يستقبل المواطن المصري رمضان هذا العام وسط أجواء متوترة وصعبة حيث شهدت الأسواق ارتفاعا في أسعار العديد من المواد الغذائية. هذا بالاضافة الي ان الأسرة المصرية هذا العام مطالبة بتوفير اربع ميزانيات خلال فترة محدودة جدا لقضاء إجازة المصيف, وشهر رمضان, وعيد الفطر والعام الدراسي, الأمر الذي أحدث ارتباكا وحالة من الاختناق في ميزانية الأسر المصرية. الا ان الأرقام تؤكد تمادي المصريين في إنفاقهم علي السلع الاستهلاكية ليصل الي مليار جنيه يوميا خلال الشهر الكريم. لذا كان هذا التحقيق. ارتفعت وتيرة الاستعدادات للموسم الرمضاني في مختلف القطاعات الغذائية, التي تري في هذا الموسم فترة استهلاك ذهبية لا ينافسها موسم آخر. حيث اشارت الأرقام الي ارتفاع أسعار عدد من المواد الغذائية الشهر الماضي مقارنة بما كانت عليه قبل عام فقد بينت المقارنة السنوية أن أسعار اللحوم الحمراء والدواجن قفزت بنسبة18.8%, بينما زادت أسعار الزيوت والدهون10.8%, والفاكهة20.6%, والخضراوات43%. ويقدر البعض معدل ارتفاع أسعار تلك المواد بنحو20%. كما زادت أسعار السكر نحو250 جنيها(44 دولارا) للطن. ويتراوح سعر كيلو التمر ما بين12 و22 جنيها, والزبيب ما بين20 و25 جنيها, والفستق ما بين65 و75 جنيها, والبندق ما بين28 و32, وهكذا عين الجميل, وجوز الهند ما بين10 و14 جنيها, والكركديه ما بين28 و40 جنيها, والمشمشية والتين والقراصية تجاوزت الثلاثين جنيها. ورغم ارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق لبعض السلع الرئيسية, فإن هناك استعدادات قامت بها الحكومة لتوفير هذه السلع بأسعار مناسبة, حيث عقد العديد من المستوردين في القطاعين العام والخاص تعاقدات لاستيراد العديد من السلع الغذائية في شهر رمضان. فحجم الاستهلاك لهذه السلع يرتفع بنسب تبلغ30% خلال شهر رمضان, مقارنة بحجم الاستهلاك في الشهور الأخري, فالطلب علي لحوم الدواجن يرتفع أيضا في رمضان, خاصة مع تزامنه مع فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعا في حجم الاستهلاك نتيجة عودة المغتربين وكثرة المناسبات الاجتماعية, وهو الأمر الذي يجب أن يستعد له التجار لسد حاجة الأسواق, دون أن يؤثر ذلك علي الأسعار لتتوافر أمام المواطنين بأسعار مناسبة وبالأخص من ذوي الدخل المحدود.كما تشهد أسعار فوانيس رمضان هذا العام زيادة تقدر بنسبة20% مقارنة بأسعار العام الماضي, نتيجة لالتزام المستوردين باستخراج شهادة( سي اي كيو) الصينية التي تلزم المستورد بمستوي جودة عال يوازي المواصفات العالمية. ولكن علي الرغم من الشكوي الدائمة من سوء الوضع الاقتصادي فإن الأرقام والإحصائيات تؤكد تمادي المصريين في إنفاقهم علي الاستهلاكات الترفيهية وقدر الخبراء إنفاق المصريين ب15 مليون جنيه علي الكعك في عيد الفطر المبارك, وتتزايد لتصل إلي مليار جنيه علي الحلوي في مناسبة المولد النبوي الشريف, في حين يتجاوز إنفاق المصريين علي الهواتف المحمولة8 مليارات جنيه. وكشف بيوش ماثيور المدير الإقليمي' لنيلسن العالمية لبحوث السوق' عن بلوغ حجم