أسعار الفراخ في البورصة اليوم الجمعة 26 ديسمبر    كيف يؤثر قرار خفض الفائدة على أسعار الذهب؟.. «الغرف التجارية» توضح    لماذا ثار زيلينسكي غضبا في خطاب عيد الميلاد.. خبير فنلندي يوضح    6 مواجهات قوية بدوري الكرة النسائية اليوم الجمعة    وفاة كبير مساعدى زعيم كوريا الشمالية.. وكيم جونج يرسل إكليلا من الزهور للنعش    باحث أمريكي: كيف يمكن الحفاظ على استقرار العلاقات بين الصين واليابان؟    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    لاعب جنوب إفريقيا: أثق في قدرتنا على تحقيق الفوز أمام مصر    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    إذاعي وسيناريست ورسَّام، أوراق من حياة الدنجوان كمال الشناوي قبل الشهرة الفنية    الأرصاد تحذر من ضباب يغطي الطرق ويستمر حتى 10 صباحًا    الطرق المغلقة اليوم بسبب الشبورة.. تنبيه هام للسائقين    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    ترامب: نفذنا ضربات قوية ضد «داعش» في نيجيريا    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هويدا طه تكتب: لماذا تحتاج مصر إلى ثورة الغضب الثانية؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 19 - 05 - 2011


مقتل الثورات.. حكم العواجيز
لم تقم ثورة ناجحة في التاريخ ثم بعد نجاحها تسلم الحكم لغير من قام بها.. إلا عندنا! هذا هو المأزق الحقيقي للثورة المصرية العظمى..السؤال الحقيقي الآن لا ينبغي أن يدور حول تفاصيل مثل (مطالب) إنعاش الاقتصاد أو وقف المحاكمات العسكرية المشينة أو الانتخابات أو الأمن أو غيرها وهي مطالب مهمة.. لكن بؤسها يكمن في أنها (مطالب)، وهذا يعني أن طرفا يطالب وطرفا بيده التنفيذ أو.. التطنيش! الطرف الذي يطالب نسى تحت ضغط محاولات إزاحته أنه الصانع الحقيقي للثورة.. والطرف الذي (يطنش) يريد أن ينسينا أنه (قفز) على الثورة، المأزق الحقيقي أن من قام بالثورة لا يحكم.. ومن يحكم ليس ثوريا لا بطبعه ولا بالشواهد ، دعونا إذن نواجه مأزقنا الحقيقي..
أولا: الحاكمون لمصر الآن.. من أنتم؟!
يحكم مصر الآن فئتان: عواجيز النظام الذي لم يصبح بائدا بعدْ.. والمجلس العسكري، كلاهما على مدى عشرات السنين كان يرى عن قرب الفساد والظلم الذي مارسته عصابة مبارك وأعوانه.. ولم يبد منهم أي خروج عليه.. بل ربما شارك بعضهم بالفعل مثل بعض قياداتالشرطة التي مازالت في مواقعها..أو بالتغاضيمثل باقي مؤسسات الدولة ورجالاتها..
