20 يونيو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    اليابان تعرب عن قلقها العميق إزاء اتفاق عسكري بين روسيا وكوريا الشمالية    حماس تتمسك بعودة اللاجئين وترفض محاولات إسرائيل إلغاء الأونروا    خالد فودة: بعثة حج جنوب سيناء بخير.. والعودة الإثنين المقبل    مليون أسرة تستفيد من لحوم صكوك أضاحى الأوقاف هذا العام.. صور وفيديو    بعد انتهاء عيد الأضحى 2024.. أسعار الحديد والأسمن اليوم الخميس 20 يونيو    استقرار أسعار العملات مقابل الجنيه اليوم الخميس 20 يونيو 2024    وزير المالية: إنهاء أكثر من 17 ألف منازعة ضريبية تتجاوز 15 مليار جنيه خلال 10 أشهر    سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين    مزاعم أمريكية بقرب فرض قطر عقوبات على حماس    عاجل - الاستخبارات الروسية تصدم رئيس أوكرانيا: "أمريكا ستتخلى عنك قريبا والبديل موجود"    وول ستريت جورنال: 66 من المحتجزين في غزة قد يكونوا قتلوا في الغارات    انقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص في الإكوادور    سيراميكا كليوباترا يهاجم اتحاد الكرة: طفح الكيل وسقطت الأقنعة    الأهلي يحسم مصير مشاركة عمر كمال أمام الداخلية اليوم    أزمة في عدد من الأندية السعودية تهدد صفقات الموسم الصيفي    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    اليوم بداية الصيف رسميا.. الفصل يستمر 93 يوما و15 ساعة    بيان مهم من الداخلية بشأن الحجاج المصريين المفقودين بالسعودية    غرق شاب عشريني في أحد بشواطئ مطروح    ولاد رزق 3 يواصل تحطيم الأرقام القياسية بدور العرض لليوم الثامن.. بإجمالي مفاجىء    محمد صديق المنشاوى.. قصة حياة المقرئ الشهير مع القرآن الكريم    عاجل - قوات الاحتلال تقصف مربعا سكنيا غربي رفح الفلسطينية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    عاجل - تحذير خطير من "الدواء" بشأن تناول مستحضر حيوي شهير: جارِ سحبه من السوق    ثلاثة أخطاء يجب تجنبها عند تجميد لحوم الأضحية    غلق منشأة وإعدام 276 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بجنوب سيناء    تركي آل الشيخ يدعو أسرتي مشجعتي الأهلي لأداء مناسك العمرة    منتخب السويس يلتقي سبورتنج.. والحدود مع الترسانة بالدورة المؤهلة للممتاز    مطار القاهرة يواصل استقبال أفواج الحجاج بعد أداء مناسك الحج    دراسة بجامعة "قاصدي مرباح" الجزائرية حول دور الخشت فى تجديد الخطاب الدينى    تصل إلى 200 ألف جنيه، أسعار حفلة عمرو دياب بالساحل    كيفية الشعور بالانتعاش في الطقس الحار.. بالتزامن مع أول أيام الصيف    خلال 24 ساعة.. رفع 800 طن مخلفات بمراكز أسيوط    في هانوي.. انطلاق المباحثات الثنائية بين الرئيس الروسي ونظيره الفيتنامي    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    مصرع عامل نظافة تعاطى جرعة زائدة من المواد المخدرة بالجيزة    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    إيقاف قيد نادي مودرن فيوتشر.. تعرف على التفاصيل    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    يورو 2024| صربيا مع سلوفينيا وصراع النقاط مازال قائمًا .. والثأر حاضرًا بين الإنجليز والدنمارك    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    خاص.. موقف الزمالك من خوض مباراة الأهلي بالدوري    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخطر تحقيق استقصائي ل«شفرات الإنترنت القاتلة»
نشر في التحرير يوم 28 - 08 - 2015

شفرات: «هات البيض» بمعنى «لا تنسى الرصاص» و«خروفك وصل» أي «سلاحك موجود».. وأمنيون: تجارة الأسلحة عبر الإنترنت تمثل 10% من حجم تجارة السلاح في العالم
تحقيق - أحمد سعيد حسانين ومها البدينى
لا تستبعد أن تنقلك ضغطة زر واحدة على جهاز كمبيوتر إلى عالم غريب قد يفتح عليك أبواب جهنَّم، فأنت بضغطة يسيرة من أصبع سبابة يدك، فى أثناء مطالعتك صفحات الأسلحة على الإنترنت، قد تجد نفسك بالصدفة تفاوض أحد تجار الأسلحة الكبار، أو أمام وسيط لأحد أفراد هذه المافيا العاملة فى هذه التجارة، وهنا لا تستبعد بالطبع أن يعرض عليك كل ما لديه من أنواع الأسلحة، والذخائر الحديثة أو الرصاص أو مقذوفات أنواع الأسلحة المختلفة، ووقتئذٍ ستصطدم بعالم افتراضى واسع، عن تجارة الأسلحة الإلكترونية، ذلك عالمٌ ملىء بالخبايا والكواليس والموت المشفَّر، والتى تحتاج إلى إزاحة سترها، للكشف عن حقيقة ما يحدث فى هذه التجارة، غير المشروعة والممنوعة، والمجرمة قانونا بمختلف المواثيق والقوانين، التى حظرت انتشار الأسلحة عبر الشبكة العالمية للمعلومات «الإنترنت».
