«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسبب السياسات الخاطئة للمركزى..«التضخم» يلتهم جيوب الغلابة
نشر في أكتوبر يوم 13 - 11 - 2011

على الرغم من اختلاف الخبراء بشأن تعريف التضخم لتعدد أنواعه، فإن العديد منهم اتفق أن التضخم وفقا للمتعارف عليه هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل كبير وهو ما أوضحته المؤشرات الاقتصادية مؤخرا، وقد أكد الخبراء أن ارتفاع معدلات التضخم الذى تشهده مصر حاليا ليس وليد المرحلة، وإنما هو ميراث تسلمته الحكومة الحالية من الحكومات السابقة، مشيرين إلى أن أهم أسباب التضخم هو تراجع عجلة الإنتاج، وخضوع الأسعار لقوانين العرض والطلب، إضافة إلى استمرار الممارسات الاحتكارية فى العديد من السلع الحيوية.
وأشار الخبراء إلى أن الاستمرار فى تدهور أداء الجهاز المصرفى، سيؤدى إلى استمرار الارتفاع فى نسب التضخم، مؤكدين أن البنك المركزى كان قاسماً مشتركاً فى ارتفاع معدلات التضخم الحقيقية عندما لم يستطع عن طريق سعر الفائدة الحد من التضخم بجانب إفراطه فى طبع النقدية وضخها فى السوق بدون شراء ما يقابل الطبع الجديد من ذهب أو سحب أذون وسندات خزانة من السوق، مما أشعل الأسعار منذ فترة حكومة نظيف التى واكبت تولى قيادات البنك المركزى الحالية المسئولية. وأشار الخبراء إلى أن الاستمرار فى زيادة أسعار الفائدة، سيؤدى إلى استمرار الارتفاع فى نسب التضخم، مطالبين بتشجيع الاستثمار لزيادة الانتاج وخلق فرص عمل جديدة وبالتالى تخفيض الواردات وزيادة الصادرات.
أسباب التضخم
وعن أسباب التضخم يرى الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الاسبق، ان التضخم ينشأ بفعل عوامل اقتصادية مختلفة أهمها: نقص الإنتاج، مرجعا ذلك السبب الى نظام الاقتصاد الحر الذى تنتهجه مصر مما يعنى خضوع تحديد الأسعار وفقاً للعرض والطلب، حيث يؤدى نقص الانتاج لنقص المعروض فى ظل زيادة مضطردة للطلب بسبب الزيادة السنوية للسكان والتى تصل إلى نحو 2% سنويا على الاقل.
أضاف رئيس وزراء مصر الاسبق، أن من بين أسباب التضخم ايضا هو وجود ممارسات احتكارية فى بعض السلع الحيوية كالحديد والاسمنت، وهو ما يتطلب تعديلات فى قانون منع الممارسات الاحتكارية، كما يعد اجراء الحكومة بطبع ورق بنكنوت لسد عجز الموازنة دون أن يقابل تلك الاوراق المطبوعة غطاء انتاجى من أهم أسباب تفشى ظاهرة التضخم، مشيرا إلى أن انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الاجنبية الاخرى على خلفية تراجع حالة الاقتصاد ككل واحدة من اهم أسباب التضخم، حيث يؤدى ذلك العامل إلى زيادة قيمة الواردات وبالتالى ارتفاع الأسعار.
يتفق مع الاسباب السابقة محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار ويشير إلى أن هناك أسباباً مختلفة لكنها تؤدى فى النهاية الى التضخم فى الاسعار الذى يلحظه او ربما لايشعر به الا المواطن البسيط من محدودى ومتوسطى الدخل وهو تضخم إما ناشئ عن ارتفاع التكاليف التشغيلية فى المؤسسات الانتاجية والخدمية، كمساهمة إدارات هذه المؤسسات فى رفع رواتب وأجور العاملين فيها بسبب المطالب الفئوية وإما تضخم ناشئ عن زيادة حجم الطلب النقدى والذى يصاحبه عرض ثابت من السلع والخدمات، إذ أن ارتفاع الطلب الكلى لا تقابله زيادة فى الإنتاج. مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار.
