لم يعُد لدىّ ثقة فى استمرار الثورة وانتصارها، بأحد سوى الشباب الذين يرتبط مستقبلهم الأفضل بهذه الثورة، ولم أعد أرى فى العواجيز والشيوخ -مع احترامى لهم- ممن تجاوزوا الستين عاما على الأقل، بارقة أمل فى دعم الثورة والانتصار لها، فكلما استمعت أو قرأت أو شاهدت بعض الشخصيات أو حتى قابلت، يكاد اليأس يسيطر على نفسى مما أراه وأسمعه، فهم لا يزالون أسرى الماضى، وهم يراوغون ويتحدثون بكلام عفا عليه الزمن، فالزمن عندى هو حدث ثورة 25 يناير 2011م، وبالتالى فإن لم يتم توظيف هذا الحدث لإحداث التغيير الحقيقى والجذرى لصالح جموع الشعب وفى المقدمة الشباب، فإن الحصاد سيكون مرًّا، وربما تمكن المتأسلمون من الحكم والدولة نتيجة عدم الوضوح الكافى من هؤلاء الذين يتصدرون المشهد كفاعلين فى إدارة الفترة الانتقالية التى من الواضح أنها ستطول لعدة سنوات، فلم أرَ من هذه الشخصيات من يتحدث عن الشرعية الثورية باعتبارها المرجع، بل يتحدث عن شرعية د.مرسى الرئيس، ويكثر الحديث حول أنه جاء بالصندوق ولا بد أن يخرج بالصندوق! كما يقولون إنه أصبح واقعًا ولا بد من استمراره لأربع سنوات قادمة! ولا بأس عند هؤلاء من دخول الانتخابات البرلمانية التى ألغيت بفضل من الله وقضاء مجلس الدولة المحترم، وبعض الشخصيات المستقلة المهتمة التى رفعت الدعوى، لا بفضل هؤلاء! فكيف بالله يفكر هؤلاء الساسة العواجيز فى دخول الانتخابات فى ظل حكم المرسى وجماعته الإخوان وإرهابهم ومعهم أغلبية السلف والجماعات المتأسلمة من الباطن والتى ظهرت جميعها فى لجان تُدعَى «نكبة الضمير»، وفى ظل سيطرة كاملة ودون رغبة فى التنازل عن أى شىء أو الاستجابة لأى مطلب يوضع شرطًا لدخول جبهة «المعارضة» هذه الانتخابات؟! أيها العواجيز، إما أن تعلنوا رسميًّا وعلنيًّا أن مرسى وجماعته غير شرعيين ويجب إسقاطهم والعمل من أجل ذلك، وإما أن تصمتوا أو ترحلوا، فأنتم بلا فائدة، بل ضرر للثورة ولمن عليها، كفانا تلاعبًا وكفانا متاجرة باسم الثورة، وكفانا استغلالًا لها لتحقيق مصالح شخصية واستمرار «البيزنس»، فلم نعُد نحتمل مثل هذه المشاهد، فالشعب أعلنها ولا يزال، يريد إسقاط النظام «مبارك والمرسى»، فهل من مجيب؟! إن هؤلاء العواجيز أدوا دورهم ونشكرهم.. ونقول لهم إن التاريخ لن ينسى أو يرحم أحدًا، ومن ثم فإن نمط تفكيركم والتعبير عنه بكل الأساليب يجسده فى الحفاظ على الأوضاع القائمة وعلى مرسى والإخوان والجماعات المتأسلمة. فالوظيفة الحقيقية للثورة تغيير الأوضاع بشكل كامل، فمن يُرِد ويسلك سلوكًا سياسيًّا يحقق ذلك، فهو من الثوار، ومن لا يُرِد ولا يسلك، فهو من القوى المضادة للثورة، بغض النظر عن القول الجميل، فالمزايدون على الثورة أصبحوا كثرًا لم يعد يبقى فى المشهد من أمل إلا فى شباب الثورة، وكل فئات الشباب المصرى، الذى يتحرك أحيانا بشكل جماعى والأغلب بشكل منفرد «أى كل جماعة على حدة»، حينما أجلس وأنا دائم الجلوس معهم قبل وفى أثناء الثورة وحتى الآن، أشعر بالأمل فى إنجاز الثورة لأهدافها، فهم يرتبون ويفاجئون، ويعلنون إسقاط مرسى وجماعته وشعاراتهم تدوى، فهم الذين يتبنون ما سبق أن قلته «سقوط شرعية مرسى»، ويطالبونه بالاستقالة والتنحى، وهم الذين يطالبون بإسقاط حكم المرشد وجماعته لأنهما غير شرعيين، وهم الذين يصرون على استكمال الثورة حتى تحقيق أهدافها فى الحرية والعدالة الاجتماعية، وهم الذين يتعرضون للأذى والقتل والخطف والتعذيب على أيدى دعاة الثورية «مرسى وجماعته»! وهم الذين كفروا بالسياسيين العواجيز الذين لا يزالون يضعون الشروط لدخول الانتخابات، ويطالبونهم بالرحيل مثل مبارك ومرسى وجماعته، إن استمرار الثورة وانتصارها هو مسؤولية الشباب وحده.. فارفعوا أيديكم عن ثورة لم تشاركوا فى صنعها أيها العواجيز، وشكرًا.. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله. ولايزال الحوار متصلًا.