هذا الكلام ليس مشهدا فى فيلم سينمائى، وليس مشهدا من وحى الخيال، لكنه عين الحقيقة والواقعية بالفعل، عايشها محرَّرا جريدة «التحرير»، معدَّا هذا التحقيق الصحفى، صاحبا هذه المغامرة، أثناء تصفحهما بالصدفة البحتة هذه المواقع الإلكترونية، إذ وجدا نفسيهما فجأة، أمام تجار أسلحة من بلدان ومدن مختلفة، داخل مصر أو من الخارج، لتبدأ مغامرة مثيرة حول هذا العالم الخفى والخطير جدا.
مغامرة بالصدفة
البداية، كانت بدخول «المحررَين» إلى صفحة إنترنت مكتوب عليها «أسلحة حديثة للبيع»، ليرويا قصتهما: وجدنا بداخلها العديد من الأشكال والأنواع المختلفة من الأسلحة، ولكن الأغرب أننا وجدنا أن هناك عديدا من «الكومنتات» بين أشخاص بأسماء مختلفة، يتفاوضون على الشراء فى ما بينهم بشكل علنى، الأمر الذى أوحى بضرورة خوض التجربة لمعرفة مدى حقيقة ما يحدث فى هذا العالم، وكشف كواليس ما بالداخل، فقمنا بعمل «أكونت وهمى»، من أجل التواصل مع بعض المتعاملين فى هذه الصحفات، ففوجئنا فى أثناء محاولة التواصل مع بعض المتعاملين بالصفحة، أنه أحد كبار تجار الأسلحة فى محافظة المنيا ويدعى «م. س».
منذ الوهلة الأولى، التى بدأنا خلالها الحديث معه عن نوعية الأسلحة الموجودة، وجدناه يقول نصا «انتم منين، ومن إمتى بتتعاملوا على الصفحة دى»، فأكدنا له «أننا دخلنا الصفحة بعد معرفتنا بها، من خلال بعض الأصدقاء، الذين أكدوا لنا أن بها بعض أنواع الأسلحة الحديثة، وبعد نقاش استمر لنحو نصف الساعة تقريبا عن أسباب الحاجة إلى شراء السلاح، وما إذا كانت التجربة الأولى أم لا، وعلاقتهم ببعض المتعاملين الآخرين بالصفحة، أفصح لنا التاجر عن هويته، قائلا (ده رقم تليفونى كلمونى عليه، علشان نرتب لمقابلة)، وقمنا بأخذ الرقم، وتواصلنا معه واتفقنا على ضرورة إجراء مقابلة لشراء السلاح المطلوب.
