عقب انتفاضة شعب مصر العظيم فى 30 يونيو، قلت إننا لن نكرر الخطأ الذى وقعنا فيه بعد ثورة يناير، حين تركنا ميادين التحرير قبل الأوان، فكانت النتيجة أنْ سرق «الإخوان» الثورة واستولوا على الحكم وبدؤوا فى إقامة دولتهم الفاشية التى أسقطها الشعب فى 30 يونيو. لم يكن المقصود بالطبع أن تظل عشرات الملايين تملأ ميادين وشوارع مصر على الدوام، ولكن أن تكون واعية بحجم المخاطر على ثورتها، وأن تكون جاهزة للدفاع عنها فى أى وقت، وأن تحتفظ بوحدتها حتى تتجاوز المرحلة الصعب، وأن تكون على الدوام هى صاحبة القرار فى كل ما يجرى على أرض الوطن. وهذا ما يفعله شعب مصر اليوم حين ينزل ليقول كلمته فى وجه إرهاب، يريد أن يفتك بالوطن، وفى وجه جماعة ليس فى تاريخها إلا العنف والدم، تريد الآن أن تنتقم من الشعب الذى أسقط حكمها الفاشى بإحراق مصر وتدمير مؤسساتها ونشر الخراب فى ربوعها. تنزل الملايين اليوم لتقول للواهمين إن مصر لن تكون سوريا أخرى، وإن مخططاتهم لإشعال الفتنة بين أهل الوطن لن تنجح، وإن التآمر على آخر الجيوش العربية القادرة على المواجهة لن يفلح، وإن على جماعة الإرهاب ومن يساندونها من القوى الإقليمية والدولية أن يدركوا أنهم يواجهون شعبا بأكمله وجيشا لا يعرف الولاء إلا لهذا الوطن، وجهاز شرطة عاد فى 30 يونيو ليضع نفسه فى خدمة الشعب صاحب القرار. على مدى الأسابيع الماضية لم نتوقف عن التحذير من غضب الشعب. كنا نقول إن صبر الناس نفد وهم يرون الإرهاب يغتال أبناءنا فى سيناء ويحاول التمدد فى كل أنحاء الوطن. بينما قيادات «الإخوان» تستمر فى مخططاتها لنشر الفوضى، وتحول أماكن الاعتصام إلى «سلخانات» لتعذيب من يعارضونهم وإلى أماكن انطلاق لحصار مؤسسات الدولة ولمهاجمة المواطنين ولقتل الأبرياء. كنا نحذر من نفاد صبر الشعب، وكانوا -وما زالوا- يصرون على المضى فى طريق العنف والإرهاب ونشر الفوضى. كنا نحاول حشد كل القوى لإنقاذ الوطن، بينما كانوا -وما زالوا- ينفذون مخططهم لإحراق مصر بلا ضمير وبدون أى إحساس. واليوم تخرج الملايين لتقول «كفى» لا مجال بعد اليوم للإرهاب أو للعنف. حق التظاهر السلمى مكفول لكن القتل والترويع وتفجير القنابل ومحاولة تدمير مؤسسات الوطن.. هذه كلها جرائم لن يفلت من يرتكبها من العقاب، ولن يتسامح فيها الوطن مطلقا. كان الفريق السيسى يستطيع أن يلجأ إلى المناورة ويراعى الشكليات، ولكنه كان يريد التنبيه لحجم الخطر الذى تتعرض له مصر من جماعات الإرهاب بالداخل، ومن الدعم الأجنبى لهذه الجماعات لإخضاع إرادة مصر. ولا شك أن الرسالة وصلت. وحين تخرج الملايين اليوم إلى ميادين التحرير فى كل أنحاء مصر، فإنها تؤكد على حقيقة الصراع الذى يدور على أرض الوطن بلا تزييف. تخرج الملايين اليوم لتقول إن مصر كلها (شعبا ودولة بما فيها الجيش والشرطة) تخوض معركتها الحاسمة ضد الإرهاب والعنف وفاشية الإخوان. مصر اليوم فى ميادين التحرير.. تنتصر لنفسها وللثورة، وتنقذ الوطن من تجار الدين وعصابات الإرهاب.