حقوق الإنسان تلُفظ أنفاسها الأخيرة في معركة المنظمات الحقوقية من أجل الحفاظ على ما تبقى من مكتسبات ثورة 25 يناير عبر حق كل مواطن في الحياة تحت مظلة العدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية في المجتمع. وبين كل ذلك تحمل منظمات المجتمع المدني على عاتقها مهام حقوقية ثقيلة في سبيل معركة التحرير وحماية المواطنين من بطش أجهزة الأمن، بدءا بالتحقيق في وقائع الاحتجاز خارج إطار القانون وأساليب التعذيب التي يتعرض لها شباب الثورة والإخوان داخل أقسام الشرطة وحظر التظاهر عليهم إلا بأمر "الداخلية"، مرورا بفرض الوصاية عليهم عبر قانون "الجمعيات الأهلية" الجديد ووضع "تسعيرة" محددة عبر شهادة استثمار مودعة بالبنك الأهلي المصري لزواج الأجانب بالفتيات المصريات عبر ما أطلقوا عليه في أكثر من بيان استنكاري لهم. 1. التعذيب والاحتجاز خارج إطار القانون إطلاق يد بعض رجال الداخلية ضد المواطنين وممارسة المزيد من الانتهاكات للتنكيل بهم وتعذيبهم داخل أقسام الشرطة واحتجازهم خارج إطار القانون ورحلة الأهل الطويلة التي يقطعونها في سبيل البحث عنهم دون دليل أو أثر، دفع أكثر من 14 منظمة حقوقية للتنديد بتلك الإجراءات التعسفية والإنتهاكات التي وصفتها ب"الممنهجة" خلال عام 2015 بالمخالفة لنصوص الدستور والقانون والحريات التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. 2. التظاهر الممنوع رغم مرور أكثر من عامين على فرض قانون التظاهر من قبل رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلي منصور ودفع شباب الثورة الثمن الأكبر من وراءه عبر سلسلة من الخطوات والإجراءات القمعية لهم التي زجت بهم خلف أسوار السجون لمجرد تضامنهم عبر تظاهرات سلمية مع شباب آخرين محتجزين ومحبوسين احتياطيًا على ذمة "التظاهر" عبر قانون أطلقت عليه 16 منظمة حقوقية بأنه "سيء السمعة". وطالبوا بسرعة إلغاءه والإفراج الفوري عن كافة المتظاهرين المحبوسين احتياطيًا بموجبه أو صدر بحقهم أحكامًا قضائية لعدم حصولهم على إخطار مسبق من "الأمن"، بما يتعارض مع المادة 73 من الدستور الحالي، ومن ثم إسقاط ما ترتب عليه من ملاحقات ومطاردات لحين إصدار قانون جديد يتوافق مع نصوص الدستور . 3. حقوقيون داخل صندوق النظام على خطى قانون التظاهر تم إقرار قانون الجمعيات الأهلية في غياب البرلمان، بما يهدد بالمزيد من الإجراءات التعسفية الممارسة ضد عدد من الحقوقيين المستقلين المدافعين عن حقوق الإنسان والذين يقعون تحت سيف "الإرهاب" بصورة تفوق ما عرفته مصر بعد ثورة 52، والوقوع في مقصلة التهديد بالحبس لفترات طويلة تصل إلى 15 عامًا والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه. وهو ما أثار غضب منظمات المجتمع المدني التي أوضحت أن القانون الجديد يسعى لوضعهم رهن المراقبة اللصيقة والتحكم في نشاطها كموظفين لدى الحكومة دون العمل ب"حرية"، بالمخالفة لنص المادة 75 من الدستور الجديد. 4. محاكمة عسكرية.. والتهمة "صحفي" استدعاء من قبل المخابرات الحربية للصحفي والحقوقي حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعد شهرين من نشره تحقيقًا صحفيًا عن "انقلاب" في صفوف الجيش من قبل 26 ضابطًا بالقوات المسلحة يتأمرون لقلب نظام الحكم عبر قيادة إخوانية بارزة، عقبه احتجاز وتحويل للنيابة العسكرية للتحقيق معه بتهمة نشر أخبار كاذبة تمس الأمن القومي وتكدر الأمن العام.. حينذاك تدخلت أكثر من 15 منظمة حقوقية للمطالبة بالإفراج الفوري عن حسام بهجت وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه، لمخالفة الدستور الذي أقرّ عدم الحبس في قضايا النشر وبعد ضغوط حقوقية وإعلامية تم إخلاء سبيله بعد يومين . 5. "زواج المتعة".. يحيا العدل حين أصدر وزير العدل المستشار أحمد الزند قراره بتعديل بعض أحكام قانون التوثيق الخاص بزواج أجنبي من مصرية عبر فرض 50 ألف جنيه عليه بشرط أن يكون الفارق العمري بينهما 25 عامًا عبر ايداع شهادة استثمار ذات عائد دوري ممنوح بإسمها في البنك الأهلي المصري لضمان حقوقها، وهو ما يطلقون عليه "الزواج السياحي" الأمر الذي رفضه عدد من منظمات المجتمع المدني ورحب به أخرون. رحبت رئيس المجلس القومي للمرأة بالقرار للتشديد من ظاهرة زواج القاصرات من أجانب ومن ثم ضياع حقوقهن، وهو ما عارضه عدد من أعضاء المجلس القومي للمرأة، واصفين إياه بأنه يروج لسياحة الدعارة ويفتح الأبواب على مصراعيها أمام ذلك وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أكد عبر بيان له أن هذا القرار يعود بنا أكثر من ألف عام مضى نحو تجارة الرقيق وبيع الفتيات وهو "تصرف داعشي". 6. سجون برائحة الموت تردي أحوال السجناء داخل مراكز الإحتجاز المصرية، ومصرع العشرات منهم خلف الأسوار نتيجة الإهمال وسوء أوضاع السجون والتعسف في معاملات بعضهم، وتأخر عمليات اسعافهم ونقلهم للمستشفيات الطبية لتلقي العلاج المناسب وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم، كل ذلك دفع نحو 11 منظمة حقوقية مصرية للتدخل الفوري للمطالبة بحماية حقوق المساجين في الحياة بعيدًا عن توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية والدينية، خاصة بعد نشر عدة تقارير حقوقية عن انتهاك حق السجين في الحياة ومنع ذويه من استخراج تصاريح زيارته، وكذلك محاميه من الحضور جلسات محاكمته، مرورا باحتجازه في أماكن وغرف "تأديب" غير آدامية أقرب ما تكون إلى "عنابر الموت" لتصيب السجناء بالأمراض وتنقل إليه الفيروسات والعدوى. في الوقت ذاته يجرم على بعضهم القراءة والكتابة وإدخال الدواء إلى مرضاهم عبر سياسة "الموت البطيء" التي تؤدي في نهاية المطاف إلى مصرعهم خلف القضبان من جراء هذا الإهمال المتعمد، بدرجة دفعت أهالي بعض المحتجزين لإطلاق وصف “جوانتنامو مصر” على سجن العقرب شديد الحراسة الذي يحوي بين أسواره العدد الأكبر من معارضي النظام.