المعروف أن الدستور المصرى يمنع قيام الأحزاب على أساس دينى، ولكن بعد ثورة 25 يناير وبعد موقعة الصناديق (استفتاء 19 مارس) تأسست بعض الأحزاب ذات المرجعية الدينية، بل إن بعضها كان يعلن صراحة أنه الذراع السياسية لمذهب أو جماعة مثل «الحرية والعدالة» الذى مثّل الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أو «البناء والتنمية» الذراع السياسية للجماعة الإسلامية أو حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية، بالإضافة إلى أحزاب أخرى مثل «الأصالة» ثم التحق بها «الوطن» الذى مثّل المنشقين عن حزب النور، و«الراية» الذى يمثّل حركة «حازمون»، وذلك إلى جانب أحزاب أسّست على مرجعية دينية وسطية -من وجهة نظر القائمين عليها- مثل «مصر القوية» برئاسة د.أبو الفتوح، و«الوسط» بقيادة أبو العلا ماضى، وحزب مصر برئاسة عمرو خالد، و«الحضارة» بقيادة محمد الصاوى وعمرو حلمى. وقد قام كل هذه الأحزاب وقياداتها والمنتمين إليها بأدوار مختلفة سواء فى مجلسَى الشعب والشورى أو فى لجنتَى كتابة الدستور الأولى والثانية، ولم يتوانَ أحد منهم فى القيام بالدور المرسوم له حينها لاختطاف الدولة المصرية سواء على مستوى الحشد الشعبى والإيهام بأنهم فى حرب مقدسة للدفاع عن الإسلام الذى تتهدده شرور المدنيين والعلمانيين، أو على مستوى التشريع فى مشاهد لن ينساها المصريون من عدم احترام العلم والسلام، خصوصًا من جانب سلفيى حزب النور، وصولًا إلى النجاح المدوى فى الخداع من جانبهم -حسب اعتراف ياسر برهامى- لتمرير المادة (219) فى دستور الإخوان الذى بلغ بهذه الأحزاب الغرور والاستهانة بالمصريين لحد ادعاء محمد الصاوى ساخرًا فى آخر جلسة من جلسات إقرار هذه الوثيقة أنه يمثّل الكنيسة المصرية لحل معضلة انسحاب ممثلى الكنائس مع أغلب ممثلى التيار الوطنى المصرى. وعلى مدى الأشهر الماضية قام العديد من المحامين والسياسيين برفع دعاوى لحل هذه الأحزاب أمام محكمة القضاء الإدارى، وتم الحكم بحل بعضها فعلًا، ولكن على أساس أنها أحزاب تحرض وتمارس العنف، لا على أساس أنها قائمة على مرجعية دينية، وبذلك أفلت حزب النور السلفى من هذا الحكم الذى طال بعض الأحزاب المماثلة، وذلك لأسباب أخرى -من وجهة نظرى غير التى سيقت فى حينها- وأهمها أن حزب النور استطاع على غير الواقع أن يعطى انطباعًا بأن السلفيين الذين كانوا العدد الأوفر من معتصمى رابعة والنهضة ليسوا من المنضمين إليه، كما كانت قياداته من الحصافة بعدم الوجود على منصات الاعتصامين، وهو ما اعتاده الحزب سواء مع حلفائهم السابقين من الإخوان وباقى التيارات الدينية أو مع ممثلى الدولة المصرية، حيث وعدوا بالمشاركة الإيجابية فى الاستفتاء على دستور 2014، ثم فى انتخابات الرئاسة، وهو ما لم يحدث حيث كانت المقاطعة السلفية ظاهرة فى الحدثين المهمين. وهنا تطل مجموعة أسئلة عن حزب النور ووجوده على الساحة السياسية مع المطالبات المستمرة والمتتالية بحلّه، وأولها: هل حزب النور قائم على أساس دينى؟ ثم هل السماح بوجوده ليكون لهذا التيار مَن يمثله سياسيًّا على الرغم من دستورية هذا التوجه من عدمه؟ أم أن وجود حزب النور داخل إطار المؤسسات السياسية للدولة المصرية لازم لإظهار أن الدولة لا تعادى الإسلام السياسى.