على الرغم من إعادة رئيس الجمهورية تعهده مرة أخرى بإجراء الانتخابات البرلمانية هذا العام أو قبل نهاية العام، وهو نفس التعهد الذى أعلنه العام الماضى، فلم يحدث أى انتخابات، وإنما ما حدث هو عك فى قوانين الانتخابات التى أصدرت المحكمة الدستورية أحكاما بعدم دستوريتها، وذلك بعد فتح «باب الترشح»، ولتعود الأمور إلى نقطة الصفر مرة أخرى بأنه ليست هناك انتخابات. وأن ترزية القوانين الجدد لم يستطيعوا وضع تشريعات بسيطة للانتخابات يمكن أن تجرى بها الانتخابات دون أن يطعن على تلك القوانين، وإن طعن عليها تصمد أمام المحكمة الدستورية. وأمام هذا الفشل التشريعى، رغم وجود لجنة تشريعية ووزارة انتقالية وشخصيات تعتبر قانونية، تفتق ذهن بعض الترزية إلى ما أطلقوا عليه تحصين البرلمان من خلال قانون لحماية مجلس النواب من الحل، وبالفعل هرعت الحكومة إلى وضع تشريع. هو أمر غريب فعلا، ويعيد إلى الأذهان ما كان يفعله ويريده الإخوان، ولعلنا لا ننسى إصرار محمد مرسى على إعادة مجلس الشعب المنحل، ثم إعلانه الدستورى المكمل الذى كان أحد أهم الأسباب فى الثورة عليه. وبعدين أين هو البرلمان «علشان» نحصنه؟! مش نعمل الانتخابات أولا، ثم نسعى لتحصينه، حتى لو أصبح «سيد قراره» كما كان فى عهد مبارك! ويبدو أن مَن يتحدثون عن تحصين البرلمان لم يقرؤوا الدستور «طبعا الدستور منسى تماما عند الرئيس وعند الحكومة»، خصوصا عن دور البرلمان فى منح الثقة من الحكومة، وإذا فشل فى منح الثقة اعتبر البرلمان منحلا، فماذا سيحدث فى الحصانة عندئذ؟! ولنقرأ أولا المادة «146» من الدستور التى توضح ذلك: «يكلّف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل الحكومة على أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما، عُد المجس منحلا، ويدعو رئيس الجمهورية إلى انتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوما من تاريخ صدور قرار الحل». فماذا سيفعل مشروع تحصين الحكومة فى نص دستورى؟! أيضا هناك مادة أخرى فى الدستور تمنع الحصانة التى تسعى الحكومة لإقرارها، للخروج من حالة الفشل التشريعى.. وهى المادة «161» التى تنص: «يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثى أعضائه، ولا يجوز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال مدة الرئاسة إلا مرة واحدة. وبمجرد الموافقة على اقتراح الثقة يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى استفتاء عام بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة يعفى رئيس الجمهورية من منصبه، ويُعد منصب رئيس الجمهورية خاليا، وتجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يوما من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء، وإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض، عُد مجلس النواب منحلا، ويدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات مجلس جديد للنواب خلال ثلاثين يوما من تاريخ الحل». فهل سيحمى تحصين الحكومة البرلمان الذى يفشل فى سحب الثقة من رئيس الجمهورية من الحل؟! يا أيها الذين تديرون البلاد «اقرؤوا الدستور بالله عليكم».