تعد القمامة في مصر مصدر دخل أساسيا للعديد ممن يعكفون على جمعها، وممن كونوا لأنفسهم إمبراطورية يصعب المساس بها، فخلال العام الماضي أعلن جامعو القمامة الحرب على الحكومة بسبب إنشاء أكشاك لجمع المخلفات الصلبة دون الاستعانة بهم، وهو ما اعتبروه تعديًا على مصدر رزقهم ونيلًا من مهنتهم التي يتعاملون معها كإرث من أجدادهم، لتلوح مخاوف جديدة بعد توقف انتشار مثل هذه الأكشاك ظهرت بعد إعلان الحكومة عن تأسيس الشركة القابضة لتدوير القمامة والموافقة على مشروع تدوير المخلفات الصلبة. شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، قال إن السبب الرئيسي وراء فكرة إنشاء الشركة القابضة هو أن عملية تدوير القمامة في مصر كانت مشتتة بين الوزارات والمحافظات والأحياء وهيئات النظافة، لذلك كان لا بد من إنشاء شركة قابضة تسند إليها كافة الاختصاصات، وهذه الشركة تمنح ما يقرب من 49% للمستثمرين، لافتًا إلى أن الحكومة تعهدت لجامعي القمامة بعدم المساس بمصدر رزقهم، وأنهم جزء أصيل من المنظومة. وأضاف المقدس في تصريحاته ل«التحرير» أن نقابة الزبالين وعدت الحكومة بعدم ترك القمامة في شوارع مصر خلال فترة ال18 شهرًا المحددة لإنشاء الشركة القابضة، وأن «الزبالين» سيشاركون في الشركة القابضة ب3250 سيارة، و3 ملايين عامل على مستوى محافظات مصر، لافتًا إلى أنه أكد لوزير البيئة أن جامعي القمامة ليسوا ضد أي عمل يفيد الوطن والمواطن شريطة عدم المساس ب«لقمة العيش»، لأن لقمة عيشهم خط أحمر، كما نوه بأنهم في انتظار تنفيذ الحكومة لوعودها، ومن ثم سيرفعون القبعة لها. المهندس حافظ السعيد، رئيس هيئة نظافة وتجميل محافظة القاهرة، قال إن هناك فرقا ما بين المتعهدين من جامعي القمامة والنباشين، فمتعهد القمامة يعمل من خلال تعاقد مع الهيئة لجمع القمامة من المنازل، أما النباشون فهم طائفة غير معتمدة من الهيئة ظهرت بعد انتشار صناديق القمامة الكبيرة بكثافة في الشوارع، وهؤلاء يتسببون في انتشار القمامة في الشوارع أثناء تفتيشهم ونبشهم صناديق القمامة للحصول على المخلفات الصلبة منها. وأكد السعيد في تصريحاته ل«التحرير» أن فئة النباشين يجب القضاء عليها، وأن جامعي القمامة المتعهدين لهم دور مع هيئات النظافة، وسيكون لهم دور كبير أيضًا في الشركة القابضة لجمع وتدوير المخلفات، ولن تتجاهلهم الحكومة، فكما تتعاون معهم الهيئة لجمع القمامة وتدويرها ستتعاون معهم أيضا الشركة القابضة. أما الدكتور حسن الخيمي، الخبير بالإدارة المحلية فقال إنه عندما كان يعمل بمكتب وزير التنمية المحلية الأسبق محمود الشريف منذ ما يقرب من 20 عامًا، شهد العديد من العروض الخاصة لإنشاء مصانع تدوير القمامة ولكنها أهملت من جانب الحكومة، التي لم تساعد في إنهاء التراخيص. وأضاف الخيمي في تصريحاته ل«التحرير»، أنه كان يفضل أن تسند هذه الشركة للقطاع الخاص ويكون دور الحكومة رقابيا فقط، لافتًا إلى أن هناك قطاعا كبيرا من عمال النظافة كونوا إمبراطوريات من عملية جمع القمامة وتدويرها، لذا يجب على الحكومة أن تمنحهم فرصة إنشاء مصانع لتدوير القمامة، كما أشار إلى أن تجاهلهم قد يؤدي إلى وقوع أزمة بينهم وبين الشركات التي ستتولى هذا الأمر، لأن هؤلاء لديهم خبرة كبيرة في هذا المجال ومصالحهم مترتبة على جمع المخلفات الصلبة وتدويرها. وكان مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل، قد أعلن في نهاية شهر مايو 2017 عن إنشاء شركة مساهمة مصرية لجمع وتدوير المخلفات بناءً على المذكرة التي تم عرضها من خلال وزراء التنمية المحلية والبيئة وقطاع الأعمال العام، بتوافق مع رؤية وإطار تقدمت به لجنة الإدارة المحلية، وأنه فى ذات التاريخ تم عقد اجتماع بمجلس النواب للإعلان عن ذلك، وتكليف الحكومة بوضع خارطة طريق وبرنامج زمنى لهذه المنظومة. ومع بداية هذا العام أعلنت الحكومة بشكل رسمى توقيع إجراءات الشركة القابضة للقمامة، وأعلنت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب أنها فى انتظار الاطلاع على مسودة نهائية لمشروع قانون تنظيم وإدارة المخلفات الصلبة بكل أنواعها، والتأكد من توقيع عقود تأسيس الشركة القابضة للقمامة وتشكيل مجلس إدارتها. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة القابضة للقمامة التى ستدير الكيانات المسئولة عن النظافة، تتكون من عدد من الشركات المساهمة المصرية الخاضعة لقانون الشركات المساهمة رقم 159 لسنة 195 لسنة 1981، سيدفع المواطن رسوما مقابل الخدمة التي ستقدمها الشركة، وسيكون جامعو القمامة والمتعهدون جزءًا من المنظومة من خلال تعاقدات مع الشركة. كما تجدر الإشارة أيضًا إلى أن الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، كان قد أكد أن مشروع القانون يمنح الدولة حق وضع القواعد والأدلة الاسترشادية في منظومة المخلفات الصلبة، والتي تشمل الصناعية والزراعية، وتكون وزارة البيئة هي المختصة بالرقابة والتنظيم، وأوضح أن تكلفة إدارة منظومة المخلفات الصلبة تبلغ 7 مليارات جنيه سنويًا تمول من تحصيل تكلفة تقديم الخدمة للمواطنين، بما يوفر 50% فقط من التمويل، وأن رسوم النظافة الجديدة التي سيتم تطبيقها وفق منظومة إدارة المخلفات الصلبة الجديدة وقانون تنظيم وإدارة المخلفات الصلبة ستراعي العدالة الاجتماعية والفئات الأقل دخلًا، ولن تدفع أكثر مما تدفعه في رسوم مقابل الخدمة الحالية والباقي يتم تحصيله من الضرائب العقارية، وكذلك 15% من أرصدة الصناديق الموجودة في المحافظات.