يبدو أن الصفقة التي وقعتها الحكومة العراقية مع إقليم كردستان العراق، حول تسليم أربيل للنفط مقابل دفع رواتب الموظفين في الإقليم المتوقفة منذ سنوات، بدأت تتحقق على الأرض. فقد أعلنت الحكومة العراقية تحويل رواتب جميع موظفي الإقليم بمن فيهم قوات البيشمركة، مع تأكيد استمرار التدقيق لضمان وصول الرواتب إلى مستحقيها". العبادي كان قد اشترط أن بغداد ستدفع رواتب موظفي الحكومة المحلية في كردستان العراق، في حال أوقف الإقليم بيع النفط في شكل مستقل، ملمحا إلى إمكان إحياء اتفاق لتقاسم النفط والإيرادات، وهو ما يعني أن يقدم الأكراد النفط مقابل دفع رواتب موظفي الإقليم. ثلاثة شروط مصادر سياسية في بغداد كشفت في ديسمبر الماضي أن العبادي، وضع 3 شروط، للموافقة على دفع رواتب موظفي إقليم كردستان. وقالت المصادر إن "الشرط الأول الذي وضعه العبادي، هو تسليم الإقليم معابره الحدودية مع تركيا وإيران إلى الحكومة الاتحادية"، مشيرة إلى أن "الشرط الثاني يتمثل في موافقة الإقليم على تسليم 250 ألف برميل من الخام الذي ينتجه إلى وزارة النفط الاتحادية، لتقوم بتصديره". أما الشرط الثالث، فهو حذف الأسماء الوهمية من قوائم الرواتب التي سلمتها حكومة الإقليم إلى بغداد، حسب "بغداد بوست". استمرار "الاستقطاع" 317 مليار دينار أي ما يعادل 267 مليون دولار، هو المبلغ الذي أرسلته الحكومة العراقية إلى إقليم كردستان، وهذه الأموال هي لكل الوزارات بينها وزارة البيشمركة والقوات الأمنية. وحسب وزارة المالية فإن الإقليم بحاجة إلى 590 مليار دينار لصرف رواتب الموظفين بنظام الادخار، مؤكدة أن المبلغ المحول من الحكومة الاتحادية يعني الاستمرار بتوزيع الرواتب بالنظام الحالي "الادخار" وهو يعني استقطاع نصف رواتب الموظفين. ويرى بعض المحللين أن إرسال الحكومة العراقية جزءًا من رواتب الإقليم لا يعني نهاية الأزمة بين الطرفين، خاصة أن هناك ملفات عالقة ما زالت لم تحل حتى الآن، فيما يرى المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي أن ما حدث هو خطوة باتجاه حلّ كل المشاكل مع الإقليم. فرغم تسلم كردستان الدفعة الأولى من رواتب الموظفين فإن هذا لم يأت كحل لكافة المشكلات بين الجانبين، حيث ما زالت الخلافات بشأن واردات النفط وواردات المنافذ الحدودية فضلًا عن الضرائب التي يحصلها الإقليم من مواطنيه. اقرأ أيضا .. فتح «أجواء كردستان العراق».. هل ينهي الجمود بين بغداد وأربيل؟ ترحيب واتهام وتوالت ردود الأفعال المتباينة بعد إعلان العراق عن صرف رواتب موظفي الإقليم، بين الإشادة وتوجيه الاتهام للحكومة العراقية. فقد رحب الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقرار الحكومة العراقية بصرف رواتب جميع موظفي إقليم كردستان العراق بمن فيهم قوات البيشمركة الكردية، مؤكدا أنها خطوة إيجابية رغم تأخرها. فمن جانبه قال القيادي البارز بالحزب محسن السعدون إن "قرار الحكومة الاتحادية بصرف رواتب جميع موظفي إقليم كردستان العراق خطوة إيجابية وسينعكس إيجابا على الشارع الكردي رغم تأخرها"، مشيرًا إلى أن قطع الرواتب عن موظفي كردستان كان له تأثير سلبي على المواطنين الكرد وأوضاعهم المعيشية. بينما علقت النائبة عن حركة التغيير تافكة أحمد على هذه الخطوة قائلة إن "حكومة كردستان كانت تصرف نحو 590 مليار دينار كرواتب شهرية لموظفي الإقليم في حالة الادخار الإجباري في حين أن كردستان كانت تنفق نحو 890 مليار دينار كمبالغ شهرية للموظفين دون نظام الادخار في الوقت الماضي". مضيفة أن "ما صرفته الحكومة الاتحادية 327 مليار دينار أي أن المبلغ لا يكفي لسد 30% من رواتب موظفي الإقليم ولجميع الوزارات". واتهمت النائبة الحكومة العراقية بأنها أخلت بوعودها لا سيما لوزارتي الصحة والتربية في كردستان، حيث كان من المؤمل إرسال رواتب الموظفين بشكل كامل دون أي اقتطاع. موظفو دوائر الصحة في السليمانية وحلبجة بإقليم كردستان العراق أعلنوا التوقف عن العمل احتجاجا على عدم صرف رواتبهم كاملة، مطالبين الحكومة العراقية بتوضيح موقفها بشأن هذا الأمر. كما أن عددا من المستشفيات والدوائر الصحية في حلبجة ورانية وكوية بإقليم كردستان نفذوا اعتصامات صباح اليوم احتجاجًا على قرار وزارة مالية الإقليم توزيع الرواتب مع استمرار استقطاع جزء منها، حسب "السومرية نيوز". أزمة خانقة تأتي هذه الخطوة بعد التظاهرات الغاضبة التي شهدتها أنحاء متفرقة من إقليم كردستان، في أواخر ديسمبر الماضي، احتجاجا على تأخر صرف الرواتب، وتدهور مستوى المعيشة، مما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين، وقوات الأمن. وكان مسؤولون قد حذروا من أن الإقليم يواجه انهيارا اقتصاديا نتيجة الأزمة الخانقة التي يعاني منها الإقليم بسبب تدهور أسعار النفط، الأمر الذي أدى إلى عجز حكومته عن دفع رواتب الموظفين. فبعد طفرة اقتصادية دامت 10 سنوات، بدأت حكومة إقليم كردستان تعاني في 2014 عندما قلصت بغداد حصتها من الموازنة بعدما شيد الأكراد خط أنابيب يصل إلى تركيا، سعيا إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي. اضطرت حكومة الإقليم إلى خفض رواتب موظفي القطاع العام بما يصل إلى 75 في المائة هذا الشهر، في ظل أزمة اقتصادية نجمت عن تهاوي أسعار النفط.