أسعار الفائدة
وأشار نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل إلى أن الزيادة فى قيمة الفوائد النقدية عن قيمتها الإنتاجية أو الحقيقية من أحد أكبر أسباب التضخم حيث يشير باحثون اقتصاديون إلى أن الأزدهار الاقتصادى فى الدولة يزداد كلما اقتربت قيمة الفائدة من الصفر.
وانتهى عادل، إلى أن ارتفاع أو انخفاض معدل التضخم سيؤدى إلى ارتفاع معدلات أسعار الفائدة، وان ارتفاع أسعار الفائدة تقلل من إقبال المستثمرين ورجال الأعمال على الافتراض، فى حين انخفاضها يشجع على الافتراض والاستثمار, مما ينعكس على مضاعفة الاستثمار ومتابعة الاقتصاد الوطنىوتحسن قيمة العملة الوطنية، اضافة الى تأثر سعر الصرف بمعدلات التضخم، حيث يؤدى ارتفاع التضخم إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية وتبعاً لذلك يتغير سعر الصرف، مطالبا بتقليص الإنفاق الحكومى بكافة أشكاله ورفع معدل الضريبة على ربحية الأنشطة التى لا تعكس آثاراً ايجابية على الاقتصاد الوطنى وتفعيل دور البنك المركزى فى ممارسة السياسة النقدية باتجاه التأثير فى السيولة المتداولة فى السوق، مع تفعيل دور وزارة المالية فى ممارسة السياسة المالية للتأثير فى السيولة المتداولة فى الأسواق أيضاً ، وإتاحة البيانات أمام الباحثين عن معدلات التضخم وأسعار الفائدة وأسعار الصرف الرسمية والموازية تحديداً ، تنشيط دور المؤسسات الإنتاجية لزيادة الإنتاج وتحسين الأداء.
القطاع المصرفى
ويشير احمد ادم الخبير المصرفى الى ان ثورة يناير منذ اندلاعها اهتمت بكافة الجوانب ، عدا الجانب الاقتصادى مما ساهم فى الاندفاع نحو التردى الكامل لوضع السيولة المتاحة مما احدث التضخم.
وأضاف آدم أن الواقع يؤكد أن تدهور أوضاع السيولة بالجهاز المصرفى المصرى لم يحدث فجأة وبعد ثورة 25 يناير ولكن هذا التدهور بدأ بعد الأزمة العالمية وتوقعناه وأشرنا بدراسات سابقة إلى أنه سيتحول لمشكلة مؤرقة نهاية العام الماضى ومع بدايات هذا العام وقد كانت الأرقام والمؤشرات كلها تشير لهذا الأمر. والواقع يؤكد أيضاً أن سوء إدارة السياسة النقدية هى السبب الرئيسى والأساسى فى مأزق السيولة الحالى.
فخلال عام 2007 ، 2008 تفجرت أزمة الغذاء العالمية وهى ما أدى لارتفاع مطرد فى معدلات التضخم بكافة دول العالم ومنها مصر وقد أعطى البنك المركزى إشارات للبنوك المصرية لرفع أسعار الفائدة على ودائع العملاء وذلك بالارتفاع بفائدة الإيداع لديه وكذا الاقتراض منه إلا أن البنوك لم تستجب لهذه الإشارات نظراً لتوافر سيولة كبيرة لديها كانت ستتسبب فى انخفاض معدلات نمو صافى أرباحها لو استجابت لإشارات المركزى ولم يتوقف الأمر عند عدم الاستجابة فقط بل أخذت البنوك تستغل رفع البنك المركزى للعائد على الإيداعات لديه فتحولت البنوك لإيداع فوائضها بالبنك المركزى للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة على الإيداع لديه وهو ما أدى لتحقيقها لمعدلات نمو قوية بصافى أرباحها على حساب ناتج أعمال البنك المركزى وهو ما يعنى زيادة فى عجز الموازنة المصرية مع بقاء أسعار الفائدة سلبية أمام معدلات التضخم والتى تجاوزت حد ال 23% فى أغسطس من عام 2008.