** عواجيز النظام
كل من يتولى ملف المحاكمات الآن.. كلهم.. عّينهم في مواقعهم أو تركهم فيها برضاه.. رئيس العصابة المخلوع، وبسبب العشرة الطويلة مع مبارك وحاشيته نعرف جميعا أن هذا الرجل كان حريصا على إقصاء الشرفاء، هذا ليس اتهاما للنائب العام أو رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أو رئيس جهاز الكسب غير المشروع أو الوزراء أو القضاة أو أو.. حاشا لله أن يتهم مواطن أحدا بلا قرينة.. فما بالك إذا كان هذا الأحد موظفا عاما وفي موقع يدير الدفة، إنما هو فقط.. تساؤل.. تساؤل مواطن عادي: ألستم جميعا كنتم موجودين قبل الثورة؟ ألم تكن لديكم تقارير عن الفساد والظلم البيّن الذي يمارس على المصريين؟ تقولون كنا نصدرها وكانت توضع في الأدراج.. لماذا إذن لم تعرضونها على الرأي العام وقتها لابراء ذمتكم أمام الشعب؟ هل كنتم تخافون اللص القائد ولا تخافون الشعب؟ الشعب الذي احتقره مبارك وحاشيته ورجاله ومؤسساته.. وكانوا يتصرفون باستعلاء ويقين بأنه شعب لا يغضب مهما ذل، أيها السادة الباقون في مواقعكم لازلتم وأنتم من رجال نظام المخلوع.. ثلاثة أشهر وأنتم ترتجفون أمام وليكم السابق.. تقتربون منه خطوة وتتراجعون عشرة.. هذا سلوك لا علاقة له بثورة قامت لإزاحته وليس لتدليله! هذا سلوك العبيد أمام سيدٍ.. وقع! أي ثورة تلك التي تدلل من ثارت عليه؟! ما تفسير ذلك؟ إليكم إذن تفسير المواطن العادي.. أنتم لستم من صنع الثورة ولستم أبرياءً من تواطؤ مع المخلوع لدرء العقاب عنه بأقصى قدر ممكن.. وقد يكون لديكم علة تخافون منها (نكرر.. هذا شيء لا قرينة عليه لكنه.. تساؤل رجل الشارع.. فاسمعوه!) هذا أولا، أما ثانيا فالشارع يتساءل بحرقة: متى ترحل عنا دولة العواجيز تلك؟! لماذا كل مسؤول في هذا البلد يتخطى عمره السبعين وأحيانا الثمانين؟ لماذا تصرون على سلب زمانكم وزمان غيركم؟ لماذا نخضع لمن ترهلوا واستكانوا بحكم الزمن؟ الثورات بطبيعتها هادرة.. وهي لا تنجز تغييرا عظيما إلا لأنها هادرة.. لأن من يقومون بها ثم يحكمون لديهم أمل عظيم في مستقبل أعظم وإرادة تفل الحديد.. أما عندما يقوم الثوار بثورة هادرة ثم يزيحهم العواجيز ويحكمون.. فلن نجد إلا هذه الشكوى اليومية من رجال شاخوا بدعوى الحكمة الزائفة.. شكاوى العواجيز المتبرمين من كل فعل هادر.. يتحججون باقتصاد يهوى وهم يعلمون أنه هوى بفعل فساد قامت ضده الثورة.. وليس بسبب هدير الثورة الشابة، أيها الرجال الذين يغتصبون زمان غيرهم .. ارحلوا.. ارحلوا.. ارحلوا..
** المجلس العسكري
آن لهذا الشعب أن يدرك أن الجيش شيئ.. والمجلس العسكري شيئ آخر، نحن نحب جيشنا وندعمه ونريد له علو القيمة والمقام دائما، تلك واحدة من شيم الأمم العريقة ونحن أمة عريقة هنا، وإذا كنا نقبل نسبيا في الظروف العادية أن تكون مؤسستنا العسكرية (مؤسسة غامضة) فذلك لأن السرية والتعتيم قد تكون صفة ضرورية للخطط العسكرية والحروب وهي بذلك عقيدة للجيوش، لكن السرية والتعتيم هما مقتل الحكم المدني السياسي، وفي ظرفنا هذا لا نتحدث عن (مؤسستنا) العسكرية بل عن (مجلسنا) العسكري الذي يضطلع الآن بمهمة الحكم المدني،
أولا: المجلس العسكري يذكرنا في كل بيان له (بفضله) علينا.. يمّن علينا بشكل مباشر أحيانا وغير مباشر أحيانا أخرى بأنه (لم يفتح علينا النار) لم يفعل كما فعلت الجيوش العربية الأخرى (الغادرة)، صحيح أنه بالفعل لم يكن (غادرا) معنا وتلك شيمته عبر العصور وهذا لأننا أمة عريقة وجيشها عريق محترم، لكن هذا ليس منة على الشعب.. هذا واجبه الأساسي حماية الشعب.. ولا شكر على واجب، الجيوش الأخرى هي التي لم تقم بواجبها (وغدرت بشعوبها)، ثم أن جيشنا ليس كيانا منفصلا عنا حتى يكون عدم غدره منة وفضلا.. بل هو جزء منا.. هو لنا.. هو مؤسستنا.. نحن الشعب، وليس لجزء منا أن يمن علينا بأنه مازال جزءً منا!
