حظيت مصر عبر التاريخ بصناعات متعددة كان لها طابعها الخاص، ومن بين تلك الصناعات التي انتشرت في مصر بشكل كبير هي صناعة الفخار، والتي اشتهرت في محافظة سوهاج في مراكز طهطا، وطما شمال المحافظة، وبعض القرى جنوبسوهاج، لكن هذه الصناعة التاريخية بين قاب قوسين أو أدنى من الاندثار واختفاء معالمها الجميلة التي تميزها، دون تدخل من المسئولين إنقاذها. انتشرت في مصر عبر التاريخ صناعات متعددة كان لها طابعها الخاص، ومن بين تلك الصناعات "صناعة الفخار"، والتي اشتهرت في محافظة سوهاج في مراكز طهطا، وطما شمال المحافظة، وبعض القرى جنوبسوهاج، لكن هذه الصناعة التاريخية بين قاب قوسين أو أدنى من الاندثار واختفاء معالمها الجميلة التي تميزها دون أي تدخل من المسئولين. وترصد « التحرير » من أرض الواقع هذه الصناعة الرائعة، وكيف أن العاملين بها يحاولون الصمود بها من أجل البقاء، حتى لا تختفي إلى الأبد من مصر، حيث تعد صناعة الخزف الفخاري من الصناعات اليدوية التاريخية التي تعبر عن مدى تطور وحضارة المجتمعات بشكل فني رائع المستوى والتشكيل. وعلى الرغم من كونها أبسط أشكال الفن لكنها من أصعب الحرف وأدقها، وهي من الصناعات التي استهوت طبقة عريضة من المواطنين، لكونها منتشرة على نطاق واسع لما تلمسه من ذوق رفيع في التصميمات لاعتمادها على خامات بسيطة من نبت الطبيعة الخلابة. وتعاني هذه الصناعة حاليًا من الاحتضار، جراء دخول الآلات الحديثة واستقطاب هذا المنتج من كل دول العالم، وعدم قيام الحكومة المصرية بتطوير أو دعم هذه الصناعة ومن يعملون بها، بل أنهم يصرون على إصدار قوانين تكبل من يعملون في تلك الصناعة وتجعلهم يتركونها ويغلقون أبواب ورشهم، واستبدالها بأحلام تبددت يوم بعد الآخر، وهؤلاء الصُنّاع يرون أمام أعينهم صنعتهم الوحيدة التي يتقنونها وهي تحتضر وتكاد أن تموت أمامهم بعدما أفنوا أعمارهم فيها ولا يستطيعون إنقاذ مصدر رزقهم. وبدلاً من أن تهتم الدولة بهذه الصناعة التاريخية وتحتضن الصناعة والعاملين بها، وتقيم لهم معارض في شتى أرجائها وكذلك خارجها، جعلت العاملين يتوارون في الظلام خوفًا من الإزالة وخاصة في محافظة سوهاج. يقول محمد الفخراني صاحب ورشة لصناعة الفخار بسوهاج، ل«التحرير»: إن هذه الصنعة هي صناعة أثرية متوارثة أبًا عن جد، لكن مع الأسف هي في احتضار كل يوم لعدم اهتمام الدولة بها وبالعاملين بمجالها، بل أنها تضيق عليهم الخناق من كل اتجاه، وصارت تنهال عليهم المحاضر حتى أن العديد منهم أغلق ورشه وترك هذه الصناعة خوفًا من السجن فيما بعد. وأوضح صاحب ورشة صناعه الفخار، أن ارتفاع أسعار الخامات المستخدمة في الصناعة هو أهم مشكلة تواجه من يعمل بهذا المجال، فالأسعار ارتفعت 300 % ووصل سعر طن الطين الأسواني إلى 300 جنيه أو ما يزيد، فضلًا عن ارتفاع أسعار الجلندات والأكسيد والكروم والكوبلت والحديد والمنجنيز والجليز الذي يغطي به الخزف. وأضاف الفخراني أن العمالة الفنية في هذه الصناعة والتي تتقنها قليلة للغاية، وأنه لن يترك نجله يعمل بها كونها لن تدر عليه عائد مالي يعينه على متطلبات الحياه الصعبة التي يعيش فيها.
وأكد صاحب الورشة أن وزارة البيئة حددت مناطق بعينها للصناعة لتسببها في التلوث، وحفاظًا على البيئة، وتم إغلاق العديد من الورش وأصحابها الآن بلا عمل، مبينًا أن منظمة اليونسكو أرسلت منحة بملايين الجنيهات لتطوير هذه الصناعة وغيرها من الصناعات اليدوية بمصر والحفاظ عليها من الاندثار، لكن لم نر شيئًا من المسئولين على الإطلاق، سوى أن يتهمونا بتلويث البيئة بدلًا من أن يقدموا الدعم اللازم للارتقاء بصناعتنا. وأضاف الفخراني: "الحكومة أكدت مرارًا وتكرارًا وعلى لسان المسئولين في محافظة سوهاج، بأنه سيتم نقل أصحاب ورش الفخار لمنطقة أخرى بعيدة كل البعد عن الكتلة السكنية، حتى يكونوا في أمان تام من ملاحقة البيئة والمجالس المحلية لهم بالمحاضر وكذلك من أجل تنمية هذه الصناعة، لكن للأسف كانت هذه كلمات براقة من المسئولين ولم يتم تنفيذ أي شيء حتى الآن". ويتساءل العاملون بها هل كُتِب على جبين هذه الصناعة أن تحتضر ويندثر منها كل فن جميل، وتشرد عائلات بأكملها تعمل في هذه الصناعة وتعتمد عليها كمورد رئيسي للرزق أم ماذا ؟!!