الدم المصرى كله واحد.. ويعلم الله قدر الحزن والألم على كل ما أُهدر وما زال قبل 30 يونيو وبعدها من دماء الشباب والنساء والرجال، ولا سامح الله من أشعلوا نيران الصراع ومخططات الانقسام ويريدون تحويلها إلى احتراب داخلى عقابا للملايين الذين رفضوا استمرار حكم الجماعة، وما يفعلونه الآن من تضليل لعقول ونفوس بريئة تستخدم وقودا لمعركة الحياة أو الموت التى يديرها من الخارج الآن تنظيمهم الدولى وينفق الأموال الطائلة لتجييش إعلام دولى مأجور ضد حق المصريين فى أن يستردوا ما منحوا ويرفضوا حكما هددهم فى عام واحد بالقضاء على بلدهم وهويتهم الحضارية والثقافية ووسطيتهم الإيمانية والتفريط فى حدودهم وأرضهم.. فى أى العقائد والشرائع بستباح الكذب وتثار الكوارث والمصائب والأخطار والمهددات -طوال العام الماضى أمنيا واقتصاديا وإنسانيا واجتماعيا- هل كان المطلوب الصمت والاستسلام حتى يتحقق التفكيك والتمكين وباقى مخطط التنظيم الذى تمثل مصر قلبه ونقطة ارتكازه؟ ماذا يعنى كل ما حدث وما زال يحدث فى سيناء؟ ولماذا ترك سرطان الإرهاب يتوحش فيها ويضطر القوات المسلحة إلى عمليات عسكرية لردها وإعادتها إلى وطنها؟ وماذا عمن استشهدوا وعن الضباط، وما زالوا، ومن خُطفوا وعادوا؟ ومن خُطفوا ولم يعودوا حتى الآن؟ أين كان الإعلام المأجور الذى تشن فيه الحملة المأجورة الآن على المصريين وثورتهم وتلبية جيشهم لندائهم؟ لماذا لم يذرف هذا الإعلام دموع التماسيح التى يذرفها الآن؟! ولكن المشكلة ليست فى هذه الحملات المأجورة، ولكن فى عدم قطع ألسنة حملات التشويه والتضليل والأكاذيب بعرض الحقائق الموثقة، وإعلان نتائج التحقيقات فى كل ما حدث من جرائم إهدار الدم المصرى فى العام الماضى، وبعد الحدث التاريخى الذى أنجزه ملايين المصريين فى 30 يونيو. ووسط سعى مخلص يتم الآن إعادة البناء وإصلاح وترميم ما انكسر ودفْع حركة الحياة والعمل والإنتاج وتلبية بعض المطالب التى تمنى الشعب أن تتحقق بثورته وبالدماء الذكية لمن استشهد من أبنائه، ولاستثمار الطاقة الثورية المدهشة لشعب استطاع أن يسقط فى عامين نظامين للحكم، لم يحققا آماله وحقوقه الأصيلة فى العدالة والكرامة والإنسانية ولقمة العيش الآمنة، وسط هذه الجهود الحادة للترميم ودفع حركة الحياة للأمام رغم جميع العقبات والصراع الذى يريد أن يسد كل أفق لالتقاط الأنفاس، لا يمكن القبول بعودة القاتل أو القتلة الذين يرتكبون جرائمهم، ثم يختفون دون حساب أو عقاب. احترام وتطبيق القانون واحد من أهم أركان البناء الذى يُرفع فى مصر الآن، والتصدى بحزم وقوة للخارجين عليه أهم ضمانات حماية هذا البنيان، وسيظل من أهم أسباب سقوط حكم الجماعة ما أهدر من دماء فى سيناء وفى بورسعيد، وفى جميع محافظات مصر ولم تجد من يتصدى ويحاسب ويعاقب القتلة.. لا أمان للحاضر والمستقبل إلا بأن يكون القانون ضمانة حاسمة وقاطعة وأن لا يكون القتلة كل القتلة أحرارا طلقاء لا يحاسَبون، قتلة