كل عام وأنتم بخير بمناسبة اكتمال عامين على ثورة 25 يناير الرائعة التى اختطفت مبكرا من أصحابها، وجرّدتها «جماعة الشر» وتوابعها من أهدافها النبيلة وشعاراتها الراقية وتركتها عارية شوهاء.. لهذا لا مفر من أن نبدأ من اليوم رحلة ثورية جديدة تعيد الاعتبار والاحترام إلى تلك الثورة المغدورة وتنقل أهدافها ومراميها الرائعة من فضاء الأمانى إلى أرض واقع يتشقق جدبا وعطشا لملمسها الندى الطرى. وإلى من لم يزل ضعيف اليقين ويشك أننا نحتاج إلى تجديد ثورتنا واستعادتها من براثن غاصبيها الأجلاف، أعرض الأسباب والحقائق الآتية: أولا: لقد هدمنا فى مثل هذا اليوم من عامين جدار الرعب والخوف ولم نعد نخشى فى طلب حقوقنا الإنسانية المشروعة قمعا بوليسيا ولا قهر عصابات أو قطعان ميليشيات إجرامية جوالة. ثانيا: كنا قبل الثورة نكابد حكما عائليا بهيجا ديكتاتوريا وفاسدا، والآن ورثتنا جماعة أشرار تريد أن تبنى على جثة البلد دولة ومجتمعا، حكما فاشيا متطرفا وفاشلا وخائبا بامتياز، لكنه عائلى بهيج أيضا (السلطة موزعة على الأنسباء) ثالثا: كنا نعانى قبل الثورة من عصابة «القط الأحمر» التى تسطو على السلطة والثروة، وقد أصبحنا نعانى حاليا من سطو جماعة «القط الأسود» التى لهفت السلطة وتجاهد بخيابة لوراثة «الثروة» أيضا. رابعا: أسقطت الثورة أحمد عز، فإذا بالست الجماعة تهدينا بدلا منه، الأستاذ «أبو هشيمة» وخلافه! خامسا: كنا نشكو قبل الثورة من عار التبعية لأمريكا ومنح الهدايا المجانية للعدو الإسرائيلى، وحاليا زاد على التبعية لواشنطن والهدايا لإسرائيل (مصر صارت ضامنة لأمن العدو وعدم استهدفه ب«اعتداءات» من غزة) مهانة «الكفيل» القطرى التركى المشترك. سادسا: كانت صحافتنا وإعلامنا يتمتعان قبل الثورة بهامش من «حرية عرفية» انتزعناها عنوة، وقد تمتعنا فى ظلها بالكلام كثيرا ودخول السجن أحيانا، أما الآن فالسيدة «عرفية» نفسها صارت فى خطر داهم ومرعوبة طول الوقت، إذ لا تكف الست «الجماعة» وذراعها الرئاسية عن ملاحقتها وبهدلتها بسيل لا ينتهى من الشتم والتشهير والتهديدات اليومية والبلاغات الرئاسية والحصارات والاقتحامات والاعتداءات الإجرامية التى بلغت حد القتل والتصفية البدنية (الشهيد الحسينى أبو ضيف نموذجا). سابعا: كنا قبل الثورة نشكو من دستور يشرعِن الاستبداد ويقننه، لكنه يقرر حريات وحقوقا إنسانية مهمة وأساسية بقيت «نظرية وورقية» يخاصمها الواقع الفعلى ويناقضها، أما حاليا فقد طبخت لنا الست «جماعة الشر» وتوابعها وخدمها المخلصون فى ظلام الباطل، دستورا طائفيا مسموما ومشموما «يدستر» العدوان على أهم وأخطر الحقوق والحريات، وقد مررته الست عبر استفتاء تمدحه حضرتك لو اكتفيت بوصفه بأنه مزور وملعوب فى أساسه فقط! ثامنا: قامت الثورة والتعذيب تحتكره وتمارسه أجهزة الدولة القمعية داخل أقبية السجون وخلف جدران التخشيبات والزنازين فحسب، فلما وصلت «جماعة الشر» إلى الحكم صار التعذيب أهليا تمارسه العصابات علنا فى الشوارع وتحت أسوار «القصر الرئاسى» شخصيا! تاسعا: قامت الثورة ونحن ننادى باستقلال القضاء وتحصينه من التدخلات الحكومية فى شؤونه، بينما دولة القانون تئن من التعب والمرض.. لكن الآن دولة القانون ماتت فعلا، وأقصى أمانينا أن تتمكن المحاكم من الانعقاد أصلا! عاشرا: زمان قبل الثورة كان نظام المخلوع وولده يجرى بانتظام ممل انتخابات مزورة ونظيفة من الناخبين، وحاليا بعد الثورة تقوم الست الشريرة بتنظيم انتخابات مهزلة يتم فيها تزوير الناخبين الغلابة أنفسهم وشراء ذممهم وضمائرهم بقزازة زيت و«بطاطساية»! حادى عشر: قبل الثورة كانت معدلات الفقر والبطالة والديون وغيرها من مظاهر الخراب تتفشى وتستفحل بمعدلات سنوية، لكنها الآن تقفز وتتزايد وتتفاقم بمعدلات يومية.. على الأقل! ثانى عشر: كانت مصر قبل الثورة تباع فى سوق النخاسة بالقطعة، حاليا تسعى «جماعة الشر» لبيعها بالجملة مرة واحدة (راجع من فضلك مشروع «الصكوك»). ثالث عشر: كانت الطرق ووسائل المواصلات العامة قبل انفجار الثورة وسيلة لتخفيض عدد السكان، وحاليا هذه الوسائل أضحت سلاحا لإبادة كل السكان تقريبا. رابع عشر: المرأة والإناث عموما كن عشية اندلاع الثورة (التى كانت الأنثى بطلتها الأولى بغير منازع) مهمشات ومقهورات مثل الذكور تماما، وقد صارت الآن مهمشة ومقهورة أيضا، لكنها كذلك مهددة بالوأد والاسترقاق أو الخطف والنكاح قبل أن تبلغ سن الفطام. (نشرت يوم 25 يناير الماضى وما زالت صالحة).