لست مَعْنيًّا بالحديث عن إسقاط حكم يعرف جيدًا أنه سقط بالفعل مع خروج شعب مصر ليستعيد ثورته وينقذ الوطن من استكمال الكارثة فى ظل حكم الإخوان! ولا ينبغى أن نقف طويلًا أمام حديث مغلوط عن «الشرعية» التى يعرف الأخ مرسى نفسه أنه بدَّدها بقرارات كارثية، وبتصرفات وضعت الدولة على حافة الانهيار، وبفشل وراء فشل جعل بقاءه فى الحكم هو المستحيل. بدَّدد مرسى «الشرعية» حين أصدر إعلانه الاستبدادى فى نوفمبر الماضى ليجعل من نفسه حاكمًا بأمره، وليضع نفسه فوق القانون، وليمنح الحصانة لجمعية دستورية باطلة، ولمجلس شورى أكثر بطلانا! وبدَّد مرسى شرعيته حين سمح بمذبحة الاتحادية، وحين حوّل القصر الرئاسى إلى ساحة تعذيب للثوار، وحين ترك أنصاره يمارسون القتل مطمئنين إلى حماية رسمية ونائب عام ملاكى! وبدَّد مرسى شرعيته بسقوط أنبل شباب الثوار جيكا وكريستى والجندى وبفتح السجون للآلاف من زملائهم، وبارتكاب مذبحة بورسعيد التى راح ضحيتها ما يقرب من خمسين شهيدًا فى جريمة لن تسقط بالتقادم، ولن يفر المسؤولون عنها -وأولهم مرسى نفسه- من العقاب! وبدَّد مرسى شرعيته حين عاقب مدن القناة بإعلان الأحكام العرفية وحظر التجول، فكان الرد هو التجاهل والتحدى الذى حوَّل قراراته إلى قصاصات ورق لا قيمة لها! وبدَّد مرسى شرعيته حين ترك سيناء تتحول إلى ساحة للإرهاب، وحين ترك دماء جنودنا الشهداء بلا قصاص، وحين تصور أن وجود الإرهابيين من المصريين وغير المصريين هناك هو ثمن دعم الجماعات الإرهابية له!! وبدَّد مرسى شرعيته حين تنكَّر لكل الوعود بالمشاركة والتوافق الوطنى، وجعل «أخونة» الدولة هى الهدف، حتى ولو كان الثمن هو الفشل فى كل شىء، ولو كانت النتيجة ضياع ما تبقى من هيبة الدولة حين يتم تعيين محافظين لا يعرفون حتى الآن كيف يدخلون إلى مكاتبهم! وبدَّد مرسى شرعيته بالعدوان على القضاء، وبتهديد الصحافة والإعلام، وبالصدام مع المثقفين، وبإعلان الحرب على حرية الفكر والإبداع، وإحالة أصحاب الرأى إلى المحاكمة وإعادة أزهى عصور الاستبداد. وبدَّد مرسى شرعيته حين تبنَّى نفس سياسات النظام السابق الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا عليها قلة الكفاءة والفشل المزرى فى القيادة، لتجد مصر نفسها فى مزيد من البطالة والفقر والتراجع الاقتصادى وارتفاع الأسعار وطوابير البنزين والسولار، والغرق فى الظلام والديون التى تتزايد بمعدل مليار دولار فى الشهر الواحد! وبدَّد مرسى شرعيته وهو يقف عاجزًا أمام المخاطر الكبرى على أمن الوطن.. من مياه النيل إلى الإرهاب فى سيناء، إلى العزلة عن العالم العربى، إلى تسول الرضا الأمريكى بأى ثمن مطلوب!! وبدَّد مرسى شرعيته حين تحول من رئيس مفترض لكل المصريين، إلى رئيس لجمهورية الصالة المغطاة التى تحولت بعد ذلك إلى رابعة العدوية. بضعة آلاف من المخدوعين الذين لا شك فى أنهم سيكتشفون الحقيقة ويحاسبون قيادات تختبئ مع عائلاتها وتترك المخدوعين فى مواجهة الشعب، ويحاسبون أيضا عواجيز الإرهاب الذين عفا الشعب عنهم مرة.. لكنه لن يغفر لهم أبدًا إذا بادروا بالعنف فى مواجهة ثورة تتمسك بسلميتها حتى النهاية. يعرف مرسى وجماعته أنها لحظة النهاية. الملايين قالت كلمتها واستردت ثورتها. الشرعية الوحيدة هى للشعب وثورته. أرجو أن لا يخطئ أحد الحساب، فلا تسامُح ولا غفران مع أى نقطة دم تسيل. ارحلوا بهدوء.. فالعقاب سيكون شديدا إذا رحلتم وأيديكم مخضبة بالدماء