السيدات فى المنصورة وقتلة ضباطنا وجنودنا، ومن تحولوا إلى أشلاء من أبناء سيناء فى العريش.. القتلة الذين أداروا مجزرتى بورسعيد فى يناير 2013 ومارس 2013، وقتلة أبناء النادى الأهلى فى استاد بورسعيد، المجزرة البشعة التى حاولوا أن يعلقوها فى رقبة أبناء بورسعيد، وأحدث الاتهامات، وكجزء من مخطط تشويه الجيش يحاولون اتهام القوات المسلحة بارتكابها. طالما غابت وغُيِّبت الحقائق ونتائج التحقيقات الجادة سيظل القتلة والمحركون لهم يوزعون الاتهامات.. يجب أن يعرفوا جميعا أنه قد انتهى أوان القاتل الغامض والغائب دائما والطرف الثالث هذه الأكاذيب التى صنعت لإخفاء قتلة معلومين! القانون ثم القانون، ثم القانون، طوق النجاة للجميع، وعودة الشبح أو القاتل المجهول من أخطر ما يهدد تقدم مسار وخريطة طريق الثورة، وأن تفصل التحقيقات الجادة والأمنية بين الحق والباطل، وأن تقطع بها ألسنة الأكاذيب والافتراءات التى لا يوقفها وازع من دين أو ضمير أو أخلاق. اسأل أصحاب الضمير وصحيح الدين فى مصر: هل يصدقون أن من طبائع المصريين الذين يحملون الصفات المصرية الأصيلة من ورع وخشية الله وضمائر حية بإمكانهم أن يطلقوا الرصاص على مصلين يسجدون لله؟ المشهد المستحيل وكما تؤكد شهادات كثيرة، والذى يذكرك بما حدث من إسرائيليين متطرفين فى المسجد الأقصى يريدون أن يلصقوه بمصريين. وما حدث أمام مبنى الحرس الجمهورى، لإثارة المشاعر واستجداء التعاطف للأسف يستبيح تجاوز كل الحدود، وما يمكن أن يصدقه العقل والضمير وإن كان الفاصل والفيصل القاطع يجب أن يكون لنتائج التحقيقات وإعلان عاجل ينهى استخدامها واستغلالها بما يحدث مزيدا من إشعال نيران الغضب والاحتقان والانقسام والاحتراب بين المصريين. ومثل ما لا يستطيع مصرى فى اعتقادى وثقتى بالمكونات الأخلاقية والإيمانية للمصريين أن يقتل ساجدا يصلى، لا يقتل النساء إلا قاتل أجير، ولكن ما يستحق التأمل أن تتقدم أخوات فضليات لهن كل الاحترام، أن يتقدمن الرجال فى مظاهرات الجماعة، فهل لهن بالفعل هذا الموقع القيادى والمتقدم فى إدارة أمور الحياة؟! أتمنى وأنا أقدم العزاء لأسر الشهيدات الثلاث، وأرجوا أن لا يكون تقدم النساء لمظاهرات الجماعة كمثل استبدال رفع الأعلام السوداء ورفع أعلام مصر لزوم مقتضيات المعركة والاحتراب والصراع الذى يراد إغراق المصريين فيه، فالعَلم ليس مجرد قطعة من القماشة تُرفع، إنه رمز وقيمة وهوية، فلأيهما الانتماء الحقيقى، لعلم مصر أم للأعلام السوداء؟! ومكانة المرأة وموقعها، هل سيظل دائما فى مقدمة الصفوف ويظل القتلة الأجراء الذين ارتكبوا جرائم إهدار الدم المصرى بالفعل أو بالتحريض قبل وبعد ثورة 30 يونيو مطلوبين للعدالة والقصاص؟ ذلك القصاص الذى طلبناه لجميع شهدائنا، ولم يجد استجابة من الرئيس والنظام اللذين أسقطتهما جماهير 30 يونيو، وكما لكم فى القصاص حياة، لكم فى إهماله والتغاضى عنه سقوط وفشل ونهاية.. وهذا ما كان.