تستيقظ من نومك لتجد جدرانا خرسانية تحاوطك من أربع جهات في مساحة ضيقة، لا منفذ، لا ملاذ.. تُبصر شعاعًا للشمس من نافذة صغيرة يخترق قضبانًا من الفولاذ قد غطاها الصدأ، وتتلفت حولك لترى أكوامًا من البشر بعضها فوق بعض، مع القليل من رائحة العرق مختلطة برائحة الدم! هل هذا كل شئ؟ لا.. ستكون الحياة حينها منصفةً للغاية، ولكن «الخبيث» يأبى لأن تكتمل صورة بشكل جيد حتى وإن كانت سيئة. بعد حادثة وفاة الشاب مهند إيهاب بالسرطان عقب خروجه من السجن، والتي أثارت جدلا واسعا، حظى حينها مهند باهتمام كبير، بل وأخذ فرصته في محاولة العلاج رغم فشلها، على عكس أحمد الخطيب الشاب صغير السن، الذي يعاني من نفس المرض. أحمد الخطيب، طالب بكلية التكنولوجيا الحيوية في إحدى الجامعات الخاصة يبلغ من العمر حاليا 21 عاما، معتقل منذ عامين ونصف، أي عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، وشخصه الأطباء بأنه مصاب بسرطان الدم "لوكيميا". بدأت حكاية الخطيب كما يروي شقيقه ل« التحرير » عندما قرر الذهاب إلى مؤتمر طبي في تركيا له علاقة بدراسته الجامعية، ثم قام بأخذ بعض الصور التذكارية له في مدينة إسطنبول، وتحديدا بجوار مسجد "الفاتح"، وعاد أحمد إلى القاهرة في 28 سبتمبر 2014. وبعد شهر من عودته وتحديدا يوم 28 أكتوبر 2014، تم إلقاء القبض على الخطيب من بيته، وتم تحريز "اللاب توب" الخاص به، وتم استخدام صوره أمام مسجد الفاتح ضده في المحاكمة بتهمة "الانتماء لجماعة محظورة". وبعد عامين ونصف من الحبس الاحتياطي أصدرت محكمة جنوبالجيزة المنعقدة بأكاديمية الشرطة حكمها بالسجن 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، بتاريخ 26 مارس 2016. ويتابع شقيقه محمد ل« التحرير » فيقول: "علمنا بمرضه منذ عدة أشهر وحاولنا بكل طريقة ممكنة أن نخاطب الجهات المسئولة وبعد محاولات مضنية استطعنا الحصول على عينة دم منه في إحدى الزيارات وعمل تحاليل وأشعة له لنكتشف إصابته باللوكيميا." وأضاف: "طالب أطباء خارج السجن بسرعة تحديد مرحلة المرض، وعمل جراحة تسمى ببذل النخاع، والتي تعني أخذ عينة من النخاع الشوطي للجسم لتحديد مرحلة السرطان في الجسم، ولكن رفضت جميع الجهات كل المحاولات لإخراجه وعلاجه أو حتى عمل الجراحة، ولو على نفقتنا الخاصة". وتابع: "منذ مرض أحمد وقد نقص وزنه من 70 كجم إلى 38 كجم، وانتقل من سجن وادي النطرون إلى مستشفى ليمان طرة، واستطعت أخذ صورة من التحليلات الخاصة به وخاطبت بها الإدارة الطبية وإدارة السجون والنيابات العامة ومنظمات حقوق الإنسان الحكومية والخاصة، وحتى وزارة الداخلية، ولكن دون رد". ويروي محمد عندما قابل شقيقه طبيب السجن في مستشفى ليمان طرة حيث جاء الحوار كالآتي: الطبيب في جملة واحدة : "إنت عايز إيه؟"، أحمد مستعجبا: "عايز أخف! عايز أتعالج! عايز أخرج من هنا مش عايز أموت!" ثم جاء رد الطبيب: "طيب ماشي". وغادر دون أن يقول كلمة أخرى كما يروي محمد. وعندما سألنا شقيق أحمد عن ماذا يقول له أثناء الزيارة أجاب: "مابيقولش حاجة! هو عارف مرضه كويس، أحمد دكتور وعارف يعني إيه سرطان، بس صابر ومتماسك وبيدعي ربنا". واختتم محمد الخطيب الحديث بأنه يتمنى أن يقف بعض المسؤولين مع حالة شقيقه، وأن يتم معالجته أو إرساله للمعهد القومي للأورام لتحديد مرحلة مرضه ومعالجته، أو أن يخرج بعفو طبي وتعالجه أسرته على نفقتها الخاصة.