استيقظ المصريون، صباح يوم الجمعة الماضي، على مشهد مفزع، استهدف ما لا يقل عن 29 شخصًا، بينهم أطفال، وأُصيب 24 آخرون، بينهم عدد كبير إصاباتهم خطيرة، في هجوم بالرصاص على أقباط في محافظة المنيا. ووفقا لوزارة الداخلية، فإن الهجوم وقع فيما كانت الحافلة تسير على طريق جانبي في الصحراء، يؤدي إلى دير الأنبا صموئيل، غرب مدينة العدوة، في مغاغة بالمنيا، على بعد 220 كيلومترا جنوبالقاهرة، حيث كان الضحايا في طريقهم من محافظة بني سويف القريبة لزيارة الدير. وقالت الوزارة إن مجهولين استقلوا 3 سيارات دفع رباعي، وفتحوا النار بشكل عشوائي تجاه أتوبيس يقل عدد من المواطنين الأقباط. الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال خلال حديث مباشر للشعب المصري، مساء يوم الحادث، إن الهدف الأساسي من استهداف الأقباط هو محاولة كسر الدولة المصرية، وأن التنظيمات الإرهابية سعت خلال الفترة الأخيرة لإشعال الفتنة، ومستمرة في الحديث أن الأقباط لم يأخذوا حقوقهم داخل مصر، لتنفيذ مخططهم الإرهابي وضرب السلام الاجتماعي. وأعلن أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، عبر إحدى المنتديات الجهادية، ويُدعى حساب «الفجر»، عن تبني التنظيم عملية إطلاق الرصاص على مسحيي المنيا، وقال: «خاص.. أسود الخلافة من قاموا بالعملية.. وانتظر أعماق» في إشارة إلى وكالة أعماق الإعلامية الناطقة باسم التنظيم. لماذا أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي الحرب على الأقباط في الوقت الحالي؟.. وما الهدف الذي يسعي إلى تحقيقه من ذلك؟.. أسئلة يحاول «التحرير» الإجابة عليها. هشام النجار، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، قال إن الهدف من استهداف الاقباط هو إظهار عجز الدولة عن حمايتهم، واستنساخ نموذج العراق الذي يسعى داعش لخلقه بمصر باعتبار أقباط مصر معادل لشيعة العراق، وداعش مسعاه الرئيسي خلق واقع مذهبي متصارع، لإيجاد حضور له بمصر حيث يعتبرها ساحة نموذجية لنقل نشاطه إليها. ووتابع النجار، في تصريحات ل"التحرير"، أنه يتضح من بياناتهم وما يتداولونه بينهم، أن هذا السلوك ممنهج ويعتبرونه استراتيجية ثابتة بهدف إشعال الفوضى وافتعال صراع طائفى، لأن التنظيم لا يعيش ويتمدد ويرسخ من حضوره إلا فى أوساط صراعات طائفية مسلحة يجذب فى ذروتها الجانب الإسلامى المتطرف له. لم يكن الحادث الإرهابي الذي شهدته مصر في محافظة المنيا هو الأول من نوعه، ففي إبرايل الماضي لقي 45 شخصًا على الأقل حتفهم في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين للأقباط الأرثوذكس، في مدينتي الإسكندرية وطنطا، أثناء احتفال المسيحيين بأسبوع الآلام، في أحد السعف، وأُعلن حينها فرض حال الطوارئ لمدة 3 أشهر. وفي ديسمبر أودى تفجير انتحاري استهدف كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة بحياة 29 شخصًا، وتبنى «داعش» مسؤوليته عن الهجمات الثلاثة، وأعلن أنه يستهدف المسيحيين المصريين. خبير أمني أكد أن استهداف داعش للأقباط بسبب التفسيرات الخاطئة لبعض الفكر الإسلامي المهجور، والمتمثل في الحركة الوهابية والأصولية المتشددة والتي أحياها الفكر الداعشي. يقول الخبير إن داعش لها علاقات مباشرة مع أجهزة المخابرات العالمية والتي تعمل علي إحداث الفتنة الطائفية والتي تريد تضع مصر تحت الضغوط ليتدخل قوات أمن أمريكية بحجة حماية الأقباط، موضحًا أن التنظيم يرى أن الأقباط من وجهة نظر أتباعه نقدوا عهد الذمة بتأييدهم للنظام المصري الحالي وبالتالي يستبيح منازلهم وأرواحهم. وأشار الي أنه خلال السنوات الثلاث الماضية نجحت القوات في سد الثغرات التي كان يستهدفها التنظيم، وبالتالي يبحث التنظيم عن أسهل هدف يمكن استهدافه. من جانبها علقت صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية، على الحادث الإرهابي في المنيا، الجمعة الماضي، بطرح سؤال لماذا يعد أقباط مصر هم أولوية للمتطرفين الإسلاميين؟، وحاولت الإجابة عليه من خلال تحليل للواقع المصري، وأكدت أن الهدف متشعب، ولكن في المقام الأول يريد هلاء المتطرفون الاستيلاء على السلطة من أجل إعادة الخلافة، مضيفة أنهم يرون أن الأقباط يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع المصري، وهو ما يمنع تحقيق هدفهم بالسيطرة على البلاد. وذكرت الصحيفة أن داعش يرى أن العمليات العسكرية والإرهابية ليست كافية للسيطرة على الإقليم، بل يتبني استراتيجية أيضًا لخلق التجانس بين السكان، ويجب أن يكون الشعب من المسلمين، ليس مسلمين عاديين فقط، بل يجب أن يكونوا راديكاليين، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية التي ينفذها «داعش» حاليًا هو استبعاد الأقليات الدينية، بما في ذلك بالطبع المسيحيين والمسلمين المعتدليين. مصدر عسكري، رفض ذكر اسمه- قال ل«التحرير» إن استهداف الأقباط يعتبر السلاح الأخير في أيدي أفراد تنظيم «داعش»، لا سيما في ظل عجزهم عن تنفيذ عمليات كبرى في سيناء، مثلما كان يحدث من قبل، موضحًا أن التنظيم يسعى للإيقاع بين المواطنين وقوات الأمن، لاتهام الأخيرة بالتقصير، باعتبار ذلك الأمل الأخير لهم -على حسب قوله-