بدت ملامح الشكوك والقلق تحيط بنا، ولكننا قررنا كسر تلك المشاعر بالمواجهة عندما انطلقنا إلى بلدته بمركز سمالوط، وانتظرنا فى أحد الميادين فى سيارة جيب بعد أن اتبعنا تعليماته، بعد دقائق توقفت أمامنا سيارة سوداء زجاجها بنفس اللون «فاميه»، واعتقدنا أن هذه الزيارة قد تكون الأخيرة، ولكنها فى الحقيقة كانت تلك خطوات البداية إلى تاجر سلاح، حيث بدا الوضع مقلقا فى البداية، عندما تقدم إلينا شخص وعرفنا بنفسه بأنه «الوسيط»، واصطحبنا إلى منزل تاجر السلاح، الذى بدا متواضعا من الخارج ومليئا بالفخار والأثاث من الداخل. لم يكن اللقاء بالأمر اليسير، حيث حاولنا إخفاء كل ما يدل على هويتنا، وأكدنا أن الحاجة إلى السلاح بسبب عملية ثأر سنقوم بها -نقصد معدا التحقيق- فى أسيوط بعد أن أظهر أحد أفراد التحقيق هويته بأنه ينتمى إلى محافظة أسيوط فعليا، وبعد نقاش حول العديد من الأمور المتعلقة بالتدقيق وفحص الشخصيات الموجودة، اطمأن قلب التاجر، وأظهر لنا العديد من الأسلحة الآلية من كل صنف، روسى وبلجيكى وصينى، من أجل الاختيار فى ما بينها.
وفى أثناء حديثنا معه، تبين أنه ليس حاصلا إلا على دبلوم صنايع، وعمل بهذه التجارة بالوراثة عن أبيه، وقال لنا «مسك السلاح ده محتاج قلب جامد، وشكل قلبكم خفيف، واللى يعوز حاجة زى كده لازم يكون قلبه ميت ومش بيخاف»، واتفقنا على تفاصيل موعد لشراء طبنجة عيار 9 مللى، وبندقية آلى، من أجل تسليم البضاعة -بحسب تعبيره- فى مكان ما مؤمَّن وبعيدا عن أعين الداخلية، واختار أن يكون الموعد نهارا وفى مكان عام حتى لا يثير الشكوك.
تاجر أردنى
الأجدى من كل ذلك، أنه خلال رحلة البحث والتنقيب فى هذا العالم استطعنا التواصل مع أحد التجار فى هذا المجال، والمقيمين فى دولة الأردن عبر الصفحة الوهمية، التى أنشئت خصيصا لمحاولة معرفة كيفية تعامل هؤلاء التجار مع بعضهم البعض، حيث قادنا ذلك لمغامرة، كشفت لنا عن تفاصيل مثيرة لتاجر سلاح أردنى، ويعيش فى داخل إسرائيل، يدعى أحمد، ويقوم بتوريد السلاح لتجار آخرين فى مصر وغيرها، مع تقسيم المكاسب بينهم، وكان هذا نص الحوار والذى تقمص فيه المحقق دور تاجر سلاح: «أهلا، أنا شوفت حاجات كتيرة، حضرتك عرضتها عن أنواع لأسلحة متعددة، وكنت عايز أشوف النظام إيه بالنسبة لسلاح رشاش وآلى ومسدسات عيار 9 مللى، كميات يعنى السعر كام؟». وبعد فترة من الوقت قام التاجر الأردنى بالرد قائلا: «أنا آسف على التأخر فى الرد، ما الأنواع المطلوبة؟»، فقمنا بالرد عليه: «مسدس عيار 9 مللى، والتسليم فى مصر»، فرد التاجر الأردنى «يعنى مش عايز كميات؟»، فقمنا بالرد عليه «يفضل ترسل كميات»، ورد التاجر «انت عايزهم شغل ولا استعمال شخصى؟!، علشان لو شغل هتكون البضاعة مختلفة علشان تعرف تربح، ولو للاستعمال الشخصى بيكون المطلوب نوعيات أنضف وأحسن»، فرد معدا التحقيق «الاثنين»، فقام التاجر الأردنى بالرد «هابعتلك صور للنوعيات».
