مواطنين لا حول لهم ولا قوة.. الزراعة موردهم الرئيس وروحهم وعمرهم مدفون في ترابها التي استصلحوها بجبين عرقهم والحكومة تسعى لسبلها من أياديهم بكل قوة.. أراضي الكولا في سوهاج التي يرجع تاريخيا لعام 719، قرية عمرها تجاوز القرون والأزمان تحوي في ثناياها ما يزيد عن ربع مليون مواطن شغلهم اليومي يعتمد على العمل في الأراضي الزراعية. أزمة طاحنة يتعرض لها أهالي قرية الكولا البسطاء بمركز أخميم بمحافظة سوهاج جراء قيام الحكومة بإصدار عدة قرارات تعسفية منذ عام 2000 من مجلس الوزراء آنذاك، بسلب 550 فدان من الأراضي الصحراوية التي تم استصلاحها عبر سنين، وتنتج الآن أجود المحاصيل الزراعية والخضر والفواكه والسعي لتصحيرها وضمها لمشروع أخميم الجديدة التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة من أياديهم بعد تمليك الكثير من تلك المساحة للأهالي من قبل الإصلاح الزراعي.
أحد محامي القرية أشار إلى تقدمه بشكاوى عديدة ضد المسئولين عن هذا القرار الذي يقضي بدوره على حياة آلاف المزارعين البسطاء موضحاً أن قرارًا صدر عام 2009 حمل رقم 371 قسم مدينة اخميم الجديدة على مساحة 3200 فدان بزيادة 1200 فدان عن مساحة المدينة بموجب القرار الجمهوري مما يعد دليل وضاح بأن هناك تنازع دءوب وغير شريف يهدف إلى ضم مساحات كبيرة من قرية الكولة بسبب قربها من نهر النيل بعد استصلاح من قبل الأهالي والتي تعد بالنسبة لهم حقبة من الزمان وأحد مناطق حكم الصعيد أبان مملكة الفراعنة القدماء المصرية.
وأكد عدد كبير من الفلاحون بالقرية من بينهم المتضرر هشام علي ومحمود الأخميمي والحاج زين العابدين أنهم بين ليلة وضحاها تفاجئوا بقدوم اللوادر والبندزوات إلى القرية ومصحوبة معها بالكثير من رجال الأمن وقوات الأمن والقيام بلا هوادة بتذيل مزوعاتهم المختلفة من القمح والطماطم والبرسيم؛ تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء المصري وتجريف أكثر من 200 فدان وسط حراسات أمنية مشددة، وهي الأراضي التي يزرعونها منذ 30 عامًا وصرفوا عليها أموالًا طائلة من أجل استصلاحها وزراعتها وبعدما جنوا ثمارها كان مكتوب على جباههم الحرمان التام من خيرات هذه الأراضي وأن تضيع أموالهم هباء ويتحسرون عليها.
وأضاف جمال عبد الرحيم أحمد، أحد المزارعين المتضررين، أنه جاء إلى القرية منذ عام 1983 وهناك الكثير من المزارعين اشتروا تلك الأراضي وهناك مزارعون أخذوا الأرض وضع يد ويتم دفع مبالغ للإصلاح الزراعي بصفة مستمرة مشيراً إلى أنه صادر عليه عدة أحكام تصفه بأنه أستولي على الأرض، وهناك 264 منزلًا صادر بحقهم قرارات إزالة، وعمر هذه المنازل 110 أعوام وتريد الدولة السيطرة على تلك المساحة، واصفًا هذه القرارات بغير المدروسة وتقضي على حياة ومستقبل أولادهم.
إبراهيم الديب، مزارع وأحد متضرري قرية الكولا، ذكر أنهم محاصرون بين مزرعة للغابات الشجرية من الجهة القبلية تروى بمياه الصرف الصحي التي أغرقت زراعتهم مرارًا وتكرارًا، وأزمة هيئة المجتمعات العمرانية التي تسعي لضم مساحات رهيبة من أراضي القرية إلى جهاز مدينة أخميم الجديدة من الجهة البحرية مضيفًا: "دي أرض نملكها من سنوات طويلة وعايشين على خيراتها". يذكر أن عددا من الأحزاب السياسية نظمت مؤتمراً حاشداً حضره المرشح الرئاسي الأسبق خالد علي وعدد من الشخصيات العامة والنائب أحمد حلمي الشريف والنائب أحمد وائل المشنب أعضاء مجلس الشعب عن مركز أخميم وناشدت أحزاب الكرامة والتحالف الشعبي والتجمع والدستور والمصري الديمقراطي فضلا عن المركز المصري للإصلاح المدني والتشريعي الدولة بحل تلك المشكلة الهامة معلنين تضامنهم الكامل مع جميع متضرري القرية.
"التحرير" عملت مصادر داخل المحافظة أن لقاءا جرى بين الدكتور أيمن عبد المنعم، محافظ سوهاج، ونائبي الدائرة سعيًا لتسويات عادلة للأزمة، وسيتم ترتيب لقاء بين المزارعين والمحافظ؛ لبحث إمكانية تقديم مساعدات مادية للمتضررين أو توفير أراضي بديلة في الظهير الصحراوي لسوهاج أو إمكانية تمليك عدد من المزارعين لمساحة من الأراضي يتفق عليها الوزارات والهيئة المعنية بالأزمة وبيعها لأهالي القرية مقابل قيمتها المالية.