من يقف وراء تدهور الصحة في مصر.. خبراء: الهجوم على "مجانية ناصر".. بوابة خلفية لخصخصة الصحة منسق لجنة الحق في الصحة: مصر تحتل المرتبة قبل الإخيرة بإفريقيا في الإنفاق على الصحة قال الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان إن منظومة الصحة في مصر متهاوية بسبب القرار الذي أصدره جمال عبد الناصر بأن التعليم كالماء والهواء والصحة مجانية لكل فرد، "فراح التعليم وراحت الصحة"، بحسب تعبيره. وأضاف الوزير في كلمته أمام لجنة الصحة بمجلس النواب أنه لا توجد دوله في العالم قادرة على تحمل أعباء الصحة كما تحملتها مصر، وإذا اعتبرنا أن الأطباء مجاهدين في سبيل الله، لا يمكن اعتبار الأعباء الصحية مجانية لأن هناك الأشعه مكلفة للغاية وتذكرة المريض التي تبلغ جنيه واحد غير كافية بالمرة لسد احتياجات المنظومة الصحية. مخالفات عديدة وقع فيها "عماد الدين" خلال كلمته الأخيرة أمام مجلس النواب، بداية من مخالفته الصريحة لنصوص الدستور الذي تم الموافقة عليه في عام 2014 في مواده (18، 19) اللتان تنصان على مجانية الصحة والتعليم التي هي حق أصيل لجموع الشعب المصري. "التحرير" تنشر بالأرقام والإحصاءات الرسمية حقيقة الوضع الصحي خلال حقبة الستينات التي هاجمها الوزير الحالي رغم أن مصر وصلت خلالها لمعدلات غير مسبوقة في تزايد نسبة الإنفاق الصحي على قطاعات الصحة والتعليم وسط زيادة كبيرة تتوافق مع المعدلات العالمية في أعداد الأسِرّة الحكومية والأطباء وطاقم التمريض بالمسستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان. مخالفة الدستور "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل".. كان هذا جزء من نص المادة 18 من الدستور المصري الذي أقسم وزير الصحة الحالي اليمين الدستوري على الإلتزام بنصوصه قبل عام ونصف على توليه "حقيبة الصحة" على أن تلتزم الدولة بتخصيص نسبة محددة لا تقل عن 3% من اجمالي الناتج القومي للإنفاق على الصحة تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية وقد تم إعطاء الحكومة مهلة ثلاثة أعوام تنتهي مع نهاية العام الجاري للوصول إلى هذا الحد الأدنى. في المقابل يرى الوزير أن "مجانية عبدالناصر" وراء تدهور الخدمة الطبية نظرًا لضعف الموازنة المخصصة للوزارة والتي لا تفي بالأعباء الصحية الكبيرة، البعض وصف تصريحات "عماد الدين" بأنها بوابة خلفية لخصخصة الصحة في مصر وتضليل المواطنين بعد سوء إدارة الملف الطبي من قبل الوزير الحالي للإبتعاد والهروب عن الأسباب الحقيقية، فضلًا عن أزمة ضعف التمويل والإنفاق الحكومي على قطاعات الصحة . بوابة خلفية للخصخصة "أزمة الصحة في مصر ضعف تمويل وليس سوء إدارة".. هكذا شخّص الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة الأزمة الجارية، مضيفًا: "الوزير لو مش عارف يدير يمشي" والأزمة مستمرة منذ عام 2005 حتى حسم الدستور كل ذلك بالنص على رفع مستوى الخدمات الصحية ل3% من الناتج المحلي الإجمالي ترتفع تدريجيا حتى تصل للمعدلات العالمية التي تبلغ 6% من اجمالي الناتج المحلي. فلاش باك سريع إلى وضع الصحة في حقبة الستينات خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فإن حال الصحة كان أفضل بكثير مما صارت عليه اليوم، حيث وصل عدد الأسِرّة آنذاك إلى 2.2 سرير لكل ألف مواطن كانت غالبيتها أسِرّة حكومية تراجعت اليوم وتدهورت أوضاعها بصورة كبيرة إلى 1.4 سرير لكل ألف مواطن، رغم أن المتوسط العالمي يبلغ 2.9 سرير. بداية الإنهيار الصحي في السبعينات وأضاف خليل في تصريحات خاصة ل"التحرير" أن معظم أسِرّة المستشفيات الحكومية تم بنائها خلال حقبة الستينات، لكن أزمة تردي الوضع الصحي في مصر بدأت منذ النصف الثاني من السبعينات وطوال فترة الثمانينات انخفض الإنفاق الحكومي بصورة كبيرة إلى 1.7 و1.8% من اجمالي الإنفاق الحكومي بمعدل 0.5 % من الناتج القومي . وهو ما انعكس بصورة كبيرة على تدهور وانهيار الخدمات الصحية التي انعكست في محاور عدة بداية من تدهور الأجور، حيث يعاني كافة العاملين في المجال الطبي من خلل هيكلي وعجز شديد في الأطباء وطاقم التمريض نتيجة تدني نسبة الإنفاق الحكومي على قطاعات الصحة بالمخالفة للدستور. هذا النقص الشديد في رواتب الأطباء مقارنة بأجور فئات أقل منهم في العلم والتأهيل ممن يحصلون على أضعاف ما يحصل عليه العاملين بالقطاع الطبي، دفع الأطباء للبحث عن مصادر تكميلية للدخل داخل مصر أو خارجها وإهمال العمل في المستشفيات العامة . أزمة تمويل فيما ذكرت مصادر داخل وزارة الصحة، رفضت الإفصاح عن اسمها أن الإنهيار الأكبر في الخدمات الصحية بدأ منذ العامين الماضيين نتيجة أسباب عدة لا علاقة لمجانية الصحة والتعليم التي أقرها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قبل أكثر من 60 عام بداية من ضعف الإنفاق الحكومي على الصحة والأزمة الكبيرة المتواصلة في التمويل. وهي سابقة لم تحدث منذ عهد وزير الصحة الأسبق اسماعيل سلام، الذي يعيش خارج مصر في الوقت الحالي، حيث وصل اجمالي الإنفاق الحكومي خلال العام المالي الجاري ل 48.9 مليار جنيه بما يعادل 1.5% من الناتج المحلي مقارنة ب 2% خلال العام الماضي . وأضافت المصادر ل"التحرير" أن الوزير الحالي هو المسئول الأول عن تدهور الأوضاع الصحية في مصر نتيجة القرارات العشوائية التي يتخذها من حين لأخر وسوء إدارته للملفات الطبية ودخوله في صدام مباشر مع كافة النقابة المهنية، مرورًأ بضعف رواتب الأطباء في التخصصات النادرة الذين يهربون من الوزارة، وصولًا لإستبعاد قيادات عديدة ذات كفاءة عالية نتيجة أنهم يحملون رؤى وخطط علمية للنهوض بالصحة في الوقت ذاته يستعين بأشخاص بيروقراطيين ينفذون التعليمات فحسب، ولا يملكون أدنى رؤية أو تصورات للتطوير والتعامل مع الأزمات . "التحرير" تنشر عبر هذا "الإنفوجراف" الذي يستند إلى أخر احصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة عام 2015 وأحدث تقارير الأممالمتحدة، وذلك حقيقة أوضاع الصحة بين حقبتي الستينات و2017، خاصة عقب تصريحات وزير الصحة الحالي بأن "مجانية عبدالناصر" كانت السبب الرئيسي وراء تدهور وانهيار الصحة في مصر . بالأرقام.. صحة المواطن بين (1960) و(2017)