وتساءلنا حول «الكمية التى تقدر ترسلها والسعر؟»، فرد التاجر الأردنى «عدد 10 قطع سلاح آلى، و50 قطعة مسدس سميث أمريكى عيار 45»، فقلنا له «الدفع وقت التسليم، وفى مكان أمان، بس هستلم منك طبنجتين للاستعمال والتعارف ما بينا مبدئيا، وبعدها أستلم منك الشحنة الكبيرة»، فقام بالرد «بس بشرط شغلتى ما فيها ثقة ولو طلعت بتلعب علىّ، نصيحة اعتبر نفسك مت دلوقت»، فقلنا له «لا تقلق»، فرد التاجر الأردنى «اتفقنا»، ثم تعارفنا قليلا على الشات، وطلب الأردنى «إرسال مكان، لتحديد الموقع على جوجل إيرث والبضاعة هتوصلك خلال 10 أيام لعندك، وأنا هاكون فى مصر يوم....»، وتساءلنا عن كيفية إرسال البضاعة «انت هترسل البضاعة من الأردن لمصر، كيف؟»، فرد «دى شغلتى». وواصلنا الحديث «لهجتك قريبة من المصرى..!»، فرد التاجر «آه بحب مصر،
لأنه وشها حلو على وعشت فيها فترة»، وحاول الاستفسار عن كيفية معرفة طبيعة الشغل، فقلنا له إننا عرفنا ذلك عبر «فيسبوك»، وكلمنا تجار كتير من ليبيا واليمن الأردن، واتفقنا أن يكون مكان المقابلة فى مكان مزود بكاميرات وممكن نظهر فيه حتى لا يشك بنا أحد.
قوانين لحظر الاتجار فى الأسلحة غير المشروعة
وبحسب القوانين والتشريعات الرادعة لحظر الاتجار بالأسلحة بشكل غير مشروع، حدد قانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954 العقوبات المحددة على الاتجار بالأسلحة غير المرخص لها، وعقوبة القائمين على هذا الأمر، حيث حدد القانون فى المادة السادسة منه «أنه لا يجوز حيازة أو إحراز الذخائر التى تستعمل فى الأسلحة، إلا لمن كان مرخصا له فى حيازة السلاح وإحرازه، وكانت متعلقة بالأسلحة المرخص بها طبقا لأحكام هذا القانون».
كما حدد القانون فى المادة «12» له «أنه لا يجوز بغير ترخيص خاص من وزير الداخلية أو من ينيبه عنه استيراد الأسلحة المنصوص عليها فى المادة الأولى وذخائرها والاتجار بها أو صنعها أو إصلاحها، ويبين فى الترخيص مكان سريانه، ولا يجوز النزول عنه، ولوزير الداخلية أو من ينيبه عنه رفض إعطائه، كما له تقصير مدته أو قصره على أنواع معينة من الأسلحة والذخائر أو تقييده بما يراه من شروطه لمصلحة الأمن العام وله سحبه فى أى وقت أو إلغاؤه على أن يكون قراره فى حالتى السحب والإلغاء مسببا».
كما نجد أن قانون مكافحة الإرهاب الذى صادق عليه الرئيس فى مادته الثالثة بالباب الأول، «أنه يقصد بتمويل الإرهاب كل جمع أو تلقى أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها بشكل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة كانت بما فيها الشكل الرقمى أو الإلكترونى، وذلك بقصد استخدامها كلها أو بعضها فى ارتكاب أى جريمة إرهابية أو العلم بأنها ستستخدم فى ذلك أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابى أو أكثر أو لمن يقوم بتمويله بأى من الطرق المتقدم ذكرها».
مباحث الإنترنت ل«التحرير»: وسائل الحماية الشخصية الأكثر انتشارا.. وبلاغات محدودة عن التجارة عبر النت
وقال مصدر مسؤول بشرطة مباحث الإنترنت -طلب عدم الإفصاح عن اسمه لحساسية منصبه- إن الإدارة لم تتلق سوى عدد محدود للغاية من البلاغات، بشأن تجارة السلاح عبر الإنترنت، مستطردا أن التجارة الأكثر انتشارا ورواجا تتعلق بوسائل الحماية الشخصية وأحيانا بعض طبنجات الصوت، لافتا إلى أن هذا الأمر قد يتم عبر جروب خاص على «فيسبوك»، وليست صفحات متاحة أمام الجميع، وهى ممنوعة من الناحية القانونية وغير مشروعة وتعد من أنواع التجارة المشبوهة. بينما كشف مصدر أمنى ل«التحرير»، أن التهريب يتم عبر الحدود الجنوبية من خلال حلايب وشلاتين وصحراء إدفو الشرقية، والتى تجد لأسلحتها مأوى فى قرية العدوة ونصر النوبة، كما يتم تهريب السلاح من خلال درب الأربعين، ولكن الآن يتخذ المهربون مسلكا آخر عن طريق العبور من السودان إلى ليبيا ثم العودة مرة أخرى إلى مصر عبر الحدود.
