نعم يا أخى.. لا شكر على واجب، فقد اتخذت قرارك بالخلاص من «طغمة الشر» وعصابات الجاهلية والإجرام التى سرقت ثورتك وتريد أن تنشل مستقبلك ومستقبل أولادك، وها أنت قد دعوت نفسك لكى تنفذ قرارك بيدك، وقد بشرت الظالمين أمس بأن حكمك النهائى صدر خلاص ولا مجال للتراجع ولا منفذ للهرب.. واليوم ستبدأ أنت الموجة العظمى والأكثر حسما من ثورة رائعة اختُطفت وجردتها عصابة الخوارج وقطعان التوابع والخدم من أهدافها النبيلة وشعاراتها الراقية وتركتها عارية شوهاء.. اليوم ستعود إلى الميادين لكى تعيد الاعتبار والاحترام إلى هذه الثورة، وتنقل أهدافها ومراميها من فضاء الأمانى إلى أرض واقع يتشقق جدبا وعطشا لملمسها الندى الطرى. وإلى القلة المساكين الذين ما زالوا يعاندون الحقيقة ويتخبطون فى ظلام العمى ويقاومون الامتلاء باليقين أننا فعلا نحتاج إلى تجديد ثورتنا وإعادة بث الروح فيها واستعادتها من براثن غاصبيها الأجلاف، أذكرهم بالآتى: أولا: لقد هدمنا فى يناير العام قبل الماضى جدار الرعب والخوف، ولم نعد نخشى فى طلب حقوقنا الإنسانية المشروعة قمعا بوليسيا ولا قهر عصابات أو قطعان ميليشيات إجرامية جوالة.. وبعد أن نظفنا السجون من مسجونى الضمير عادت الزنازين المظلمة الرطبة تضىء وتستدفئ بأجساد وأنفاس أجمل وأنبل شبابنا «ثلاثة آلاف سجين»، وعادت شوارع الوطن تتلون بدماء أنبل وأجمل شبابنا «نحو 140 شهيدا فى شهور قليلة». ثانيا: كنا قبل الثورة نكابد حكما عائليا بهيجا ديكتاتوريا وفاسدا، والآن ورثتنا جماعة أشرار تريد أن تبنى على جثة البلد دولة ومجتمعا، حكما فاشيا متطرفا وفاشلا وخائبا بامتياز، لكنه عائلى بهيج أيضا «السلطة موزعة على الأنسباء». ثالثا: كنا نعانى قبل الثورة من عصابة «القط الأحمر» التى تسطو على السلطة والثروة، وقد أصبحنا نعانى حاليا من سطو جماعة «القط الأسود» التى لهفت السلطة وتجاهد بخيابة لوراثة «الثروة» أيضا. رابعا: أسقطت الثورة فى يناير حفنة «نشالين»، فإذا بالست الجماعة تهدينا قطيعا من «البقالين» المفجوعين المتلمظين لأكل السحت والمال الحرام! خامسا: كنا نشكو قبل الثورة من عار التبعية لأمريكا ومنح الهدايا المجانية للعدو الإسرائيلى، وحاليا زاد على التبعية لواشنطن والهدايا لإسرائيل (مصر تحت حكم «ذراع» العصابة، صارت ضامنة رسميا لأمن العدو وعدم استهدافه ب«اعتداءات» من غزة) مهانة «الكفيل» القطرى التركى المشترك. سادسا: كانت صحافتنا وإعلامنا يتمتعان قبل الثورة بهامش من «حرية عرفية» انتزعناها عنوة، وقد تمتعنا فى ظلها بالكلام كثيرا ودخول السجن أحيانا، أما الآن فالسيدة «عرفية» نفسها صارت فى خطر داهم ومرعوبة طول الوقت، لأن الست «جماعة الشر» وذراعها الرئاسية لا تكل ولا تمل من ملاحقتها وبهدلتها بسيل لا ينتهى من الشتم والتشهير والتهديدات اليومية والبلاغات الرئاسية والحصارات والاقتحامات والاعتداءات الإجرامية التى بلغت حد القتل والتصفية البدنية «الشهيد الحسينى أبو ضيف نموذجا». سابعا: كنا قبل الثورة نشكو من دستور يشرعن الاستبداد ويقننه، لكنه يقرر حريات وحقوقا إنسانية مهمة وأساسية بقيت «نظرية وورقية» يخاصمها الواقع الفعلى ويناقضها، أما حاليا فقد طبخت لنا الست «الجماعة الشريرة» وتوابعها وخدمها المخلصون فى ظلام الباطل، دستورا طائفيا مسموما ومشموما «يدستر» العدوان على أهم وأخطر الحريات والحقوق الإنسانية ويؤسس لدولة فاشلة فشلا ذريعا. ثامنا: قامت الثورة، والتعذيب تحتكره وتمارسه أجهزة الدولة القمعية داخل أقبية السجون وخلف جدران التخشيبات والزنازين فحسب، فلما وصلت «جماعة الشر» إلى الحكم صار التعذيب أهليا تنفذه العصابات علنا فى الشوارع وتحت أسوار «القصر الرئاسى» شخصيا! تاسعا: قامت الثورة ونحن ننادى باستقلال القضاء وتحصينه من التدخلات الحكومية فى شؤونه، بينما دولة القانون تئن من التعب والمرض.. لكن الآن دولة القانون ماتت فعلا، وأقصى أمانينا أن تتمكن المحاكم من الانعقاد أصلا! عاشرا: زمان قبل الثورة كان نظام المخلوع وولده يجرى بانتظام ممل، انتخابات مزورة ونظيفة من الناخبين، وحاليا بعد الثورة تقوم الست الشريرة بتنظيم انتخابات مهزلة يتم فيها تزوير الناخبين الغلابة أنفسهم وشراء ذممهم وضمائرهم بقزازة زيت و«بطاطساية»! أحد عشر: قبل الثورة كانت معدلات الفقر والبطالة والديون وغيرها من مظاهر الخراب تتفشى وتستفحل بمعدلات سنوية، لكنها الآن تقفز وتتزايد وتتفاقم بمعدلات يومية.. على الأقل! ثانى عشر: كانت مصر قبل الثورة تباع فى سوق النخاسة بالقطاعى، حاليا تسعى «جماعة الشر» لبيعها بالجملة، ومرة واحدة. ثالث عشر: كنا قبل الثورة مهددين بالعطش والجفاف، والآن صرنا مهددين بالإبادة الجماعية ووقف تدفق ماء الحياة فى شريان نهرنا الخالد. رابع عشر: كنا قبل الثورة نشكو نقص «الأنابيب» اليوم نعانى من شح وتآكل كل أسباب اتصالنا بالحياة العصرية.. لا بنزين ولا سولار ولا كهرباء، ولا حاجة أبدا خالص البتة. خامس عشر: كانت الطرق ووسائل المواصلات العامة قبل الثورة وسيلة لتخفيض عدد السكان، وحاليا هذه الوسائل أضحت سلاحا لإبادة كل السكان تقريبا. سادس عشر: نساء وإناث مصر عموما كن عشية اندلاع الثورة «التى لعبن فيها دور البطولة الأول بغير منازع» مهمشات ومقهورات والآن ما زلن مهمشات ومقهورات أيضا، لكنهن كذلك مهددات بالوأد والاسترقاق أو الخطف والنكاح قبل أن يبلغن سن الفطام. لكل هذه الأسباب وغيرها، هيا بنا جميعا إلى الميدان.