ثانيا: المجلس يتكون من رجال عسكريين.. في مهمتهم العسكرية يكونون منضبطين منغلقين قليلي الكلام هادئين محافظين يضيقون بالإعلام ويستنكرون النقد كما هو ضروري لمهمتهم العسكرية، لكنهم عندما يتعاملون بنفس هذه الصفات في مهمتهم المدنية (المؤقتة) فهم عمدا أو استهانة أو بدون قصد يقللون من فعل وقيمة الثورة ويحدون من سقف أحلامها.. ويحبطون شبابا بل شعبا بأكمله حلم بإزاحة الظلم.. بل ويثيرون الريبة، فلا يخفى على أحد أن ارتيابا كبيرا يتسع في الأسابيع الأخيرة حول ما يبدو وكأنه (تواطؤ).. حتى مع البيانات التي تريد بث طمأنينة حاسمة بألا تواطؤ هناك، لكن هذا التدليل المستفز للمخلوع وقرينته يثير ضيق بل ويأس الشعب، فالتهم الموجهة إلى المخلوع تسمى في أدبيات الثورات (الخيانة العظمى)، فكيف لعسكريين يكونون بطبعهم حساسين تجاه (الخيانة) أن يدللون خائنا للوطن إلى هذا الحد؟ وأنظروا ما تنشره روزاليوسف عن تفاصيل أفعال هذا المخلوع طوال فترة حكمه وأيام الثورة حتى تشعرون بفوران الدم من (حجم الخيانة)، والمشير طنطاوي نفسه قال في كلمته لخريجي أكاديمية الشرطة (لقد اجتمع جميع أعضاء المجلس على قرار واحد: ألا نطلق النار على الشعب) تلك والله شهادة يا سيادة المشير بأن (ثمة خائنا) أمر بإطلاق النار على الشعب! أيها المجلس العسكري.. أنت مطالب من الشعب الذي أنت منه وله بألا تدلل خائنا.. هل هذا كثير؟!
ثالثا: المجلس العسكري يدير البلاد بعقلية النظام الذي لم يصبح بائدا بعدْ.. اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.. وهذا مقتل للثورة عمدوا إلى ذلك أو لم يقصدوا، فاقتصاديا أصدر المجلس يوم الاثنين (قانون المصالحة مع رجال الأعمال) وهو بذلك يستكمل مسيرة المخلوع في تدليل رجال الأعمال.. هؤلاء الذين استحلبوا مصر ولم يقدموا لها شيئا.. هل منهم من فعل مثل رجال الأعمال في أعتى الرأسماليات مثل أمريكا واليابان فبنوا صروحا للبحث العلمي والصناعي مثلا؟ هل منهم مثلا من قدم للشعب جامعات مستقلة عنه كمالك بل تاجر يستحلب أموال الطلاب ولا يهمه شيء آخر.. مثلما فعل رأسماليو اليابان؟ إن تخويف المصريين من انهيار الاقتصاد إذا لم يدلل رجال نهب الأعمال هؤلاء هو سير في نفس طريق النظام الفاسد.. أين الثورة؟! أين الثورة ياناس؟! الثورات يا مجلسنا تزيح اللصوص وأحيانا تقتلهم (لكننا طيبون ولا نريد القتل) ثم تحفز إرادة الشعب ليبذل العرق في بناء نهضة حقيقية.. لكنك يا مجلسنا تبدو (خائفا من مشاركة الشعب) أو ربما غير واثق في قدرته الكامنة.. لذلك تعمل كل يوم على العمل على (إزاحته جانبا)، سببت يا مجلسنا إحباطا لشعب أذكرك بملامحه صبيحة يوم التنحي عندما بدا المواطنون مبتسمين راغبين في تنظيف الشوارع وبناء ما تهدم ومتحفزين للعمل ثم.. ثم فجأة