إغراءات تجار الأسلحة لاستقطاب الزبائن.. على الإنترنت
من ضمن الأمور التى لاحظها محررا «التحرير» أن هناك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، تعرض البيع لأسلحة صوت، تم تحويلها إلى أسلحة قاذفة، قد تصيب لكنها لا تقتل، كما تعرض أداوت وصواعق كهربائية للبيع وأسلحة فى القاهرة على الصفحة، كما أن أغلب صفحات السلاح، كانت تحاول استمالة المشترين بعروض لهم عبر صفحاتهم المنتشرة على التواصل الاجتماعى، مثل صفحات تحت عنوان «أحدث وأقوى وأرخص مسدسات الصوت فى مصر»، و«العرض للجادين فقط مسدس إيكول بى 29 -9 ملى تركى أصلى بيضرب 2 نوع من الرصاص»، وأخرى بعنوان «الرصاص الخرز أو البلى وده بيخترق الهدف ويصيبة لكن مايموتش»، «أسطورة مسدسات الصوت والبلى 9 مللى أيكول جاكال دوال فل أوتو السريع بإمكانية ضرب طلقة طلقة، وإمكانية ضرب أوتوماتيك، مع خاصية الأمان، قوى جدا ومرعب فقط ب1650»، «للبيع مسدسات صوت تركية، اللون الأسود حجم كبير، فرز أول شكل مخيف الصوت عالى جدا ومرعب، ويقوم بإخراج النار لمسافة متر، زناد فردى مع خاصية الدبل أكشن 16 طلقة فى المشط، جديد زيرو لم يستخدم نهائيا بالعلبة فقط ب1450 جنيها»، «علبة رصاص بلى فيها 50 طلقة ب350 جنيها وعلبة رصاص الصوت فيها 50 طلقة ب250 جنيها».
كما أن اللافت أيضا للنظر، أن معظم تجار السلاح كانوا يتعمدون التواصل عبر صفحات «فيسبوك»، بكلمات مشفرة وسرية لا يعرفها إلا التجار أنفسهم، بشكل يضمن لهم التعامل فى الخفاء، للترويج عن أسلحتهم بشكل سرى ومتقن بهدف التضليل، ومن ضمن تلك المصطلحات «هات البيض»، بمعنى «لا تنسى الرصاص»، و«خروفك وصل»، بمعنى «سلاحك موجود».
من الحوامدية للمعادى
وفى مغامرة جديدة لا تخلو من الإثارة، تمكنا عبر إحدى الصفحات المكتوب عليها «أسلحة بأسعار مميزة» من التواصل مع أحد الأشخاص، بأكونت «أبو وفاء»، وبعد عناء طويل فى محاولة التواصل معه والاتفاق، استطعنا الاتفاق على تحديد موعد للقاء فى منطقة المعادى بعد أن اطمأن لجدية عملية الشراء، واتفقنا عبر «فيسبوك» على نوع السلاح المطلوب وسعره، والتقينا مع الوسيط فى المعادى على بعد أمتار من المترو، انتظرنا قليلا، ليظهر فى النهاية شاب يبلغ من العمر 22 عاما بكلية العلوم، والذى يقتصر دوره على أن يكون حلقة وصل بيننا وبين أحد تجار الأسلحة فى منطقة الحوامدية بأبو النمرس بعد أن اتفقنا على شراء طبنجة 9 مللى بمبلغ 1500 جنيه.
وقال فى أثناء وجوده «لدينا طبنجات من 1500 جنيه، وحتى 6 آلاف جنيه، والسعر بحسب النوع والتصنيف العالمى لها وأفضلها المسدس البلجيكى (Smith)، والمسدس الأمريكى (fn-571)، ويليها المسدس الإيطالى»، وانتهى اللقاء على الاتفاق على موعد التسليم والتسلم.
إحصاءات: ضبط 61 ألف قطعة سلاح منذ ثورة 25 يناير
بحسب بعض الاحصاءات الخاصة بالاتجار فى الأسلحة، التى أوردتها بعض الجهات الرسمية بالدولة، جاءت الأرقام تشير إلى ضبط 61 ألف قطعة سلاح منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، و5 ملايين طلقة و6 آلاف صاروخ عابر للمدن، بالإضافة إلى ضبط 11 ألف ورشة لتصنيع الأسلحة، وضبط 6حاويات محملة بمئة ألف بندقية.
