لاشك أن استمرار التبادل التجاري بين مصر وايران مهما كان محدودا, الا أنه كفيل بتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين قبل العلاقات السياسية خاصة فيما يتعلق بتبادل السلع الغذائية والهندسية, حيث تنتج ايران2.1 مليون سيارة سنويا بخلاف امكانيات تصدير التفاح والتمر الفاخر والياميش بالأسعار التنافسية لتكون أقرب الواردات الايرانية لمصر, بينما يمكن لمصر أن تصدر لايران ثلاجات وبوتاجازات وغسالات, بخلاف تمتعها بالسياحة الدينية خاصة مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة بالقاهرة والتي تشكل أملا كبيرا في زيارة ملايين الايرانيين لمصر. فهل يمكن أن تسبق العلاقات التجارية والسياحية أي خطوة سياسية لاعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؟ من خلال زيارة سريعة للعاصمة الايرانيةطهران اتضح عمق المشاعر المتبادلة بين الشعبين المصري والايراني والرغبة الحقيقية للايرانيين في مد جسور التعاون لمصر في شتي المجالات وتبديد المخاوف التي خلفتها القوي الغربية من الغزو الشيعي لمنطقة الشرق الأوسط. وقد أكد الدكتور محمد فهونديان رئيس اتحاد الغرف التجارية الايرانية ضرورة تدعيم العلاقات التجارية مع مصر وأعرب عن استعداد الغرف التجارية الايرانية لتقديم مختلف التسهيلات لرجال الأعمال المصريين لتنمية التعاون التجاري مع نظرائهم الايرانيين وبما يحقق المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة بين الجانبين ولاشك ان الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر قادر علي تحقيق ذلك الهدف وخاصة بعد قيام وفد تجاري ايراني بزيارة مصر منذ عدة أشهر واستعداد الجانب الايراني بدعوة وفد مصري لايران لاجراء المزيد من المباحثات وابرام الصفقات بين رجال الأعمال في مختلف المجالات. وبرغم تفاقم العقوبات الدولية علي ايران بسبب برنامجها النووي فإن شعبها يواجه الحياة اليومية بثقة, فقد رفعت الحكومة اسعار الخبز في اطار خطة لخفض الدعم وتخفيف الأعباء الحكومية فيما يتعلق بالمواد الغذائية والطاقة, ولكن حكومة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد تمنح المواطنين54 دولارا في الشهر كتعويض عن رفع ذلك الدعم, لتسير الحياة دون اختناقات أو أزمات سلعية حادة ورغم ارتفاع مستوي الفقر فلم نشاهد في شوارع العاصمة الايرانية متسولا واحدا. ومع اتساع نطاق الحرية في المجتمع الايراني, تشارك المرأة في العمل في عديد من المجالات, سواء اعتمدت علي نفسها كموظفة أو مدرسة أو ممرضة أو مترجمة, بل فوجئنا عند هبوطنا لمطار طهران الدولي فجرا بأن بعض الموظفات بالجوازات يقمن بانهاء الاجراءات بعد منتصف الليل بملابسهن السوداء الوقورة, وبسرعة وكفاءة تفوق الرجال وكان ذلك مفاجأة لنا. ويتميز الاقتصاد الايراني بأنه متنوع علي خلاف اقتصاديات دول الجوار في منطقة الخليج العربي, فلدي ايران مساحة زراعية كبيرة تزيد عن عشرة ملايين هكتار تسهم بحوالي 61% من الناتج القومي وصناعة تحويلية تسهم بنحو 71% من جملة الناتج ايضا, كما أن ايران ثالث دولة بترولية في العالم وثاني دولة في انتاج الغاز وكلها مقومات كفيلة بتلبية احتياجات المواطنين, وتصدير نسبة لابأس بها من المنتجات الزراعية والصناعية واستيراد الاحتياجات الضرورية من عوائد الصادرات. وقد صار قصر شاه ايران السابق محمد رضا بهلوي مزارا للسياح, يكشف عن حياة البذخ التي كان يحياها علي مساحة شاسعة وعلي النقيض يبدو منزل آية الله الخميني بسيطا متقشفا, كما تم تحويل مبني السفارة الأمريكية في طهران ايضا الي متحف شعبي كبير يضاغ الي المزارات السياحية بالاضافة الي برج ميلاد سادس فأعلي برج في العالم والذي وصلت تكاليف إنشائه لأكثر من54 مليار تومان. ولاتخلو المحال التجارية والمولات من جميع السلع الضرورية والكمالية, بخلاف الأسواق العديدة المتخصصة منها والشاملة في طهران خاصة السجاجيد الايراني الشهيرة ذات الوبرة المتميزة, وانتاج الحلويات العديدة. وأخيرا يظل اسم مصر علي بعض الشوارع في ايران, ومنها شارع بور مصري( آي ابن مصر) وجميع الشوارع نظيفة دائما وبراقة تعكس سلوك شعب متحضر.