موائد الرحمن وولائم الإفطار والسحور والخيم الرمضانية أهم سمات شهر رمضان ولكن هذا الكرم حين يتحول إلي إسراف تكون الكارثة ففي إحصائية لاتحاد الغرف التجارية أن معدل ما ينفقه المصريون علي الطعام في رمضان نحو30 مليار جنيه من جملة200 مليار جنيه ينفقها المصريون علي الطعام سنويا حيث تصل فاتورة استهلاك الدواجن نحو مليار و200 مليون جنيه أما الألبان فتتعدي700 مليون جنيه, كما نستورد من الياميش ما يعادل100 مليون دولار بخلاف فوانيس رمضان التي يزيد حجم تجارتها في رمضان إلي2 مليون دولار بخلاف ناتج الصناعة المحلية. أضف لذلك صناعة الحلويات و البقالة واللحوم الحمراء والمستوردة. وتؤكد تقارير اتحاد الغرف التجارية ومركز معلومات مجلس الوزراء زيادة الطلب علي الغذاء خلال رمضان حيث يزيد متوسط استهلاك اللحوم خلال شهر رمضان من17 إلي30 ألف طن, ويتضاعف استهلاك الدواجن إلي120 مليون دجاجة, مقابل60 مليونا في الشهور الأخري, وتزيد الزيوت من60 إلي75 ألف طن, كما يرتفع متوسط الاستهلاك من السمن النباتي من25 إلي75 ألف طن, واستهلاك السكر يزيد من175 إلي250 ألفا. يقول الدكتور عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية أن زيادة معدل الاستهلاك تتطلب زيادة في الانتاج, لكن هذا العام يأتي في ظل أزمة في إنتاج الدواجن نتيجة الحر وعدم جدوي أمصال الطيور وبالتالي سيكون الحل هو الاتجاه للاستيراد. ويقول أحمد يحيي رئيس شعبة البقالة والمواد الغذائية بالغرفة التجارية بالقاهرة ان مبيعات البقالة تزيد طوال رمضان بنسب كبيرة عن الأيام العادية نتيجة العزومات وكثرة الطعام علي موائد الإفطار بالإضافة إلي شنط رمضان التي توزع في الأعمال الخيرية. أما رجب العطار رئيس شعبة العطارة فيقول إن معدل استيراد الياميش يزيد قبل شهر رمضان وما يفيض يعرض طوال العام, حيث تم استيراد ياميش بحوالي100 مليون دولار هذا العام من الهند وسوريا وسيريلانكا وفيتنام وايران وامريكا. ويحذر حاتم صالح رئيس شعبة الألبان من خطورة منتجات الألبان علي الصحة العامة حيث أكدت دراسة حديثة أن60% منها لا يصلح للاستهلاك الآدمي مؤكدا أن انتاجنا المحلي من الألبان يصل إلي95% من حجم الاستهلاك السنوي وما يتم استيراده فقط5% تقريبا من ألبان البودرة وبعض أنواع الجبن. ويري محمد وهبة رئيس الشعبة العامة للقصابين باتحاد الغرف التجارية أن اللحوم المستوردة تشكل إجمالي60% من حجم سوق اللحوم. ويؤكد محمد شكري نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات أن استهلاك بعض السلع الغذائية يتضاعف في رمضان. ففي منتجات الألبان يتضاعف استهلاك الزبادي أربعة أضعاف استهلاك الأيام العادية أما الحلويات فيتضاعف استهلاكها8 أمثال ويزيد معها استهلاك السكر والدقيق أما البكينج بودر المستخدم في صناعة الحلويات يتضاعف استهلاكه10 أضعاف. كما يزيد استهلاك الخضروات والفواكه واللحوم بأنواعها الثلاثة البيضاء والحمراء والأسماك فضلا عن الياميش والبقوليات والأرز وغيرها. استهلاك طبيعي ويري الدكتور عبد الرحمن عليان استاذ الاقتصاد ووكيل كلية التجارة بجامعة عين شمس أن إنفاق المصريين30 مليار جنيه علي الطعام خلال شهر رمضان ليس رقما كبيرا مقارنة بعدد السكان الذي فاق80 مليون نسمة. ولكنه يؤكد ان الخطورة تكمن في انخفاض الناتج المحلي أمام حجم الاستهلاك والذي تلجأ بسببه الدولة والقطاع الخاص إلي الاستيراد فميزان أي دولة متقدمة يجب أن يفوق فيه حجم الانتاج المحلي معدلات الاستهلاك والاستيراد. ويوضح أن30 مليار جنيه علي الطعام يعود للأثرياء الذين يقيمون موائد الرحمن ويوزعون الزكاة التي يفضلون إخراجها خلال رمضان, وبالتالي تزيد معدلات مبيعات اللحوم والدواجن والبقالة التي تخرج أيضا في صورة شنط رمضان الخيرية. ولكنه يقول: إذا كان معدل إنفاق المصريين علي التليفونات يزيد علي20 مليار جنيه والمخدرات والسجائر وبنزين السيارات تقدر أيضا بمبلغ20 مليار جنيه أخري, فلماذا نري أن مبلغ30 مليار جنيه علي الطعام في رمضان كثير؟ مضيفا أن معدلات إنفاق الأوروبيين علي الطعام وحفلات رأس السنة تفوق كل التوقعات فهو موسم احتفالي بالنسبة لهم يصرفون في مبالغ كبيرة. ويقول اللواء محمد أبو شادي رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التجارة والصناعة ان الحديث عن زيادة إنفاق المصريين في رمضان علي الطعام أمر طبيعي خاصة في الأسبوع الأول, لكنه يشكك في أن المصريين ينفقون علي الطعام في رمضان30 مليار جنيه. ويري د. ابراهيم المنزلاوي الخبير الاقتصادي وعضو المجالس القومية المتخصصة أن هناك موروثات وعادات سيئة, فالمصريون يسرفون في المناسبات والاحتفالات. ورغم ان الدين يدعو لعدم الاسراف, وخص شهر رمضان بهذه الخصوصية وتقليل الطعام والشراب الا ان سلوكيات الناس علي موائد الرحمن تتنافي مع ذلك. فمن الطبيعي أن يكون الاستهلاك في رمضان أقل من ثلاث وجبات في الأيام العادية. اوضح ان الثقافة المصرية خلال شهر رمضان والمتمثلة في التباهي بكثرة العزومات والولائم السبب في زيادة الاستهلاك, وفيه نوع من التبذير يتناقض مع الحالة الاقتصادية التي تعيشها الأغلبية من الأسر المصرية مطالبا بتغيير ثقافة الاستهلاك والاسراف من خلال منظومة المجتمع المدني ووسائل الإعلام والأحزاب, فالتوعية هي الحل الوحيد. الدكتور محمد عبد الحليم عمر أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر يقول ان مظاهر الإسراف تتزايد في رمضان وإذا كان الجسم يحتاج يوميا600 سعر حراري من اللحوم فتكفي كل فرد قطعة لحم100 جرام أي أن كيلو اللحم مفترض أن يكفي10 أفراد.