وكانت هناك أكبر نسبة لضبط المدافع والتى بلغت 6 آلاف مدفع و4 آلاف رشاش، وجاء على رأس أكثر المحافظات فى تجارة الأسلحة وضبطها، مطروح والإسكندرية والبحيرة والقليوبية فى الوجه البحرى، أما محافظات الصعيد فكان أعلى المعدلات بمحافظات قنا وأسيوط وسوهاج والمنيا.
فى الوقت الذى تحاول فيه الأجهزة الأمنية ممثلة فى وزارة الداخلية والقوات المسلحة، إحكام الرقابة على منافذ التهريب من الجهه الغربية عن طريق ليبيا، والتى دخلت منها كميات هائلة عقب ثورة يناير، خلال الفراغ الأمنى، وكذلك المنطقة الجنوبية عبر السودان، إضافة إلى تهريب كميات كبيرة عبر الأنفاق بسيناء، ولكن مع الإحكام المستمر من حرس الحدود وقوات الشرطة على تلك المنافذ، تراجعت عمليات التهريب بصورة كبيرة، حيث تمت عمليات ضبط يومى، من خلال حملات الأجهزة الأمنية، وتسهم فيها بشكل كبير القوات المسلحة وحرس الحدود، إضافة إلى ضبط عمليات تهريب تتم من قبل تجار الأسلحة ويتم ضبطها من خلال معلومات ترد للأجهزة ويتم ضبط تلك الشاحنات العملاقة.
بينما أوردت بعض الإحصاءات الرسمية الصادرة، أن ليبيا كانت أكثر الدول التى دخلت الأسلحة والصواريخ منها إلى مصر، حتى إنه فى النصف الثانى من عام 2011، وكانت الأجهزة الأمنية بالداخلية تضبط يوميا ما بين 3 سيارات نقل محملة بالصواريخ والرشاشات، وعلى الرغم من هروب مستقليها بالصحراء بعد مطاردة مع الأمن، إلا أنه كان يتم التحفظ على تلك الأسلحة.
وبحسب دراسات وتقارير حقوقية، أظهرت أن حجم تجارة السلاح فى مصر تراوح بين 10 و20 مليار جنيه منذ ثورة يناير، وأن حجم تجارة السلاح على مستوى العالم يبلغ نحو 1650 مليار دولار.
تاجر موت: «كسبت كتير»
الحال أيضا تكرر مع تاجر جديد يدعى «أبو جنة»، مع اختلاف نوعية الاتفاق والسلاح والمعروضات، حيث تعمد استخدام اسم شهرة بعيدا عن اسمه الحقيقى، منعا لكشف هويته وحقيقته، ففى أثناء الدخول على صفحة أخرى تحت عنوان «كل أنواع الأسلحة»، تبين من خلال التدقيق أن صاحبها يعرض أنواعا عديدة من الأسلحة المُصنعة محليا، أو الطبنجات والمسدسات صغيرة الحجم التى يسهل إخفاؤها فى الملابس أو الأمتعة، والتى أبرزها سلاح «التونة» وهو سلاح صغير الحجم يحمل عده طلقات، ولا يتعدى سعره ال500 جنيه المُصنع، واستطعنا بعد التواصل معه الحصول على هاتفه، وبعد وقت طويل من الحديث عن التعارف ونوعية الشراء، التقطنا منه بعض النقاط عن طبيعة مهنته، أبرزها قوله «السوق الآن نايمة، وكنا نبيع كثيرا فى فترة الثورة وبنكسب، ونحن نخزن الأسلحة ونقوم بإخراج القطع بحسب الطلب، وعندنا أكثر من وسيلة ندخل بيها الأسلحة من مكان لمكان».
وعن كيفية الحصول عليها يقول «إحنا بنجيب الأسلحة عن طريق ممرات سرية وتعاريج فى الصحراء، وهى مهنة مثيرة ومربحة للغاية، والعديد من الضباط يساعدوننا فى الاتجار بالسلاح وتمريره وتهريبه وبيعه، كما أن للبعض نسبة فى ذلك وهم معروفين بالاسم لنا».
