قبيل إعلان النتائج الأولية شبه النهائية للاستفتاء الشعبي على مسودة الدستور الجديد، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن المصريين سيواجهون صراعات جديدة، إذا تم التصديق على هذا الدستور. وأضافت الصحيفة أن تمرير الدستور سيدفع بالفصائل السياسية المنقسمة بشدة إلى مرحلة أخرى في المعركة حول مستقبل البلاد. متابعة أن طرح المسودة للاستفتاء الشعبي أخذ مصر إلى حافة الصراع الأهلي، وكشف عزلة الأقلية القبطية، ورفض المعارضة التفاوض، ورغبة الإخوان المسلمين في الاعتماد على أساليب ديكتاتورية. «نيويورك تايمز» تابعت أن كيفية التعامل مع تلك التوترات ودخول الدستور الجديد حيز التنفيذ سيحددان ما إذا كانت مصر ستعود إلى الاستقرار أو ستغرق أكثر في الخلافات، بينما يشاهد معظم المنطقة النتيجة النهائية لثورة الربيع العربي تلك. لم يقل المؤيدون أو المعارضون للدستور أنهم يتوقعون نهاية فورية للتناحر الحزبي الذي مزق البلاد قبيل شهر من بدء التصويت. مضيفة أن الإسلاميين المتحالفين مع الرئيس محمد مرسي عبروا عن نيتهم في إعادة بناء الثقة عبر الدستور الجديد كأداة لمحاربة بقايا نظام حسني مبارك السابق. أما عن ضعف المشاركة، بحسب الاستطلاعات الأولية والتي قد لا تصل بأي حال من الأحوال إلى استفتاء مارس 2011، قالت الصحيفة إنه " قد يكون بسبب حالة عدم اليقين التي يعيشها المواطن، حول ما سيتتبع أي قرار من القرارات"، مشيرة إلى حالة عدم اليقين تلك تعززت بعدما أعلنت وسائل الإعلام عن استقالة نائب رئيس الجمهورية محمود مكي، الذي يكشف مدى الانقسام الذي تعاني منه البلاد. ونقلت الصحيفة عن مستشاري الرئيس أن مرسي قد يلقي عقب إعلان نتيجة الاستفتاء مباشرة خطابا عبر التليفزيون الرسمي يطالب ويدعو فيه الجميع للوحدة والمصالحة، وقالت الصحيفة إن مستشاري مرسي يرونها أنها ستكون خطوة هامة لنزع فتيل التوتر الحالي، ولكن مراقبون يرون أن هذا لن يهدئ من غضب المعارضة الذين يعتقدون أن تيار الإسلام السياسي يحاول الهيمنة على المجتمع وأسلمة الدولة، ودفعهم للتوحد رغم اختلافاتهم الفكرة تحت قيادة جبهة الإنقاذ، وهو ما دفع الإخوان بدورهم للتحالف مع السلفيين؛ ما تعتقد الصحيفة الأمريكية أنه سيعزز الطائفية في المجتمع ويوسع الفجوة الأيديولوجية بين الفريقين. الصحيفة علقت على استقالة نائب رئيس الجمهورية محمود مكي، بقولها إنها تضيف إلى الشك حول ما هو قادم في مصر. من جانبها نقلت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية عن نبيل عبد الفتاح، الخبير القانوني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن ما حدث هو أن هذا الدستور ولد دون تضمين كل الشعب المصري الذي كان ينبغي أن يصيغه. هؤلاء الذين قاموا بكتابته رموز سلفية وإخوانية وإسلامية. أضاف عبد الفتاح: «لهذا السبب يرفضه الناس. لن يستمر هذا الدستور لوقت طويل لأنه يمثل الفصائل الإسلامية فقط». أما مجلة »بيزنس ويك» الأمريكية فنقلت عن خليل العناني، خبير الشرق الأوسط بجامعة دورهام في إنجلترا، وصفه استقالة مكي ب«الصفعة الكبيرة» لمرسي، مضيفا: «انسحب الجميع من الفريق الرئاسي ماعدا الإسلاميين، وهو جزء من العزل السياسي العام الذي يواجهه مرسي والإخوان المسلمين». وقال العناني في حوار هاتفي مع المجلة: «أصبحت شرعية مرسي ومصداقيته عرضة لتساؤلات متزايدة، وهو ما يعني بالإضافة إلى الوضع المتقلب الحالي والاستقطاب السياسي، مزيد من عدم الاستقرار في البلاد». ومن جانبها ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في تقرير لها أن التصويت الذي انتهى السبت بدا أن المصريين وافقوا فيه على مسودة الدستور الإسلامي، حسب ما أعلنه حزب الحرية والعدالة. وأضافت أن الإحصائيات الأولية التي تشير بالموافقة على الدستور بنسبة 64% تبدو موثوقة؛ حيث إن تاريخ الحزب في نشر الإحصائيات قبل ظهور النتائج الرسمية جدير بالثقة، والتي من المفترض إعلانها الاثنين. أشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من موافقة ثلثي الناخبين على مسودة الدستور، فإن المشكلات المستعصية عقدت السياسة المصرية منذ تولي الرئيس محمد مرسي الرئاسة، كما أن المصوتين الذين توجهوا للاستفتاء يوم السبت لم يزالوا قلقين على مستقبل بلادهم. أوضحت الصحيفة أن التصويت في المرحلة الثانية مال بشدة نحو القرى المعروفة بولائها للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية السلفية الذين روجوا حملات للتصويت ب «نعم». فغالبية المحافظات ال 17 صوتوا يوم السبت بالموافقة على الدستور، بنسب تعدت أحيانا 90%، أما المنوفية فكانت من المحافظتين اللتين صوتتا ب «لا» في الجولة الثانية، وهي مسقط رأس الرئيس المخلوع حسني مبارك ومعقل التعاطف مع رموز النظام القديم. وتطرقت وول ستريت جورنال إلى استقالة نائب الرئيس، المستشار محمود مكي، الذي أعلنها يوم السبت. ففي حين أن تلك الخطوة من المتوقع أنها جاءت لأن الدستور الجديد لا يذكر منصب نائب الرئيس، كان بيان النائب قد قدم في محتواه نقدا مهذبا للرئاسة. كما ذكرت أن الشكوى الرئيسية بين أكثر الشكاوى لدى المعارضة حول وثيقة الدستور هي أن كثيرا من بنودها ترك عرضة للتأويل. فبينما يمنح الدستور الشريعة الإسلامية دورا أقوى قليلا في الحكم، يخشى زعماء المعارضة أكثر من كيفية أن يتلاعب الفقهاء القانونيين والمشرعين ذوي الميول الإسلامية في الصياغة الغامضة للوثيقة، حسب قول الصحيفة. اختتمت الصحيفة التقرير بالقول إنه بالرغم من كل شيء، فكثير من الناخبين المصريين ذوى الفكر العلماني أو الليبرالي صوتوا ب «نعم» نتيجة للإجهاد والإحباط الذي أصابهم وأملهم في مستقبل أكثر استقرارا.