وقد كان البنك المركزى يستطيع ومن خلال الارتفاع بنسبتى السيولة والاحتياطى للعملة المحلية أن يجبر البنوك على الارتفاع بأسعار الفائدة إلا أن الفكر المتدنى للمركزى قد جعلته يكتفى بالإشارات فقط.
ثم كانت الأزمة المالية العالمية فى سبتمبر 2008 والتى كانت إيجابيتها الوحيدة هى انخفاض أسعار السلع والمنتجات فانخفضت معدلات التضخم بكافة دول العالم ومعها مصر وهو ما فوجئنا معه بالبنك المركزى يقوم بخفض الفائدة على الودائع لعدة مرات خلال نهاية عام 2008 وعام 2009 ليظل سعر الفائدة سلبياً أمام معدلات التضخم.
وقد كان يمكن للبنك المركزى أن يقوم بتثبيت سعر الفائدة حتى تلتقى معدلات التضخم مع أسعار الفائدة فى نقطة تتحقق فيها إيجابية سعر الفائدة وهو ما لم يحدث فظل سعر الفائدة على سلبيته لثالث عام على التوالى بل أن خفض سعر الفائدة على الودائع قد حرم السوق من ضخ 24 مليار جنيه سنوياً آنذاك وهو ما أدى لزيادة كساد السوق (وال 24 مليار جنيه هى جزء من الفوائد التى لم يحصل عليها العملاء نتيجة لتخفيض أسعار الفائدة وكانت ستوجه للإنفاق الاستهلاكى بالسوق).
ومرة أخرى بدأت معدلات التضخم فى الارتفاع نهاية عام 2009 وخلال عام 2010 وفوجئنا أيضاً بالبنك المركزى يقوم بتثبيت طويل لأسعار الفائدة على الودائع وهو ما أدى لأن تصبح أسعار الفائدة سلبية لأربعة أعوام متتالية أمام معدلات التضخم بل إن البنك المركزى استنبط معدل تضخم خاصا به لم يتضمن أسعار سلع أساسية وضرورية مثل الخضر والفاكهة متعللاً بأن أسعارها تشهد ارتفاعات وانخفاضات حادة وهذا الأمر غير صحيح فهناك سلع أخرى لم يتضمنها معدل تضخم المركزى أسعارها لا تشهد تغييرات حادة مفاجئة كما أن أسعار حتى الخضر والفاكهة وكل السلع والمنتجات فى مصر لا تنخفض وعلى الإطلاق إذا ارتفعت قد تشهد فترة صعود وهبوط ولكن فى منحنى متجه لأعلى والدليل على ذلك أسعار الطماطم والتى باتت حالياً فى مستوى يقترب من 5 جنيهات للكيلو، والمركزى قصد من هذا المؤشر تبريراً لسوء إدارته للسياسة النقدية والتى أدت فى النهاية لتآكل فى ودائع العملاء وخصوصاً ودائع القطاع العائلى وهو ما أدى لانخفاض حاد فى معدلات نمو الودائع وهو ما أدى لجفاف السيولة لأن البنوك هى الممول الرئيسى والأساسى لمعدلات نمو الديون المحلية وقد ارتفعت معدلات نمو الديون المحلية ارتفاعات كبيرة وخصوصاً بعد الأزمة العالمية وانخفاض معدلات نمو صافى الاستثمارات المباشرة وهو ما أدى لجفاف السيولة المتاحة أمام البنوك لتمويل معدلات نمو الدين المحلى (بشراء طروح أذون وسندات الخزانة).
