أعلنت شركة أرامكو السعودية، مجددًا، وقف الإمدادات البترولية إلى مصر؛ لحين إشعار آخر، ما يحتم على مصر البحث عن بدائل فعالة لتعويض النقص الناتج عن المواد البترولية خلال الفترة المقبلة. وبالفعل بدأت المساعى المصرية لتوفير البدائل من البترول، حيث توجَّه المهندس طارق الملا، وزير البترول، إلى أبو ظبي؛ لحضور المؤتمر الدولي" أديبك" 2016، وترددت أنباء عن أن وجهته المقبلة ستكون العاصمة الإيرانيةطهران؛ لعقد صفقات بترولية. إلا أن وزارة الخارجية الإيرانية سارعت لنفي الأمر، مؤكدة أنها لم تتلق إخطارًا رسميًا من السلطات المصرية بزيارة الملا، بينما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء أن "الملا" التقى اليوم نظيره الإيراني "بيجن زنكنه"، في لقاء تناول تعزيز العلاقات الثنائية في مجال الصناعات النفطية والطاقة والنفط الخام ومنتجاته. ولكن بالتدقيق في معطيات الواقع حول احتياجات مصر من النفط، وبالنظر إلى إنتاج إيران الضخم من النفط، والذي تجاوز الأربعة ملايين برميل يوميًا، إضافة إلى تحقيقها فائضًا في إنتاج القمح، يمكن طرح التساؤل التالي: "لماذا لا يكون هناك تبادل وتعاون تجارى بين القاهرةوطهران؟، وما العراقيل أو الموانع التي تحول دون ذلك؟ مخاوف أمنية ونفوذ خليجي قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، إنه يجب أن تربط علاقات قوية بين القاهرةوطهران، حتى ولو كان هناك اختلاف في الرؤى ببعض المواقف والقضايا الدولية، مؤكدًا أن عزوف القاهرة عن التعامل مع إيران ليس في مصلحة البلدين بشكل كبير. وأضاف نافعة، في تصريحات ل"التحرير"، أن المخاوف الأمنية لدى بعض الجهات السيادية في مصر من التقريب مع طهران، وكذلك الضغوط الخليجية التي مورست على مصر خلال الفترة الأخيرة، تعدان من الأسباب القوية وراء عدم التعاون بين البلدين. وأشار إلى أن طهران تمثل قوة في إنتاج البترول، وزراعة القمح، ومصر تحتاج للسلعتين؛ ما يعني أن التعاون معها يجلب النفع للدولة المصرية، منوهًا بأنه طالب مرارا وتكرارا برفع التمثيل الدبلوماسي على أعلى مستوى بين الطرفين، بحيث يكون هناك سفير لمصر في طهران والعكس. ولفت إلى أن استمرار سيناريو المخاوف الأمنية والضغوط الخليجية، قد يعرقل أي تطور طبيعي في العلاقات المصرية الإيرانية، وأن أي تحرك من قبل الجانب المصرى للتعاون مع طهران خلال الوقت الراهن، يفسر في الأوساط الدولية بأن مصر تحاول أن تستفز الجانب السعودي، أو قد يفهم بأنه ناتج عن منع الرياض إمداداتها البترولية للقاهرة. إيران لن تمانع وفي حين، أكد الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي، أن إيران لن تمانع في التعامل مع مصر على كافة المستويات، وستقدم المساعدات سواء كانت بترولية أو غيرها؛ مردفًا أن الإيرانيين يحبون وبشدة المصريين، ونوه بأن التعاون المتبادل بين طهرانوالقاهرة يتطلب قرارًا سياسيًا جريئًا. وأوضح النفيس، ل"التحرير"، أن "التغلغل" السعودي في مصر، بدأ منذ نكسة 67، وتطورت العلاقات بين القاهرةوالرياض في عصر الرئيس الراحل أنور السادات، وصولا إلى عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، موضحًا أن الأخير كان لا يتحرك خطوة إلا بعد الرجوع للمملكة السعودية قبل اتخاذ أي قرارات تخص الشأن الخليجي والإقليمي. وتابع: "في الوقت الحالي، لم يعد للنظام المصري حرية الاختيار أو الانتظار، خاصة بعدما انتهت كافة الاتفاقيات بين مصر والسعودية إلى مهب الريح، واشتغل الإعلام المصري على مدار السنوات الماضية على تأكيد خطورة المد الإيراني أو الشيعي، فكل تلك الأمور ساهمت إلى حد كبير في عدم وجود تعاون متبادل بين البلدين. وأوضح النفيس، أن الأزهر لعب دورًا بارزًا في غياب التعاون بين القاهرةوطهران، "من خلال بعض رجال الدين من أصحاب الفكر السلفي الوهابي الذين يعملون من أجل مصالح السعودية بالقاهرة، ليس من باب الدعوة ببث المعلومات المغلوطة عن الشيعة"، حسب قوله. وحول أن إيران تحاول أن تتقارب من مصر بهدف "المد الشيعي"، رد بأن هذا الحديث عارٍ تمامًا من الصحة، حسب تعبيره.