ليبيا.. الموت يمرّ من هنا
لاحظنا أن أنواع الأسلحة المنتشرة على صفحات الإنترنت تحديدا، تختلف حسب العرض والطلب فى السوق، والتى يأتى معظمها عن طريق ليبيا، حيث أجمع أغلب التجار على أن السلاح انتشر فى فترة الثورة، عن طريق ادعاء سرقة مخازن الأسلحة، ولكن الملاحظة الأهم أن بعض التجار أكدوا أن عمليات بيع الأسلحة وتهريبها كان يتم عن طريق بعض الضباط الكبار أنفسهم، إذ يشرفون على البيع والتوزيع للتجار السلاح المتعاونين معهم فى الخفاء. أما تهريب السلاح عن طريق ليبيا فيتم عن طريق جلب السلاح باستخدام سيارات مثل «تويوتا»، يتم تركيب مواتير جديدة لها وتستخدم سيارات «لاند لوفر» و«لاند كروزر» فى عمليات التهريب بتقليل كمية الهواء فى الإطارات إلى النصف، حتى يتمكن السائق من السير على الرمال، وعن نقل السلاح من محافظة للأخرى يتم تحميل رمال فى سيارات نقل كبيرة ويتم وضع قطع الأسلحة المهربة فيها، فليست كل شاحنات الرمال معرضة للتفتيش.
بنادق آلى.. «اللى ما يشترى يتفرج»
انتعشت هذه التجارة بشكل كبير عقب ثورة 25 يناير، نتيجة الانفلات الأمنى وضعف الرقابة على الحدود وتزايد أعداد المهربين، وزاد انتشار تلك الأسلحة فى مناطق بعينها، ففى الصعيد على سبيل المثال زاد استخدام الأسلحة النارية بأنواعها وماركاتها المختلفة، فى حين اشتهرت مناطق بعينها فى ميادين القاهرة.
ومن بين الأسلحة المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعى والمعروضة من قبل التجار، الفرد الروسى أو مسدس حلوان ويتراوح سعره من 11 إلى 12 ألف جنيه، وبعده يأتى السلاح المصنع فى الورش، وهو المسدس ذو الطلقة الواحدة، ويتم تصنيعه عن طريق خراط المواسير الحديدية، بحيث تكون على مقاس الطلقات المراد استعمالها سواء الروسية، التى تستخدم فى الأسلحة الآلية أو عيار 9 مللى، التى تستخدم فى المسدسات ويتراوح سعره من 500- 600 جنيه، وهو منتشر فى جميع مناطق الصعيد، الفرد المحلى الصنع، ويعد هو الأسهل والأوفر، ويتم تصنيعه محليا بورش الحدادة، ومنتشر بشكل أكبر بين الشباب، ولا يعتمد عليه أهالى الصعيد بشكل كبير ويستخدمه الفلاحون فى حماية «المواشى من اللصوص».
أما المسدس فله أنواع مختلفة بأسعار متباينة، فهناك الطبنجة البلجيكى التى يصل سعرها إلى 12 ألفا فى ما أكثر، والطبنجة حلوان التى وصل سعرها إلى 14 ألفا، أما المسدس الذى يفضله كبار العائلات هو «برابلو» الألمانى، ويتراوح سعره من 10 إلى 13 ألف جنيه، وهناك أسلحة «آر بى جى»، وبدأت عمليات تهريبه تنشط فى الفترة الأخيرة، ولكنه ما زال غير منتشر بصورة كبيرة، لأن قذائفه هى الأغلى والأعلى سعرا، حيث تبدأ من 190 ألفا ويصل إلى 250 ألف جنيه، ويحتاج إلى عربات لحمله فهو أحد الأسلحة الثقيلة.
الأسلحة العادية ذات الخمس طلقات، ألمانية المنشأ ثمنها يتراوح ما بين 7- 8 آلاف جنيه، يليها الرشاش البلجيكى «الجرينوف» وهو باهظ الثمن، ولكنه متطور وسعته ألف طلقة ويصل سعره إلى 26 ألف جنيه، كان فى البداية يستخدم لتسليح سائقى المركبات والدبابات وطواقم المدفعية. وهناك البنادق الآلية البلجيكية وثمنها 6 آلاف جنيه، تستخدم هذه البندقية نظام «ماوزر»، وهو النظام الأوسع استخداما والأقوى، ويليها السلاح الآلى الروسى ويتراوح سعره من 11- 12 ألف جنيه، وقد يقل أو يزيد على هذا السعر حسب نوعه، وهو سلاح سريع الطلقات، وهو الأشهر والأكثر انتشارا فى الصعيد، ويتضمن أنواعا مختلفة منها «رجل الغراب»، وهو سهل الطى والإخفاء داخل الملابس. الرشاش الآلى العراقى، وهو أحد الأنواع التى تلقى رواجا مقبولا بصعيد مصر، ويبدأ سعره من 6 آلاف جنيه، وقد يصل إلى 15 ألف جنيه، تليه البندقية الشيشانى والصينى والكورى وسعرها كان 17 ألف جنيه عقب الثورة، والآن وصل إلى 13 ألف فقط، وهناك سلاح القناصة، ويعد من أقوى أنواع الأسلحة المستخدمة فى عمليات القنص عن بعد.
