"20 يومًا" مرت على زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، وهي فترة ليست كافية لتُغير موازين القوى العالمية، لكن الخريطة السياسية والتحالفات الإقليمية أخذت منحى جديدًا، وبدأت تُرسم بعد ذلك تبعيات تلك الخطوة وتأثيرها على المنطقة. البداية كانت في السعودية، مع إعلان "قمة الرياض" في 20 مايو 2017 بمشاركة الرئيس الأمريكي في أول زيارة له منذ توليه السلطة، ما دفع إلى التساؤل حول الدور الذي يسعى إليه ترامب في المنطقة بعد توقيعه صفقات قُدِرت بالمليارات؟ تلك الخطوة، كانت بمثابة شرارة في قلب الدوحة، التي سارعت إلى خلق حالة من الاحتقان مع الدول المجاورة، مستخدمة بذلك أبوابقها الإعلامية. المواجهة لكن سرعان ما دخلت "قطر" على خط المواجهة، وبدأت في التصعيد مع شقيقتها العربية، عبر تبنيها مشروعًا جديدًا يعزز من قدرتها وقوتها في المنطقة، لتصبح متزعمة للمشروع الإسلامي في الخليج العربي، وذلك بعد قناعتها أن الحكم السائد في الأقطار العربية ممثل في جماعة الإخوان المسلمين. الأمر الذي لم يرقَ إلى الملك سلمان، لسعيه هو الآخر إلى تزَعُم ذلك المشروع، منذ قيام الحلف الإسلامي في ستينيات القرن الماضي، لاعتباره أحق به نظرًا لاحتضانه "الكعبة المشرفة". فهل من الممكن أن ينتهي الصراع بين السعودية وقطر برعاية أمريكية رغم المقاطعة؟ استنزاف إيران للمنطقة تقارير عديدة أشارت إلى أنه بعد تدخل تركيا في قطر حاليًا أصبح رأب الصدع بين البلدين الشقيقين مستحيلًا رغم الوساطة الكويتية، والمغربية التي دخلت مؤخرًا ضمن الفريق المتحيز للمصالحة، ليس هذا فحسب بل لجأت قطر إلى طلب الدعم من إيران، رغم خطورتها على الأمن القومي للدول العربية. وما زاد سوءًا، إعلان أمير قطر تشكيل المجلس الأعلى للدفاع المشترك ممثلًا في (الشيخة موزة بنت ناصر، رئيسا له، واللواء حاج قاسم سليمانى، نائبا لها، اللواء طيب أبو غلو، عضوا ومقررا، واللواء سيد فضل رفسنجانى، عضوا، الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثانى، رئيس مجلس الوزراء عضوا). رضوخ أمريكي لتبدأ بعد ذلك القوات التركية والإيرانية بالانتشار برًا وبحرًا، وسط صمت الإدارة الأمريكية - ما يعني أن استراتيجية ترامب في المنطقة تبدلت سريعًا، وأصبحت واشنطن لا تمثل تهديدًا على إيران (العدو الرئيسي لها)، وهو ما يؤكد لنا حالة العداء والاتهامات الموجهة لقطر من قبل ترامب بدعمه للإرهاب. وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، حاول تهدئة الأمور خشية تصعيدها، داعيًا السعودية والدول الخليجية إلى تخفيف الحصار عن قطر، بعد تحقيقها تقدمًا في الحد من تمويل الجماعات الإرهابية. وهو ما دفع السفير القطري لدى واشنطن بالرد على تصريح "تيلرسون" بالقول: إن "بلاده ستنظر في تقديم تنازلات من أجل تهدئة السعودية والدول الخليجية الحليفة لها". مؤامرة إسرائيلية بدأت الأنظار بعد ذلك تتجه صوب إسرائيل، التي اكتفت بالتعقيب على العزلة العربية لقطر، قائلة: إنه "تمهيد للقضاء على الإرهاب"، ما يضع علامات استفهام حول علاقة تل أبيب بقطر؟ "سامي ريفيل" الوزير المفوض بسفارة إسرائيل في باريس، أكد في إحدى تصريحاته، أن الدوحة وطدت من علاقتها العسكرية مع تل أبيب، إضافة إلى أنها حرضّت على السعودية والإمارات مع إسرائيل عبر منافستهم اقتصاديًا، تارة في الغاز المسال، وأخرى في إنتاج الألبان، بإنشاء ضخمة في تل أبيب لإنتاج الألبان والأجبان. وأوضح "ريفيل" أن إسرائيل لن تتدخل في الأحداث من قريب أو بعيد، كونها تسعى إلى تدمير البنية التحتيتة للدوحة والسيطرة على الغاز المسال. الدفاع العربي المشترك في ذات السياق، صرح الخبير العسكري لواء طلعت مسلم ل"التحرير"، أن إسرائيل لها دور كبير في ما يحدث بقطر والمنطقة العربية، مؤكدًا أنها تسعى لتفكيكها وتدمير البنى التحتية لها من أجل السيطرة على الغاز المسال بها. ونوه الخبير العسكري، إلى إمكانية تخلي الدوحة عن معظم ثرواتها من أجل الاستعانة بدعم إسرائيل لمواجهة المطامع الخارجية، على حد زعم أمير قطر. وشدد على ضرورة إعادة منظومة الدفاع العربي المشترك بين الدول العربية، لمواجهة المخاطر التي تحاك بأمن المنطقة. واستبعد "اللواء مسلم" أن يكون للقوات التركية والإيرانية أي تأثير على أمريكا أو قواعدها في قطر رغم تقليص عدد قواتها في قاعدة "عديد".