من الخارج: هو شاب أسمر اللون، وسيم الملامح، تكسو ابتسامته وجهه ويحسده المقربون عليها.. ومن الداخل: هو مسكين ينهش المرض في جسده منذ نعومة أظافره، ولم يكل ولم يمل بل خاض حربًا بلا هوادة كانت فيها الكلمة العليا لله وحده.. "عرفت يعني أيه قلب بيدق"، يعرف نفسه :"أنا حمزة إسكندر.. من جدة وعندي 24 سنة". في عمره السادس أجرى حمزة عملية في القلب: "ولدت بعيب خلقي، فقلب الإنسان الطبيعي شبه الثمرة، وأنا قلبي مائل لتحت"، وفي عمر الثاني عشر، ركب له صمام معدني للقلب: "كنت لما بشوف حد بقوله قرب تعالى اسمعك شىء في صدري، فكان بيخرج من قلبي صوت مثل دقات عقارب الساعة".
يتفاجأ البعض لسماع حديث حمزة عن مرضه، لتقبله ورضاه به، لكن مع مرور السنوات، زاد الألم أعباء: "في يوم، بطني كانت تؤلمني عن الأكل والشرب، وأشعر بحرقان في المعدة، وأول ما وقفت حسيت بدوخة"، أشقاء حمزة نقلوه إلى إحدى مستشفيات جدة، وهناك علم أنه مصاب بسرطان في المعدة. "ليش أنا".. همهم حمزة بتلك العبارة وهو يجلس علي مقعد أمام الباب الرئيسي للطبيب المعالج له، باكيًا من مرارة الألم، سواء ألم القلب أو السرطان: "مكنتش مستوعب.. فجأة عندي سرطان وفي المرحلة الثالثة". حضن اباه وأحتواء امه وسندت أصدقائه، أعطت ل"حمزة" القوة للوقوف على المرض، وجعلت منه محاربًا شجاعًا: "جلست فى المستشفى 5 أسابيع، كانوا يأكلوني محلول يمشي في دمي، ويضعوني تحت جهاز وأنا عاري، بعدما أجروا لي العملية". حوار بين حمزة ووالده: "أبويا قالى من زمان ما شفتك تضحك، طالما قررت محاربة السرطان.. فلما لا تحاربة بابتسامة"، ومن هنا بدأ حمزة في حملة "أنا أحارب السرطان بابتسامتي". تعلق مستخدمي السوشيال ب"حمزة" من خلال الفيديوهات التى واظب علي نشرها كل يوم، على حسابه الشخصي، والصفحة التى تحمل اسم المبادرة، ومن خلالها يروي ل"التحرير" قصته مع المرض: "إذا كنت عايش وبتنفس، يبقى في أمل أنك توصل لشىء جديد في حياتك، لسه قدامك تعيش بكرة وبعد بكرة بإذن الله".
مساء يوم الإثنين الماضى، تدهورت حالة حمزة الصحية، فنقل إلى مستشفى فيصل في جدة، وهناك دون عبر حسابه على تويتر: "الطوارئ في مستشفى فيصل التخصصي للأسف وكل مرة بكل تحطيم جدا سيئ"، وبعدها بساعات غرد ب"ربنا يشفينا"، ليستيقظ متابعيه صباحا علي خبر:"محارب السرطان في ذمة الله". دشن متابعي حمزة، هاشتاج #حمزة_إسكندر ، ونعه من خلاله أسرته، واتفق البعض على قراءة القرآن الكريم على روحه، والفنانة أصالة كانت من المشاهيرالذين غردوا علي الهاشتاج: "هناك أناسٌ كنسمة فى صيف يمرّون بِنَا.. يمسحون على رؤوسنا بأيدٍ حانية.. كلامهم طيّب شعورهم دافئ.. حمزه إسكندر أنت في أيدٍ أمينة وهو أرحم الراحمين". حمزة ليس مريض السرطان الأول، الذي أثر في شباب جيله، من خلال السوشيال ميديا، ورحل تاركا جرحا في قلب كل متابعيه، فمن قبله "مهند مهاب" و"عبد الرحمن أبو هشيمة"... مهاب مهند خرج من السجن مصابا بسرطان في الدم مهند مهاب، شاب إسكندراني، في عمر ال19 عامًا، نال شهرة واسعة على السوشيال ميديا، بسبب اعتقاله ثلاثة مرات، وخروجه من المعتقل بسرطان في الدم. في الصف الثاني الإعداد، شارك مهند في ثورة 25 يناير، ولم تكن أول مظاهرة يشارك فيها بحياته، بل انضم لمظاهرة نصرة "غزة" ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.