بدأ بتلقي الضربات صباحا ومساءً حتى شعر بأنه (غير مرغوب فيه)! ما عليك يا مجلسنا سوى قراءة تاريخ الثورات لتعرف أن المعجزات تتحقق فقط عندما تستنهض إرادة الشعب للبناء.. وليس بالتسول من دول أقل شأنا منا حضاريا وعراقة وثقلا تاريخيا.. وليس بتدليل اللصوص ليسرقون بعد الثورة كما سرقوا قبلها.. والشعب المصري لديه خبرة رهيبة في التحمل إذا أيقن أن نهاية التحمل إنجاز كبير.. هذا شعب أصيل لماذا لا تثق به؟! وأذكرك يا مجلسنا بأن جمال عبد الناصر رفض التسول لبناء السد العالي واستنهض همة المصريين وأمم القناة بقرار ثوري.. وتم بناء السدرغم ما قيل أيامها عن (انهيار الاقتصاد بسبب العدوان الثلاثي)، لا يعقل يا مجلسنا أن أتذكر أنا المواطنة العادية ثورية عبد الناصر ولا تتذكرها أنت! هذا ما يحدث عندما يحكم من يقومون بالثورة، لكن شبابنا العظيم الذي قام بالثورة لم يحكم بل أزيح بدعوى قلة الخبرة بل لم تكتفون بإزاحته إنما تحاكمونه عسكريا (وتقلبونه في يومين) إلى غياهب السجون الحربية! يا مجلسنا مطلوب منك تفسير.. لماذا تسجن الشباب وتفرج عن الخونة؟! أين الثورة؟.. أين الثورة؟ أين دفنتم ثورة شبابنا؟.. الشعب غاضب يا مجلس.. إن لم تشعر بذلك حتى الآن.. فهناك شباب آخرون لم يسجنوا بعد..
ثانيا: ثورة الغضب الثانية
مازال إذن كثير من الشباب لم يسجن بعد.. الحمد لله! لذلك وبسبب الإحباط والشعور بالتهميش الذي فرض عليهم ستبدأ ثورتهم الثانية.. لكن ما يحتاج وقفة هو حقا مطالب تلك الثورة الثانية وشعاراتها وظروفها..
** صدق أو لا تصدق.. أهم شعار قد يرفع في ثورة الغضب الثانية هو (الشعب يريد اسقاط النظام)! لأن النظام لم يسقط بعد، لأن بعض الرجال في الحكم الآن لا يخفون حتى كراهيتهم للثورة.. وبعضهم كان في لجنة سياسات جمال مبارك التي خربت بلدنا ونهبته بسياساتها تلك، ولأن كثيرين كذلك هم هؤلاء السبعينيين والثمانيين المتشبثون بمواقعهم بشكل يثير الذهول حقا! رجال النظام القديم لابد أن يستكمل اسقاطهم.. أما كبار السن والخبرة النزيهين ولهم بالطبع كل التقدير والاحترام وهم فوق رؤوسنا فهم أباؤنا (وأجدادنا!) وسوف نصبح كبارا كهولا مثلهم ذات يوم- إن عشنا- فهم مع احترامنا لهم (يتمترسون) في مواقع ليست لهم بحكم الزمن بل بحكم العدالة حتى.. أجيال وراء أجيال حرمت من تقديم طاقتها الهادرة لهذا البلد بسبب تشبث هؤلاء بمواقعهم ، إذن ثورة الغضب الثانية لابد أن تكون أول مطالبها.. اسقاط رجال النظام.. سواء الفاسدين منهم أو العواجيز، مطلب هام حقا.. إعادة هؤلاء العواجيز إلى منازلهم لتناول القهوة صباح كل يوم في البلكونة.. حتى يتسنى للشباب أن يتسلم مواقع إدارة البلاد ليصبوا طاقتهم الهادرة فيها.. كي تزهر من جديد بعد أن أذبلها طويلا ائتلاف الفساد والشيخوخة..
