كريمة: محدش من أهلي مستحملنا وتعبت أنا وبناتي من النوم في الشارع.. بفضل صاحية جنب بناتي عشان احميهم كتبت- نرمين طارق بجوار مترو حلمية زيتون وفي شارع مزدحم بالسيارات والعمارات هناك أسرة فقيرة اتخذت من هذا الشارع مسكنًا بعد أن فشلت كل الحلول للحصول على سكن، ولم يعد بديل غير الشارع بعد وفاة الأب الذي تركهم خائفين وفي أشد الحاجة. كريمة عبدالعاطي، هي الأم التي أصبحت مسئولة عن رعاية أطفالها في الشارع و بدأت الكلام عن حياتها قائلة: "جوزي مات محروق والنار ضيعت شعر بنتي وكمان بقينا في الشارع عشان مبقاش معانا ندفع إيجار الشقة وطبعاً صاحب البيت ماصبرش علينا وكمان خد عفشنا عشان علينا كام شهر ومن ساعتها بقى بيتنا هو الشارع والنوم في الشارع في البرد صعب أوي وربنا يتولانا برحمته". بهذه الكلمات،عبرت كريمة عن بداية المأساة التي تعاني منها، وعند سؤالها عن موقف الحي والمحافظة، قالت: "طلبت شقة وقالولي المقدم 5000جنيه، وهو أنا كان معايا 500 إيجار الشقة؟ أنا جوزي ملوش معاش وكان صنايعي وكنا عايشين اليوم بيومه وبعد ما مات حياتنا كلها اتدمرت وماحدش رحمنا ولما رحت لأهلي قالولي إحنا نصرف عليكي إنتي لكن عيالك ابعتيهم على أهل أبوهم، ولما راحوا لعمهم مرات عمهم طردتهم بعد ما ضربتهم وعاملتهم أسوأ معاملة، وأهلي مستحملوش عيالي ولا حتى استحملوني وأخويا قالي أنا بيتي ضيق ومكفي عيالي بالعافية وعشان كده لقيت أن الشارع أرحم وأحن رغم كل البهدلة اللي الواحد بيشوفها يوماتي". و عن المعاناة في الشارع تقول كريمة: "مينفعش أنام جنب بناتي لازم أفضل صاحية عشان أحميهم عشان مفيش أكتر من كلاب السكك اللي حاولوا يضايقوهم كتير و هما نايمين دا غير الحمام يعني عشان ندخل الحمام لازم يا نروح الجامع يا نستسمح حد من البوابين يدخلونا و غالباً مش بيوافقوا عشان إحنا بالنسبة لهم ولاد شوارع مع إن في يوم من الأيام كنا ساكنين في شقة عادي زي كل الناس". و بجوار الأم التي تتحدث والدموع تملأ عينهيا تجد الطفلتين بملابس مهلهلة وملامح يبدو عليها الحزن وخاصة أثناء النظر لأطفال المدرسة التي تبعد عنهم بخطوات وتحدثت عن بناتها، قائلة: "الكبيرة خرجت من المدرسة والصغيرة معرفتش أدخلها مدرسة عشان طلبوا مني قال وصل غاز أو تليفون وأنا معنديش شقة أصلاً، وحاولت أضمهم لدار أيتام قريب هنا وقلت في دار الأيتام هياكلوا كويس ويلبسوا كويس قالولي لا مينفعش مادام كبروا احنا بناخد الأطفال الرضع بس، واللي مش رضع وأبوهم مات ونايمين في الشارع ملهمش أي حق في البلد دي؟". ورغم غلاء المعيشة وصعوبة الحصول على فرصة عمل لتلبية احتياجات الأطفال، إلا أن كل مطالب كريمة تتمثل في جدران غرفة بمكان يبعدها عن البلطجة والتحرش ونظرات السخرية التي تؤلمهم.