في الوقت الذي يفتح فيه الجهاز المركزي للمحاسبات النار على جميع مؤسسات الدولة حتى رئاسة الجمهورية متهمًا إياهم بالفساد، إلا أنه كما يقول المثل الدارج «باب النجار مخلع»، تورط عدد من مسؤولي الجهاز في وقائع فساد وتجاوزات مالية، وصلت إلى تقاضي رشاوى مالية. ويعتبر الجهاز المركزي للمحاسبات هو الجهة الأعلي في مصر المنوطة بأعمال الرقابة على كل المؤسسات، والكشف عن وقائع الفساد بمحافظات الجمهورية، والعمل على مكافحتها، وتقديم المخالفين للمساءلة القانونية. وترصد "التحرير" أبرز القضايا التى تورط فيها مسؤولون بالجهاز خلال الأشهر القليلة الماضية، ولم يشر إليها رئيس الجهاز المستشار هشام جنينة في تقاريره. مصر للطيران استدعت نيابة الأموال العامة محمد سعيد محروس، رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران للخدمات الأرضية، وعددًا من مسؤولي إدارات النقل البري والمالية والقانونية للشركة لسؤالهم في القضية رقم 1552 لسنة 2015 حصر أموال عامة عليا، والمتعلقة بمدى قانونية تخصيص 10 سيارات للجهاز المركزي للمحاسبات. وأكد المسؤولون خلال التحقيقات، أن السيارات ملك لمصر للطيران منذ عام 2011 وحتى اليوم، وأن الجهاز المركزي طلب تخصيصها للموظفين بالجهاز، وتبلغ القيمة الإيجارية 3 ملايين ونصف المليون جنيه، لكن لم يدفع الجهاز المركزي سوى 120 ألف جنيه، مطالبين "المركزي للمحاسبات" بإعادة السيارات والمبالغ المستحقة؛ نظير القيمة الإيجارية للسيارات، وطلبت النيابة، حضور وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات للشؤون المالية والإدارية للتحقيق معه. "الرشوة الكبرى" ألقت أجهزة الرقابة الإدارية القبض على مسؤول بإدارة متابعة المخالفات بالجهاز؛ بتهمة تقاضي رشوة تصل إلى 100 ألف جنيه من المندوه الحسيني، رئيس مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة بأحد الفنادق على طريق «مصر - إسكندرية» الصحراوي. وذكرت مصادر مطلعة، أن عضو الجهاز المركزي للمحاسبات استغل نفوذه، واتفق مع "الحسيني" على تسهيل حصول الأخير على قطعة أرض بحدائق الأهرام، والتستر على المخالفات المالية الخاصة بالجمعية. "النصب الكبرى" في أكتوبر الماضي، ألقت أجهزة الأمن بالإسماعيلية القبض على موظف بالجهاز المركزي للمحاسبات؛ بتهمة النصب على المواطنين بدعوى توظيفهم في شركات البترول. وتبين من التحريات، أن المتهم "ط.أ"، 47 عامًا، يتلقى مبالغ مالية من المواطنين بدعوى تعيينهم في شركات البترول على غير الحقيقة، والاستيلاء على أموالهم. تجاوزات بالجملة خلال 2015 قال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إنه من الصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، مضيفًا أن التكلفة تجاوزت ال600 مليار جنيه خلال عام 2015. وأضاف "جنينة"، أن أعضاء الجهاز لا يكتفون برصد التجاوزات المالية المخالفة للقانون، وإنما يدونون عددًا من الملاحظات والتوصيات، وإرسالها مرة أخرى للمؤسسة المعنية، وينتظرون الرد عليهم، ثم يتم رفع التقارير نهاية العام لرئاسة الجمهورية؛ لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخالفين. وأكد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أن أعضاء الجهاز بدؤوا في فحص ملفات مؤسسة الرئاسة بعد فترة حكم جماعة الإخوان منذ فترة قريبة، وذلك عقب توفير التصاريح لهم، مشيرًا إلى أن آخر تقارير رقابية عن مؤسسة الرئاسة كانت لعصر الرئيس المعزول محمد مرسي. وأعلن المستشار هشام جنينة، عن عقد مؤتمر صحفي خلال الفترة المقبلة؛ لعرض إنجازات الجهاز خلال العامين الماضيين، لافتًا إلى أن نصوص الدستور تلزم الأجهزة الرقابية بإعلان تقاريرها للرأي العام؛ لتحقيق العدالة والنزاهة والشفافية، موضحًا أن العبرة ليست بكثرة التشريعات، لكن بتطبيق القوانين.