يعد مشروع قناة السويس الجديدة من المشاريع القومية المهمة التى سوف تساعد على زيادة الدخل القومى لمصر من العملة الصعبة. حيث يشتمل المشروع على حفر قناة موازية من الكيلو 60 إلى الكيلو 95، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات القناة فى منطقة البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كيلومترا ليكون إجمالى المشروع بطول 72 كيلومترا مما يقلل زمن عبور السفن من 18 ساعة إلى 11 ساعة تقريبا. كما يختصر زمن انتظار السفن ليصل إلى 3 ساعات فقط بدلًا من 11 ساعة مما سوف يسهم فى زيادة الطلب على قناة السويس وزيادة فرص العمل والتنمية وخلق مجتمعات عمرانية جديدة هناك. وعندما استقل الرئيس عبد الفتاح السيسى يخت المحروسة بزيه العسكرى فى حفل افتتاح القناة الجديدة، فقد حملت هذه الخطوة رسائل عديدة للتاريخ إذ يمثل اختيار الساعة الثانية ظهرا لافتتاح القناة إحياءً لروح عبور الجيش المصرى لخط بارليف ونصر أكتوبر العظيم، فى حين يمثل افتتاح القناة الجديدة بزورق المحروسة استعادة لكرامة وحق المصريين الذين حفروا القناة القديمة لصالح الدول العظمى، ولم يكن للمصريين فيها نصيب، فالآن قد أصبحت مصر للمصريين،بينما مثّل الاحتفال الموسيقى الكبير وعزف أوبرا عايدة استدعاءً لأمجاد الماضى بأيدى المصريين. فعندما نسترجع التاريخ سنجد أنه حينما انتهى العمل فى حفر قناة السويس عام 1869 فقد بلغ طول القناة 164 كيلومترا وأنشئت على ضفافها مدينتا بورسعيد والإسماعيلية. ولقد أقام الخديو إسماعيل بهذه المناسبة احتفالات ضخمة لم ير العالم لها مثيلا، حيث سافر مع حاشيته ووزيريه نوبار باشا وشريف باشا من الإسكندرية مستقلاً يخته المحروسة إلى بورسعيد، حيث اصطفت السفن التى تحمل ضيوف الخديو من أطراف العالم فى مرفأها، وأقام الخديو حفلة افتتاح قناة السويس ببورسعيد يوم 16 نوفمبر 1869، حيث أقيمت ثلاث منصات خصصت الكبرى منها للملوك والأمراء وكبار المدعوين حيث جلس الخديو إسماعيل وأوجينى إمبراطورة فرنسا وفرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا والأمير فردريك ولى عهد بروسيا وغيرهم، وخصصت الثانية لرجال الدين الإسلامى، أما الثالثة فكانت لرجال الدين المسيحى، وألقى الشيخ إبراهيم السقا خطبة باللغة العربية ثم تلاه المسيو «بوير» واعظ نابليون الثالث الذى جاء خصيصا من فرنسا لحضور الاحتفال، فألقى خطبة للتهنئة باللغة الفرنسية. وأقام الخديو وليمة عشاء لستة آلاف مدعو للحفل على أصوات الموسيقى وطلقات المدافع والألعاب النارية، وفى صبيحة يوم 17 نوفمبر 1869 افتتحت القناة للملاحة، حيث دخلت البواخر المقلة للملوك والأمراء قناة السويس إيذانا بالافتتاح، وكانت فى مقدمة البواخر سفينة الإمبراطورة أوجينى «لو إيجل» أو النسر، وكانت رغبة الخديو هى تقديم أوبرا عايده التى كتب قصتها عالم المصريات أوجست مارييت باشا، مدير مصلحة الآثار المصرية، وصاغ قصتها شعرا الإيطالى أنطونيو غيالانزوى، ووضع موسيقاها الإيطالى جوسيبى فردى مقابل 150 ألف فرنك من الذهب الخالص، ليتم تقديمها على مسرح الأوبرا الخديوية التى أقيمت خصيصا عام 1869 لضيوف مصر فى حفل افتتاح القناة، ولكن تأخر إعداد الأوبرا للعرض فتم تقديم أوبرا ريجوليتو بدلًا منها، ولم يتحقق هذا الحلم سوى عند افتتاح القناة الجديدة ليكون حلما مصريا خالصا بأيدى المصريين أنفسهم وليحمل رسالة للعالم عن مكانة مصر عبر التاريخ.