ومن هنا بدأت القضايا السياسية تشغل تفكيره رغم صغر سنه، ثم قٌبض عليه نتيجة تصويره إحدى المظاهرات بالإسكندرية، وكان عمره وقتها 17 عامًا، وأصيب ب"مطواه" في رقبته، من شخص مجهول، ثم أودع في إصلاحية ب"كوم الدكه"، وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات، وفي الاستئناف تم تخفيفه ليصبح 3 أشهر. اعتقل مهند مرة أخرى أثناء تصويره مظاهرة أخرى في "سيدي بشر" ثم تم الإفراج عنه، واعتقل للمرة الثالثة بعد مشاركته في مظاهرة بشارع "الإذاعة" بحي "فلمنج" وقٌبض عليه واعتقل بسجن "برج العرب" لمدة عام، وفي هذه المرة مرض في المعتقل وبعد فترة من مرضه تم فحصه في السجن ليكتشف أنه مصاب بمرض سرطان الدم "لوكيميا" ووقت الإفراج عنه كان المرض قد تملك من جسمه وأصبح نسبة شفاؤه تكاد تكون منعدمة، ثم سافر في رحلة علاج إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولكن الأطباء عجزوا عن علاجه بعد تملك المرض منه، بحسب حوار سابق لمهند.
وكتب مهند في تدوينة سابقة له عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "أنا فعلا بقالي فترة طويلة تعبان جدا و مفيش لحد دلوقتي ولا مره نتيجه تحليل أو أي حاجة طلعت أفضل من اللي قبلها والوضع كل يوم بيزداد سوء والمرض فعلا اشتد عليا جدا والألم لا يُطاق، وكل يوم يحصل شيء جديد يسوء الموضوع ويصعب المسأله وكل تجربة عملتها فشلت ووصلت لدرجه من فقدان الأمل متوقعتش اني ممكن أوصلها وبقيت مدرك خلاص اني مش هخف أنا عموما مبحبش الجو الدرامي ده انا بس محتاج أن كل واحد يشوف الكلام ده يدعيلي ان الموضوع يخلص بأي طريقه بس المهم بدون الم يعني بس المهم يخلص سواء بشفاء أو بغيره، ويدعيلي بحسن التدبير واني أخد قرار سليم ميضرنيش لعل أن حد من اللي هيدعوا يكون دعائه مستجاب"، ونشر صورة توضح سقوط شعره وعلّق عليها: "إنه شعري.. لكن ليس لدي إختيار.. أتمنى أن يكون لي الخيار في وقت لاحق". توفي مهند، بعد صراع مع المرض اللعين وعم الحزن على متابعيه، بعد أن أكد ذلك والده على حسابه: "إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرا منها اصطفي الله ابني مهند إلى جواره الآن". المرض ينهي حياة "عبد الرحمن" قبل العلاج عبد الرحمن محمد أبو هشيمة، شاب عشريني، من محافظة بني سويف، أصيب بورم ليمفاوي خبيث من الدرجة الرابعة، وبرغم خوضه تجربة العلاج الكيماوي بشتى أنواعه، إلا أن الله لم يكتب له الشفاء حتى الآن. وتداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، القصة الكاملة لإصابة هذا الشاب، مشيرين إلى أنه أصيب بالمرض منذ 4 سنوات، ومن وقتها خاض أكثر من 64 جلسة علاج كيماوي، إلا أنه لم تحدث أية تغيرات، بالإضافة إلى انتشار المرض بشكل كبير. وأصبحت جميع المستشفيات "الحكومية والخاصة"، ترفض استقبال حالته، حيث يردون جميعًا نفس الرد، وهو أنهم لا يمتلكون له أي علاج.
المؤسف في الأمر، أنه تم اكتشاف أمر خطير آخر أثناء رحلة العلاج، وهي التصاق بالكلي منذ الصغر، وهو ما دفع ذويه لمراسلة المراكز الطبية بالخارج في أمريكا وفرنسا وبعد دراستهم للحالة، أجمعوا على ضرورة تلقيه 6 جرعات من علاج كيماوي تكلفة الجرعة الواحدة ١٦ ألف يورو، ثم بعد ذلك يجري عملية زرع نخاع غير متواجدة في مصر. وبحسب رواية النشطاء؛ تقدم ذوي عبد الرحمن، بطلب لوزارة الصحة للسفر للخارج على نفقة الدولة، و بعد تشكيل لجنة طبية ومجلس أطباء لدراسة الحالة، أكد الجميع ضرورة سفره للخارج، إلا أنهم لن يتكلفوا سوى 12.000 يورو فقط، في حين أن تكاليف العلاج الكيماوي وعملية زرع النخاع سوف تتكلف 150,000 يورو، وذلك بمعهد "جوستاف دي رووسي" بفرنسا.
دشن أصدقاء "عبد الرحمن"، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل التبرع له، ليتمكن من السفر والعلاج في الخارج، لاسيما بعد تدهور حالته بشكب كبير.
استجاب رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، لنداء أصدقاء "عبد الرحمن" و كتب على حسابه ب"فيسبوك": "تم التواصل مع الشاب عبد الرحمن وتوجه مندوب لمحل سكنه بمركز الفشن بمحافظة بنى سويف وجارى اتخاذ كافة الإجراءات للبدء فى مراحل علاجه". الأمل غاب في استمرار حياة "عبد الرحمن"، واسترد الله أمانته قبل شفاه، ونعي أحمد ابو هشيمة، عبد الرحمن، بكلمات: "إن لله وإنا إليه راجعون، استرد الله أمانته في أيام الرحمة قبل أن يتحقق أملنا في علاجه ولكن إرادة الله هي الغالب".