاحتفاظ بالطعام المتبقي أو التصدق به على الفقراء بدلاً من إلقائه فى صناديق القمامة سيقل الإهدار في الغذاء. 41 مليار جنيه طعاما في عام الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي يشير إلى أن معدلات إنفاق المصريين على الطعام في مصر خلال شهر رمضان بلغ أكثر من 41 مليار جنيه خلال العام الماضي وبالتالي فإن الرقم من المتوقع أن يكون هذا العام أكبر بكثير نتيجة وجود مجموعة من العوامل التي استجدت هذ العام. وعلى رأس العوامل التي تزيد من إنفاق المصريين هذا العام ارتفاع الأسعار بشكل كبير وهو ما سوف يؤثر بشكل كبير جدا عن السلع الرمضانية التي تحرص الأسر المصرية على اقتنائها قبل حلول شهر رمضان مثل الياميش والمكسرات وقمر الدين بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحوم وغيرها وهذه جميعها تؤثر على ميزانية المواطن المصري. خارج الموازنة هذا الكم الهائل من الإنفاق على الطعام في رمضان لا يؤثر بأية حال من الأحوال على الموازنة العامة للدولة حسب عبده، لأن الموازنة هي ما تتعلق بما تنفقه الدولة وليس ما ينفقه المواطن. الأسبوع الأول من رمضان وبحسب إحصائية أصدرها المركز المصري للدراسات السياسية والاقتصادية عام 2016، فإن طعام المصريين في رمضان يأتي في المرتبة الأولى من إنفاق الأسرة المصرية، والأرقام تكشف حجم الأزمة التي تعيشها مصر خلال شهر رمضان حيث يأكل المواطنون خلال الأسبوع الأول ما يقرب من 3.7 مليار رغيف و20 آلاف طن فول و80 مليون دجاجة، بذلك تنفق الأسرة المصرية 45.9% من إجمالى ميزانيتها على الطعام سنويا بمقدار 220 مليار جنيه، ويستحوذ شهر رمضان على 25% من حجم الإنفاق بمقدار 32 مليار جنيه أي في اليوم الواحد مليار جنيه وربع. بينما حجم الاستهلاك لهذه السلع يرتفع بنسب تبلغ 30% خلال شهر رمضان، مقارنة بحجم الاستهلاك في الشهور الأخرى، فالطلب علي لحوم الدواجن يرتفع أيضًا في رمضان، خاصة مع تزامنه مع فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعًا في حجم الاستهلاك نتيجة عودة المغتربين وكثرة المناسبات الاجتماعية. وهو الأمر الذي يجب أن يستعد له التجار لسد حاجة الأسواق، دون أن يؤثر ذلك على الأسعار لتتوافر أمام المواطنين بأسعار مناسبة وبالأخص من ذوي الدخل المحدود. وعلى الرغم من الشكوى الدائمة من تردي الوضع الاقتصادي، فإن الأرقام والإحصائيات تؤكد استمرار المصريين في إنفاقهم على الاستهلاكات الترفيهية لأن إنفاق المصريين ب19 مليون جنيه على الكعك في عيد الفطر المبارك، كما أن واردات مصر من السلع الاستهلاكية والترفيهية قد قاربت 4,9 مليار دولار، وهو ما يمثل 19,8% من إجمالي الواردات، وأن السلع الاستفزازية المستوردة قد سجلت ارتفاعا بنسبة 3,5%. كما تم فتح اعتماد مصرفي لاستيراد سلع رمضان بنحو مليوني دولار لاستيراد الفوانيس، و100 مليون دولار لاستيراد الياميش. 30 ألف طن لحوم وجاء في الدراسة أن معدل إنفاق المصريين في شهر رمضان يتزايد بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 100 في المئة بالاختلاف من أسرة لأخرى، وأن زيادة الطلب على الغذاء ليس وليد أمس، وتشير إلى أن متوسط الاستهلاك خلال شهر رمضان من اللحوم يزيد من 17 إلى 30 ألف طن، ومن الدواجن يرتفع إلى 120 مليون دجاجة، مقابل 60 مليونا في الشهور الأخرى. كما أن الاستهلاك في الزيوت يزيد من 60 إلى 75 ألف طن، كما يرتفع متوسط الاستهلاك من السمن النباتي من 25 إلى 75 ألف طن، واستهلاك السكر يزيد من 175 إلى 250 ألف طن للإسراف في الحلويات الرمضانية. فواقد الطعام تتزايد تتراوح قيمة الفقد في الغذاء في مصر في رمضان من 60 إلى 75 في المئة، كما أن المصريين ينفقون ما بين 30 إلى 45 مليار جنيه، خلال شهر رمضان، بواقع مليار إلى مليار ونصف المليار يوميا، متوقعا زيادتها خلال رمضان المقبل بسبب زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه، وارتفاع الأسعار. كما أن نسبة الفاقد الغذائي لا تقل عن 60%، يكون مصيرها صناديق القمامة، وتزداد إلى 75% في العزومات والولائم الرمضانية المتكررة. واختتم التقرير بإجمالي مصروفات المصريين في الشهر الكريم والتي تعادل تكاليف 90 يوما عاديا، وأن 83% من الأسر المصرية تغير عاداتها الغذائية خلال هذا الشهر، لتتضاعف النفقات بسبب العزومات والولائم الجماعية بنسبة 23%، بالمقارنة بالأشهر العادية، إضافة إلى ازدياد نسبة استهلاك المكسرات بنحو 25%، وكذلك زيادة استهلاك اللحوم والطيور، كما ترتفع نسبة استهلاك الزيوت والسكر بسبب الحلويات وكعك العيد.