الإنفاق الاستهلاكي في مصر131 مليار دولار في عام2009, مقارنة بنحو119 مليار دولار في السعودية خلال نفس العام, مؤكدا أن المصريين يقومون بعادات استهلاكية غير صحية. كما كشفت الدراسة أن المصريين ينفقون علي السجائر والتدخين4 مليارات جنيه سنويا, وهو ما يعادل3% من إنفاق الأسرة المصرية تقريبا, يضاف إليها مبلغ2.6 مليار جنيه أخري يجري إنفاقها علي المقاهي والفنادق, في حين أن هناك4.3 مليون أسرة يقل دخلها السنوي عن3 آلاف جنيه( أي ما يعادل250 جنيها شهريا), ومليونين و768 ألف أسرة يقل دخلها عن6 آلاف جنيه سنويا. أما عن الطعام فحدث ولا حرج حيث ينفق المصريون أكثر من30 مليار جنيه مصري خلال شهر رمضان علي الطعام بمعدل مليار جنيه يوميا. وقالت الدراسة إن' المصريين ينفقون علي الغذاء سنويا200 مليار جنيه يستأثر شهر رمضان وحده ب15% من هذه النسبة بما يعادل30 مليار جنيه بمعدل مليار جنيه يوميا, مشيرة إلي أن60% من الطعام علي الموائد المصرية خلال رمضان يلقي في القمامة ويتجاوز75% في المناسبات والولائم. كما أوضحت الدراسة أنه في الاسبوع الأول من رمضان يأكل المصريون نحو2,7 مليار رغيف10 آلاف طن فول و40 مليون دجاجة. وكان تقرير لمركز المعلومات بمجلس الوزراء كشف عن أن الأسرة المصرية تنفق44.9% من إجمالي إنفاقها علي الطعام سنويا. وأن الطعام يأتي في المرتبة الأولي من حجم إنفاق الأسرة المصرية, فيما يتوقع خبراء اقتصاد أن يتضاعف هذا الرقم في السنوات المقبلة, خصوصا في الأسر الفقيرة والمتوسطة بسبب الارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية المصرية خلال الأشهر الستة الماضية, والذي بلغ نسبا غير معقولة تتراوح بين100% و250% خصوصا أسعار الزيوت والدقيق. ويري ناشطون أن مبلغ الخمسة مليارات دولار لتي ينفقها المصريون علي الطعام كافية لإنشاء ثلاثة مشاريع لمترو الأنفاق تحل مشكلة النقل والمواصلات في القاهرة, المعروفة بازدحامها الشديد ومن المعروف أن تكلفة خط مترو الأنفاق( شبرا- وسط المدينة- الجيزة) الذي يبلغ طوله19 كم قد بلغت11 مليون جنيه مصري كما تقترب تكلفة الخط الثالث الذي يجري العمل فيه حاليا من هذا الرقم. كما تكشف الأرقام أيضا أن المصريين مثلا ينفقون13 مليارا أخري علي الدروس الخصوصية, و3 مليارات علي الكتب الخارجية. كما تؤكد الأرقام ان المصريين يدفعون سنويا في مكالمات المحمول أكثر من مليارين ونصف مليار جنيه, كما يدفعون أيضا نفس المبلغ في شراء أجهزة محمول جديدة سنويا, أي أن الحصيلة الإجمالية للإنفاق علي المحمول في مصر تتجاوز5 مليارات جنيه سنويا, في الوقت الذي يكشف فيه تقرير لجنة التعليم والشباب بمجلس الشوري عن أن عدد المتعطلين عن العمل يقترب من مليون ونصف مليون شاب, تقدر تكاليف إيجاد فرص عمل لهم بنحو20 مليار جنيه, وهو ما يعني أن ما ينفقه المصريون علي التليفون المحمول في4 سنوات كفيل بالقضاء علي مشكلة البطالة. وتوقع خبراء أن يستهلك المصريون خلال الشهر الكريم مليوني دجاجة يوميا, بزيادة400 ألف دجاجة عن معدل الاستهلاك الطبيعي لهم خلال