لا زالت أمريكا تلاحق الزمن من أجل إثبات تواجدها على الأرض السورية، إلا أن الأهداف الدفاعية التابعة للقوات الروسية تشكل عائقًا كبيرًا لها، لذلك تسعى إلى تنفيذ مهام مستقلة بعيدة عن أعين موسكو، لاستعراض قوتها أمام العالم، رغم أن هناك مذكرة تعاون بين الجانبين. ذلك الأمر لم يعجب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي بدوره قرر تعليق التعاون العسكري المبرم مع واشنطن بعد إسقاط مقاتلة سورية، ودفعه إلى توجيه تحذيرًا من مخاطر تحلّيق طائراته مجددًا غرب الفرات، معتبرًا أن خرق الاتفاقية هو بمثابة عدوان عسكري. ليس هذا فقط، بل أكدت وزارة الدفاع الروسية، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، لم تستخدم قناة الاتصال مع موسكو قبل إسقاط الطائرة السورية، وهو مؤشر يؤكد تعمد واشنطن للعمل منفردة.. فهل هناك دافع من وراء ذلك؟. لكن سرعان ماردت روسيا قائلة: إن "الطائرات الروسية سترافق أي طائرة أو مركبة موجّهة عن بعد في المناطق التي ينفذ فيها الطيران الروسي مهامّه، فإن أي مركبة جوية يُعثر عليها غرب الفرات، من ضمنها الطائرات أو المركبات الجوية الموجّهة والتي تتبع للتحالف الدولي، سترافقها الطائرات الروسية وستعتبر أهادفاً جوية من قوات الدفاع البرية." إلا أن واشنطن عادت لتؤكد لموسكو أن ستحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس بسوريا"، لا يعني أنها أصبحت على شفا نزاع عسكري مع روسيا هناك، حسب تعليق الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر، الأمر الذي يثير تساؤلًا هامًا.. هل تقبل الولاياتالمتحدة على حرب مع روسيا؟ وفي هذا الصدد، بادر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى إعداد خطة لإعادة إحياء العلاقات مع روسيا وانتشالها من الحضيض، لا تتضمن طموحات كبيرة، لكنها تركز على هدف إقامة علاقات عمل بناءة مع موسك، وهو ما يشير إلى أن واشنطن عازمة على التحالف مع روسيا. وتتضمن خطة "تيلرسون" لتوطيد العلاقات مجددًا ثلاث نقاط رئيسية: أولها، إقناع موسكو بالامتناع عن "القيام بأعمال عدائية ضد الولاياتالمتحدة ومصالحها"، وإفهامها أن الولاياتالمتحدة سترد على الإجراءات التي تعتقد أنها موجهة ضد مصالحها. أما النقطة الثانية، فتتضمن الحوار مع روسيا بشأن القضايا ذات الاهتمام الاستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة، بما في ذلك سوريا وكوريا الشمالية، فضلًا عن الأمن السيبراني. بينما تركز النقطة الثالثة من الخطة، على أهمية الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا، حيث يندرج مفهوم الحد من التسلح، وخاصة الأسلحة النووية. وتختلف تلك الخطة عن مبادرة الرئيس السابق باراك أوباما، كونها لا تنطوي على دعم مستمر للدول المحيطة بروسيا، ضد أعمال عدائية مزعومة من قبل موسكو، ومع ذلك فإن وزارة الخارجية الأمريكية في خطتها الجديدة، ستواصل دعم أوروبا الشرقية، حتى لو لم يتم تحديد ذلك من حيث بناء العلاقات مع روسيا. وكان طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي، أسقط الأحد، طائرة من طراز "سو-22 " تابعة لسلاح الجو السوري في محافظة الرقة، بزعم أنها ألقت قنبلة بالقرب من موقع "لقوات سوريا الديمقراطية"، لكن دمشق أكدت أن هذه الطائرة التابعة لسلاح الجو السوري كانت في مهمة ضد مواقع "داعش" في المنطقة التي أسقطت فيها.