** ثاني الشعارات ربما يكون (الشعب يريد البحث عن قائد للثورة)! فأهم سبب سهل على بقايا النظام والمجلس العسكري إزاحة الشباب كان أنهم بلا ممثل.. يتفاوض ويضغط ويهدد وينفذ باسمهم.. لابد للشباب من انتخاب واحد تتجمع فيه صفات قيادية يضطر المجلس والنظام اضطرارا للتوجه إليه.. ليس بالضرورة انتخاب كامل الشعب له.. فهو مؤقت، ولتسهيل العملية عليهم أن ينتخبوا واحدا لتثميلهم ويشترطون عليه ألا يرشح نفسه للرئاسة بعد ذلك، وهذه هي فكرة (الآباء المؤسسين).. تلك الفكرة العظيمة التي أجدها في مسيرة (التغيير الجذري) في تاريخ كل أمة (تغيرت فعلا)! الآباء المؤسسون للدستور الأمريكي وضعوا الدستور ثم كان الشرط ليس فقط ألا يترشحوا إنما ألا يستفيدوا هم وعائلاتهم من كل مادة وضعوها في الدستور وفي القانون.. هي مهمة (رسالية) خالصة للوطن.. القائد الذي يجب أن تبحث عنه الثورة هو قائد عليه أن يقدم الوطن على نفسه.. حينئذ سيجد الحاكمون الآن من يواجههم بشرعية الثوار.. ولأنه يعلم بمهمته الرسالية فلن يختلف الثوار عليه كثيرا ولن تكون المعايير حزبية أو أيديولجية.. لعل المفيد هنا أن يفكر الثوار في البرادعي.. فالرجل يبدو صادقا في أنه لا يريد منصبا ولا يريد شيئا لنفسه.. ويستوعب جيدا فكرة (المهمة الرسالية المؤقتة)..
** ثالث الشعارات ربما يجب أن يكون (الشعب لن يترك الميدان حتى تتحقق- جميع- المطالب).. وتجربة انفضاض الثورة المبكر كانت درسا كبيرا للثوار.. الميدان ضاغط بشكل مدهش.. هذا ما تعلمناه في الأسابيع الماضية.. لا رحيل عن الميدان حتى رحيل آخر رجل في هذا النظام.. وحتى تمام محاكمات المخلوع ورجاله وصدور الأحكام وحتى يوضع دستور جديد أولا ثم على أساسه تجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية ثانيا.. أما السؤال هل سيتم ذلك بسهولة؟! الإجابة.. الاستبسال.. وإلا لماذا نسمها.. ثورة؟ فلنتذكر الاستبسال الأسطوري يوم 28 يناير.. نعم.. يمكننا الاستبسال.. مرة ثانية..
** رابع الشعارات (الثوار يريدون حضور الشعب)! فالخوف أن يكون الشعب قد عاد إلى الركون والصبر مرة أخرى وارد لكن.. ما أخرج الشعب عن صمته في الثورة الأولى كان استبسال طليعته.. لتبدأ طليعته أولا ثم (تستدعيه) وكلما زاد الاستبسال تحمس الشعب.. تذكروا أيام الثورة الأولى.. كم كان الشعب المصري مدهشا مفاجئا.. ليس بعيدا أن يفاجئ نفسه مرة ثانية.. فهو شعب متابع بذكاء لما يجري.. بأكثر مما يظن الثوار أنفسهم والمجلس العسكري وعواجيز النظام وبقاياه والفلول وكل من فقد الثقة في الشعب المصري المدهش.. الثوار يريدون حضور الشعب قد يكون شعارا مدهشا يحمل في طياته حتى كل المطالب الاقتصادية التي يريدها الناس الرازحون تحت ضربات ضيق الرزق.. فلنجرب..
** ربما تكون الثورة الثانية أصعب من حيث الظرف.. فالشباب وهو جسم الثورة ودماؤها وهديرها مقبل على امتحانات والأسر مطحونة في تلك الماكينة.. والخوف من عدم الإجماع وارد وغيرها من الظروف لكن.. الاستمرار مفتاح الإنجاز.. ليس أمام الشعب المصري سوى الخروج مرة أخرى طالما الطرق أمامه تسد يوما بعد يوم.. والفلول تتلاعب بلقمة عيشه ودينه ووحدته ومستقبله.. والبلاد تدار بنفس السياسات البالية القديمة مع تحسن طفيف هنا وهناك لا يعبر عن ثورة عظمى أبدا..
الشعب المصري ذكي.. لم يعد أحد في حاجة إلى دليل.. المهم أن يكون الثوار أذكياء.. ليمكنهم استدعاء الشعب مرة أخرى.. ليأتي الشعب ويقول لكل هؤلاء الذين أزاحوه جانبا.. ارحلوا ارحلو.. ارحلوا جميعا.. لا نستثني منكم أحدا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.