كتب- أميرة جاد وأحمد سعيد حسانين وحسام حمدى ومحمد علاء: ملامح الموازنة العامة التى أقرها مجلس الوزراء، تمهيدًا لعرضها على رئيس الجمهورية، رصدت فى ظاهرها زيادات فى مستويات الإنفاق على الأجور والاستثمارات العامة والتعليم والصحة ودعم المزارعين والتأمين الصحى والأدوية، والسؤال هنا هل هذه الزيادات حقيقية من حيث مواكبتها معدلات التضخم للسلع والخدمات؟ وهل هى زيادات تمس مستويات المعيشة للمواطنين بالإيجاب؟ من جهتها، قالت الدكتورة سلوى العنترى، أمين اللجنة الاقتصادية فى الحزب الاشتراكى المصرى، إن الحكم النهائى على الموازنة يكون بعد إصدار البيان المالى لها، مضيفة أن وزارة المالية وجدت نفسها فى مشكلة حينما ألغت بعض الضرائب وخفضت البعض الآخر، حيث أجلت الضريبة الخاصة بالبورصة، وألغت ضريبة الأثرياء بقيمة 5%، وخفضت الضريبة على الدخل إلى 22.5 % بدلا من 25%، وهو ما أدى إلى قصور فى الإيرادات. وأكدت أن الوضع ما زال غامضًا حول منظومة دعم المواد البترولية، خصوصا بعد تأجيل منظومة الكروت الذكية. العنترى أوضحت أن البيان الصادر عن «المالية» لم يذكر سوى إيجابيات الموازنة، وهو البعد الذى تريد الحكومة تصديره للرأى العام، مضيفة أن الزيادة التى شهدتها الأجور طبيعية، نتيجة استمرارية العمل، وأنها لا تعنى على الإطلاق زيادة أجور العاملين. وأشارت إلى أن زيادة الأجور لن تمثل فارقًا فى مستويات المعيشة حال استقرار معدلات التضخم عند مستوياتها الحالية البالغة نحو 13%. وأضافت العنترى أن الزيادة التى شهدتها معدلات الإنفاق على الصحة، وطبقا للبيان المبدئى للمالية كان ينبغى أن تحقق 2.6% من إجمالى الناتج الإجمالى، وهو ما لا يفى بالاستحقاقات الدستورية التى ينبغى أن تسجلها هذا العام، موضحة أن الزيادة التى شهدها التعليم ليست زيادة حقيقية، لأنها بعيدة عن معدلات التضخم، ولن تفى بالاستحقاقات الدستورية. بدورها، قالت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إننا لا نزال ندور داخل حلقة مفرغة، موضحة أن الموازنة تحمل بعض المعضلات والمشكلات الحقيقية، أبرزها ما أشارت إليه الحكومة بأن هناك توقعات بزيادة الحصيلة الضريبية رغم قيامها خلال الأسابيع الماضية بإلغاء الضرائب على الأرباح الرأسمالية وتخفيض الضرائب التصاعدية على الدخل، قائلا «لا نعلم كيف سنضغط على المصروفات من أجل زيادة الإيرادات حتى الآن؟». الحماقى أضافت أنه رغم التحسن الملحوظ فى الأداء الاقتصادى خلال العام الماضى، الذى لا يمكن لأحد بأى شكل من الأشكال إغفاله أو تجاهله، إلا أن العجز فى الموازنة لا يزال كبيرا، حيث بلغت نسبته 281 مليار جنيه، وهو ما يساوى 10% من قيمة الناتج المحلى، مضيفة أنه لا يجب أن نلوم الحكومة، لأن هذا إرث قديم ورثته الحكومة من النظام السابق. ولفتت إلى أن الدين الداخلى اقترب من 2 تريليون جنيه أى 100% من قيمة الناتج الإجمالى، مشيرة إلى أن الموازنة العامة باتت أحد الهموم الاقتصادية الكبيرة، ويجب على الحكومة الحالية التعامل معها بحلول غير تقليدية. الدكتور مصطفى النشرتى، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة مصر الدولية، أوضح أن الموازنة التى أقرتها الحكومة غير دستورية ومخالفة لقواعد الدستور التى تنص على تخصيص مبالغ محددة لقطاعات الصحة والتعليم، وهو ما لم تلتزم بها الحكومة، مضيفًا أن نسبة العجز التى أعلن هنا بمقدار 10% لا تتوافق مع نسب الأمان العالمية التى تقدر ب8%. النشرتى أوضح أن الحكومة أهدرت موارد كان يمكن تخصيصها لقطاعات الصحة والتعليم، من خلال تقليل ضريبة الدخل وتجميد ضريبة البورصة، مضيفًا أن حكومة محلب تهرب من خسائرها المالية وترحلها للأجيال القادمة مما يتعارض مع التنمية المستدامة. الدكتور عمرو عادلى، المدير التنفيذى لصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية، قال إن زيادة مخصصات التعليم والصحة يجب أن تصب فى صالح الإنفاق الاستثمارى بدلا من المصروفات الجارية التى تتضمن رواتب وحوافز ومكافآت عن طريق الاستثمار فى العنصر البشرى وبناء المستشفيات والمدارس الجديدة، مضيفًا أن جميع الحكومات السابقة كانت تدعى أن الموازنة توسعية، لكن مع سحب التضخم تصبح معدلات الزيادة «صفر»، بل وتصبح موازنة انكماشية. المدير التنفيذى لصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية، أوضح أن إعلان الحكومة نسب نمو تقدر ب5% مبالغ فيها، مشيرًا إلى أن صندوق النقد الدولى أصدر تقريره فى أبريل الماضى، متوقعا ارتفاع النمو ل4%، متسائلا: كيف تزيد هذه النسبة خلال شهور؟ مشيرا إلى عدم تحديد جدول زمنى لدخول استثمارات المؤتمر الاقتصادى التى تقدر ب30 مليار دولار، ووجود مشكلة فى العملة تؤدى إلى إجراءات مقيدة على قطاع التوريد، وبدرجة أقل على التصدير، وبالتالى ستؤثر بالسلب على نمو القطاع الاقتصادى بشكل كبير. أمين عام أطباء القاهرة الدكتور إيهاب طاهر، أوضح أن الزيادة التى حدثت بالنسبة لإنفاق القطاع الصحى ليصبح 64 مليار جنيه «جيدة»، مضيفا أنه رقم مقبول وأفضل من ذى قبل، قائلا «الأهم هو كيفية إنفاق الزيادة»، موضحا أن هناك إهدار مبالغ فى إنفاق الأموال المخصصة للقطاع الصحى، وهناك عدد كبير من المستشفيات المصرية فى حاجة ماسة إلى الصيانة والتطوير. طاهر أشار إلى أن الزيادة المقررة للتأمين الصحى فى الموازنة الجديدة كانت مخيبة للآمال، مضيفا أن زيادة 4.2 مليار للتأمين الصحى غير كافية، مؤكدا أن هناك أعباء إضافية جديدة أضيفت على التأمين.