المرضى والعاملون: مافيش أجهزة والكل شغال بالبركة.. وبننام على الأرض " كلاب، ثعابين، قمامة، قطط، جدران متهالكة، أجهزة متوقفة، شيشة، بواباب مغلقة في وجه المرضى، وفيات، عاهات مستديمة "، هكذا أصبح حال المستشفيات الحكومية بمحافظة المنيا، بعد أن تحولت إلى مرتع للحيوانات والزواحف والطيور، بسبب حالة الإهمال التي تضرب تلك المستشفيات. " التحرير " تجولت بعدد من مستشفيات المحافظة، وكانت البداية بالوحدة الصحية بقرية "منشأة لطف الله" بمركز مطاي شمال المحافظة، والتي تحولت إلى مكان مفضل للزواحف بعد أن هاجرها الأطباء والممرضون والمرضى. أكد أهالي القرية أنه بسبب عدم المراقبة والإهمال الذي يضرب القرية، أصبحت تلك المستشفيات مكانًا يحوى الثعابين والحشرات، وأصبح التواجد بها مقصورًا على أحد الممرضين وسط إحجام من المرضى، وكان آخرها ما شهدته القرية يوم السبت الماضي بمهاجمة أحد الثعابين لأحد الأطفال حال توجهه إلى أحد المستشفيات لتطعيمه، مما دفع الأهالي للاستعانة بأحد المتخصصين في استخراج الثعابين ويدعى "الحاوي"، والذي نجح في استخراج 3 ثعابين من المستشفى.
الأمر لم يقتصر على ذلك المستشفى فقط، بل طال أيضًا مستشفى قرية زهرة التابعة لمركز المنيا والذي تحول إلى خرابة لا يسكنها سوى الأتربة والكلاب، وسط تحطم لجميع أثاثاته من أسرة وكراسي وأبواب، وذلك بعد قرار تحويله لمستشفى طب أسرة، وغلقه الساعة الثامنة من مساء كل يوم، الأمر الذي يعرض حياة أكثر من 100 ألف من أهالي قرى زهرة وصفط اللبن والتل الكبير والبرلمان وأبو حنس للخطر والموت، بسبب تعرض بعضهم لبعض لدغات الثعابين، وبعد المسافة بينهم وبين مستشفى المنيا العام.
المحطة الثالثة، كانت بمستشفى سمالوط العام ، التي تعد مثالاً صارخًا للإهمال والفوضى والاستهانة بصحة المواطنين ، وذلك بسبب افتقاره لصرف صحي ومشرحة وثلاجة للموتى وأجهزة تنفس صناعي، وسط تهديدات بانهيار جدرانها على رؤوس المرضى.
حالة الفوضى التي تضرب المستشفى وافتراش المرضى أرض المستشفى انتظارًا لتوقيع الكشف الطبي عليهم بسبب عدم وجود الأسرة، جعل أهالي سمالوط يطلقون عليه "سوق الإثنين "، بسبب الزحام والفوضى الذي يشهده المستشفى، نتيجة لقلة المبانى والغرف المخصصة لحجز المرضى، وذلك لعدم تطويرالمستشفى منذ عشرات السنين، حيث يوجد به مبنى قديم أسسه الإنجليز أثناء احتلالهم مصر، بينما يوجد مبنى آخر تم إنشاؤه منتصف الثمانينيات.
"مياه الصرف الصحي هتهد المستشفى علينا وعلى المرضى والحكومة آخر طناش "، بهذه الكلمات أشار العاميلن بالمستشفى إلى الحالة السيئة التي أصبحت عليها المستشفى ، والتي تنذر بانهيار جدرانها بعد أن تخللتها مياه الصرف الصحي ، وذلك بسبب اعتماد المستشفى على خزانات الصرف الصحي .
المرضى المتواجدون بالمستشفى أشاروا إلى المعاناة التى يواجهونها بسبب سوء حالة النظافة وانتشار القمامة بوحدة الغسيل الكلوي بالمستشفى، وجميع أقسامها وعنابر المرضى، بالإضافة لعدم وجود أجهزة للتنفس الصناعى بسبب عدم وجود شبكة غازات بالمستشفى، وافتقارها لمشرحة وثلاجة للموتى منذ 4 سنوات، الأمر الذى ينعكس سلبياته على العاملين بالمستشفى بسبب وقوع المشاجرات بين العاملين بالمستشفى وأهالى المتوفين، بسبب إصرارهم على استلام جثث ذويهم لدفنها دون إنهاء الإجراءات القانونية لهم.
وعلى بعد 25 كيلو متر شمال مستشفى سمالوط العام، يوجد مستشفى بني مزار الذي لا يختلف كثيرًا عن سمالوط العام، من حيث الفوضى والإهمال والتهديدات بالانهيار وتوقف الأجهزة.
أكد العاملون أن مبنى المستشفى مهدد بالانهيار بسبب التشققات والتصدعات الكبيرة التي تضرب جدرانه، مما أدى لعدم صلاحية أقسام "العظام ، الأطفال ، النساء والتوليد ، العمليات ، الباطنة ، المسالك البولية ، الجراحة " بالإضافة إلى سكن الأطباء، فضلاً عن نقص الأسرة وأجهزة الأشعة المقطعية والقلب، مما يعطل عمليات الفحص على المرضي الذين يصل بعضهم لمراحل حرجة.
مستشفى المنيا الجامعى لا يختلف الحال به عما سبق، حيث يعانى المرضى المترددون عليه من الحالة السيئة لغرفة العناية المركزة وانتشار القمامة بها ، كما تحولت ساحة المستشفى إلى سوق للباعة الجائلين وغرز لشرب الشيشة، الأمر الذي يؤدي لإزعاج المرضى المترددين عليها والمحتجزين بها.
" الكل شغٌال بالبركة "، هكذا وصف أهالي المنيا طبيعة العمل بالمستشفيات الحكومية، وقيام الممرضين بأداء ومهام الأطباء بسبب عدم تواجدهم، مما تسبب في سقوط العديد من الوفيات وإصابة البعض بعاهات مستديمة، كان آخرها ما شهدته مستشفى ملوي العام بقيام أحد الممرضين بحقن الطفلة فرحة مجدي عبد الحفيظ 5 سنوات بعقار خاطئ أدى لوفاتها في الحال خلال تواجدها بالمستشفى لإجراء عملية "استئصال اللوزتين"، وكذلك ما شهده مستشفى مغاغة العام الذى تسبب في فقدان الطفل فارس أبو النجا أحمد 6 سنوات لبصره، بسبب قيام ممرضة بحقنه بأمبول خاطئ دون الرجوع للأطباء بسبب عدم تواجدهم.