مع قرب انتهاء الإجازة التي حصل عليها "سيد.م" من عمله بالسعودية، حجز تذكرة طيرانه وأبنائه، إلى مدينة "جدة"، أعد حقيبة سفره، واستأجر سيارة خاصة لنقله وأبنائه من الجيزة إلى مطار القاهرة. وصلوا للمطار، أنهوا إجراءات الدخول، انتظروا حتى موعد إقلاع الطائرة، وجاء الموعد ولكن الطائرة لم تقلع، خرج مسئول شركة الطيران يعلن تأخر الإقلاع بعض الوقت، ومرت الساعات تلو الأخرى، ولكن في النهاية ألغت الشركة رحلة الطيران. وحينما سأل "سيد.م" عن سبب إلغاء الرحلة وماذا يفعل هو وأبناؤه، قال له مسئول الشركة: "مافيش ركاب كفاية، الرحلة مش جايبة تمنها، وشوف شركة تانية". راح يبحث عن موعد قريب للسفر في شركات أخرى، لكنه لم يجد، استأجر سيارة أجرة، عاد لمنزله، وحجز موعدا جديدا للسفر، ولكن بعد أن انتهت إجازته من الشركة التي فرضت عليه خصما من المرتب لتأخره في العودة. تلك القصة هي واحدة من قصص كثيرة تحدث يوميًا لركاب يتم إلغاء رحلاتهم الجوية، بدعوى عدم جدواها الاقتصادية، فأين حقوق أولئك الركاب ومن يعوضهم عن خسائرهم؟ «حماية المستهلك»: «الزبون مالهوش دعوى بالجدوى الاقتصادية» «الزبون مالهوش دعوى بالجدوى الاقتصادية أو غيره»، هذا ما قالته سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، تعقيبًا على إلغاء شركات طيران رحلاتها بدعوى عدم تحقيق جدوى اقتصادية، مضيفة أنه من المفترض أن تلتزم شركة الطيران بتعاقدها مع الراكب، وتسيير الرحلة التي حجز بها، وفي حالة الإلغاء يجب أن تدبر له رحلة بديلة على شركة طيران أخرى. أشارت الديب إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين شركات الطيران المختلفة، ويوفروا بدائل لسفر الركاب في حالة إلغاء رحلات الطيران، فالراكب ليس له أي ذنب في ذلك. تابعت رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك: "إلغاء رحلات سفر البعض، قد يعود عليهم بالخسائر المالية والمعنوية، ومن الضروري تعويضهم عن ذلك"، موضحة أن شركات التأمين قد تُدخل التأمين ضد تأجيل الرحلات ضمن شهادة التأمين على الراكب. أضافت الديب أن قانون حماية المستهلك المنتظر صدوره، سيكون به مساحة أكبر من حصول الركاب على الملغاة رحلاتهم على حقوقهم. وزارة الطيران هي السبب قال مصدر بشعبة السياحة والطيران بالغرف التجارية، إنه يتم إلغاء الرحلات بسبب أن الرحلة لم تحقق عائدا ماديا يغطي تكلفة التشغيل، وهامش ربح للشركة. وأضاف المصدر الذي يشغل منصبًا قياديًا في الشعبة، أن السبب الرئيس في إلغاء العديد من رحلات الطيران، هو أن العلاقة بين الراكب وشركات الطيران ليس لها ضابط، فوزارة الطيران لم تحدد ضوابط أو فرض غرامات على شركات الطيران التي تلغي رحلاتها، ولإقرار تعويضات للركاب. أما السبب الثاني، فهو توجه جميع شركات الطيران إلى التركيز على رحلات "العمرة" فقط، وبما أن "العمرة" متوقفة منذ عامين، ولم تفتح أسواقا بديلة، إذا فهي تواجه أزمة في اكتمال عدد ركاب الطائرة، فتضطر شركة الطيران لعدم تسيير الرحلة لعدم جدواها اقتصاديًا. أرجع المصدر الذي يشغل منصبًا قياديًا في شعبة السياحة والطيران بالغرف التجارية، السبب الثالث في إلغاء عدد من الرحلات الجوية إلى تعويم الجنيه، حيث ارتفعت أسعار تذاكر الطيران بشكل كبير، وهو ما رجع بالسلب على أعداد المسافرين، عبر تخفيض الركاب مرات السفر. "شركات السياحة تتحمل أخطاء الغير، بسبب عدم وجود حماية، بسبب فقد مصداقيتها أمام الراكب الذي يتم إلغاء رحلات له"، قال المصدر، مضيفًا أن شركات السياحة تتضرر بشكل كبير من إلغاء رحلات طيران لبعض الشركات، بسبب تبني الركاب صورة ذهنية سيئة عن تلك الشركة، ولكنهم لا يدركون أن شركة السياحة مجرد وسيط بين الراكب وشركة الطيران. التعويم ورسوم التأشيرات قال يسري عبد الوهاب رئيس الاتحاد المصري للنقل الجوى «تحت التأسيس»، إن المرور الاقتصادي من عنق الزجاجة الناتج عن تحرير سعر صرف الجنيه، كان له أثره على الوضع العام لحركة الطيران في مصر، فضلاً عن زيادة رسوم أسعار التأشيرات الخاصة بالذهاب والعودة وزيادة تكلفة السفر إلى المملكة العربية السعودية. وأشار عبد الوهاب ل"التحرير"، إلى أن توقف رحلات العمرة، يعد عاملًا هامًا أيضا تسبب في انخفاض حاد في رحلات السفر إلى المملكة السعودية، فضلًا عن الخدمات المصاحبة للعمرة، من عمالة وغيرها.