الشهور الماضية. وبحسب الدكتور محمد الشافعي, نائب رئيس الاتحاد العام المصري لمنتجي الدواجن, فإن الاستهلاك اليومي للمصريين من الدواجن في الأيام العادية يقدر بنحو1.6 مليون دجاجة, مضيفا أنه من المتوقع أن يزيد هذا الاستهلاك بنسبة15 في المائة خلال شهر رمضان ليصل إلي مليوني دجاجة يوميا, بسبب ارتفاع أسعار اللحوم والإقبال الضعيف علي الأسماك خلال الشهر. بل وتواجه السوق المصرية هذا الإقبال المتزايد علي اللحوم البيضاء بالاستيراد من الخارج, حيث يقدر معدل استيراد الدواجن المجمدة بنحو5 آلاف طن شهريا, حيث تكفي لاستهلاك المصريين لمدة أربعة أيام فقط. وتعليقا علي هذه الأرقام اوضح د. صلاح جودة رئيس مركز الدراسات الاقتصادية أن المجتمع المصري يعد مجتمعا استهلاكيا بالدرجة الأولي, مشيرا إلي أن الدخل لا يكفي المواطن لنهاية الشهر, فهو لا يشتري به سوي بعض السلع والمنتجات الأساسية المتعلقة بالمأكل كنتاج ثقافة الاستهلاك غير الرشيدة. وفيما يتعلق بتزايد معدلات الاستهلاك بالمناسبات كالأعياد ورمضان, والمولد النبوي, والمناسبات أضاف ان المصريين تكونت لديهم ثقافة علي مدار سنوات عديدة أسهمت بشكل كبير في ذيوع عادات الشراء ارتباطا بتلك المواسم والأعياد; حيث تشهد الأسواق إقبالا شديدا علي غير العادة; وهو ما يتسبب في حدوث عدم اتزان بين الإنفاق والإنتاج, وبالتالي الصادرات والواردات'. وعن المخاطر التي يشكلها الاستهلاك غير الرشيد أوضح أن عوائد ذلك الإنفاق لا تعود بالنفع علي الاقتصاد المصري; لأن السلع تكون أغلبها صينية أو مستوردة; وهو ما من شأنه ألا يستفيد منه اقتصادنا وإنتاجنا وطاقتنا العاملة.ويكمل أن الإنفاق بهذا الشكل يشارك في الإضرار باقتصادنا لزيادة الواردات عن الصادرات, ومن ثم الاقتصاد القومي للبلاد ككل; لأننا من خلال تلك الثقافة الشرائية ندعم اقتصاد الدول الغربية ولا ندعم اقتصادنا. جدير بالذكر ان احد التقارير الاقتصادية قد اشار الي أن المصريين ينفقون أكثر من أربعة مليارات دولار سنويا لاستيراد سلع استهلاكية, واستفزازية, وأنواع معينة من الفواكه, والمأكولات, وبودرة طعمية, بالإضافة إلي العطور, وأدوات التجميل في بلد تخطت فيه نسبة الفقر58% من مجموع الشعب. وقال التقرير الصادر عن الإدارة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات' ان واردات مصر من السلع الاستهلاكية, والترفيهية قد قاربت4,5 مليار دولار, وهو ما يمثل16,8% من إجمالي الواردات, وان الواردات الاستفزازية قد سجلت ارتفاعا بنسبة2,5%'. وأوضح التقرير' أن المصريين ينفقون أربعة مليارات سنويا علي استيراد ورق العنب من جنيف, ولحم الطاووس من إيران, وأسماك الكافيار, والجمبري, والاستاكوزا, كما ينفقون أكثر من41 مليون جنية لاستيراد آيس كريم, وجيلاتي من الأنواع الفاخرة'. وتضمن التقرير أنه يتم إنفاق أكثر من2 مليون دولار سنويا علي استيراد أطعمة الكلاب والقطط, كما تم فتح اعتماد مصرفي لاستيراد سلع رمضان بنحو مليوني دولار لاستيراد الفوانيس, و100 مليون دولار لاستيراد الياميش. ولا تعليق.