تهريب السلاح من ليبيا عبر ممرات سرية مثيرة.. من الحدود الجنوبية الغربية
قال العقيد خالد عكاشة، رئيس المركز الوطنى للدراسات الأمنية، إن تجارة السلاح عبر الإنترنت محدودة، وليست منتشرة مثلما يروج البعض -بحسب تعبيره- موضحا أنها لا تشكل ظاهرة على الإطلاق، بل على العكس بدأت تتقلص، منوها بأن هذه التجارة خرجت كموضة وقت الانفلات الأمنى فى ما بعد ثورة يناير، وحينها كانت الشرطة لم تكن بقدر من الفاعلية، وكانت هناك حالة سيولة، وتم استغلال الحالة أنه يظهر هذا النوع من الأداءات أن يكون هناك عرض على الإنترنت وتواصل وصفقات وغيرها من الأمور.
لكن بمجرد بداية تماسك الجهاز الأمنى وملاحقته لمثل هذه الأمور اختفت هذه الظاهرة، ويكاد يكون مساحة الحديث عنها محدود، لافتا أن حجم التجارة عبر الإنترنت لا يمثل 10% من حجم التجارة غير المشروعة للأسلحة، مضيفا أن كل المتابعات تتم عن طريق شرطة المكافحة الإلكترونية، وإذا وجد فى طريقه أى أشياء تتعلق بتجارة السلاح يتم إرساله لمصلحة الأمن العام، وهو أمر فى منتهى الخطورة، فى ظل تنامى النشاطات الإرهابية التى تعكف الدولة على محاصرتها لتقييدها.
وأضاف، أن دور وزارة الاتصالات ليس مؤثرا فى هذه العملية، موضحا أن هذا الدور تسهيلى لوزارة الداخلية، بأن تقوم وزارة الداخلية بعملها فى ما يطلق عليه الدعم اللوجيستى، بأن تدعم إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بسيرفرات وخطوط، ولكن ليس لدى الوزارة قدرة على المراقبة، إنما توفر بعض الإمكانيات اللوجيستية قبل اكتشاف هذا النوع من الجرائم أو بعده.
وحينما يتم القبض على طرف بالقضية يتم تنفيذ هذا الأمر وفق قواعد قانونية مسندة بمحاضر تحريات، والاتصالات تدعم الوزارة أيضا وفقا للقانون.
وقال اللواء رفعت عبد الحميد، الخبير فى العلوم الجنائية ومسرح الجريمة، ل«التحرير»، إنه من الصعب الوصول إلى إحصاءات رسمية محددة عن حجم تجارة الاتجار بالسلاح، لافتا إلى أن هذه التجارة العالمية غير مشروعة، وتسمى «التجارة العالمية غير المشروعة للأسلحة الخفيفة والمتوسطة عبر الحدود»، منوها بأن هذه التجارة لها سماسرة مختصون والتجار الذين يعملون بها وأسواق التصريف والبيع، لافتا إلى أن التاجر الأصلى لا يظهر مطلقا على مسرح الجريمة، ويتمتع بالحيل والدهاء ويعرض معروضاته جهارا نهارا، منوها بأن أشهر الأسواق التى تعرض بها الأسلحة هو ليبيا وسوريا والعراق، وهذا الأمر مقصود من البعض الذى يرعى هذه التجارة عالميا، خصوصا ما يتبقى من أسلحة خفيفة وثقيلة ومتوسطة بعد الحروب، وأن بعض الدولة تنشط وتحفز التجارة غير المشروعة، وبعض الدول الكبرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.