وتطرق الخبير المصرفى الى لجوء الحكومة لطبع اوراق نقدية بدون غطاء ذهبى لتلك الاوراق لسد عجز الموازنة ، وهو اجراء قامت به حكومة نظيف فى النظام السابق حيث قامت بطبع نقدية بنحو 100 مليار دولار، وهو نفس الاجراء الذى قامت به الحكومة فى فبراير الماضى وبعد قيام الثورة وطباعتها لنحو 22 مليار دولار ، مشيرا الى ان طبع النقدية واستمرار طبعها بدون استرداد أموال الفساد التى خرجت من مصر سيؤدى لتضخم جامح قد لا يتحمله الشعب المصرى.
سعر الفائدة
ويوضح الدكتور هشام إبراهيم الخبير الاقتصادى، أن الاتجاه إلى تثبيت سعر الفائدة لفترة طويلة تسبب فى لجوء بعض المدخرين الى سحب ودائعهم للانفاق على متطلباتهم الحياتية وهوما تسبب فى زيادة السيولة المتداولة وتآكل الودائع، غير أنه أشار الى اتجاه البنك الاهلى وبنك مصر لطرح وعاء ادخارى جديد منذ اية الشهر الجارى بسعر فائدة 11,5% اى بزيادة نحو 2% عن فائدة البنك المركزى وهو ما قد يؤدى الى زيادة فى الودائع خلال الفترة القادمة وبالتالى سحب جزء من السيولة المتداولة فى الاسواق.
وأشار الخبير الاقتصادى الى انه كلما زادت اسعار الفائدة يزيد الميل للاستهلاك خاصة فى الطبقات الدنيا والمتوسطة الدخول الذين يميلون للانفاق مع زيادة دخولهم ، بعكس الطبقات المرتفعة الدخول التى تفضل الادخار وهو اتجاه غير محمود لتلك الفئات التى يفضل لجؤوها للاستثمار حتى تفتح افاقا اكثر لمزيد من فرص العمل والحد من البطالة .
وتوقع ابراهيم ان يتجه المركزى الى رفع سعر الفائدة فى الفترة القادمة وهو ما يعد دليلا على استمرار ضعف الاقتصاد .
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن الحكومة اتجهت مؤخرا لاتجاهين اعتبرهما اتجاها محمودا، الأول هو محاولات الدكتور حازم الببلاوى وزير المالية لاستقطاب استثمارات غير مباشرة من الدول الخليجية، لتمويل أذون الخزانة ، لان استمرار البنوك فى تغطية اذون الخزانة سيؤدى لانكماش شديد فى الاقتصاد ومزيد من الاستيراد ونقص فى الصادرات وبالتالى زيادة فى معدلات البطالة ، غير انه اوضح ان نتائج تلك المحاولات من جانب الببلاوى لم تؤت نتائجها حتى الان .
أضاف : الاتجاه الثانى ، هو قيام فايزة ابو النجا وزيرة التعاون الدولى بفتح قنوات اتصال مع مؤسسات التمويل الدولية للحصول على تمويل، مشيرا إلى أن حجم الدين الداخلى تجاوز حاجز التيليون دولار ن بينما بلغ حجم الدين الخارجى ما بين 35 و36 مليار دولار فقط .
وأوضح إبراهيم، أن مزيداً من الاقتراض الداخلى يزيد من حجم الدين الداخلى خاصة مع ارتفاع سعر الفائدة ، وهو ما سوف يؤثر على الاجيال القادمة ، موضحا ان التوجه الى زيادة الدعم ، وزيادة الاجور بسبب المطالبات الفئوية ، وخدمة الدين، سيمثلون نحو 90% من حجم الموازنة العامة، بينما سيتبقى 10% فقط من الموازنة للانفاق على التعليم والصحة والامن وكافة احتياجات الدولة من هذه النسبة الضئيلة وهو ما يعنى ضغوطا شديدة على الاجيال القادمة.
ضبابية «المركزى»
من جانبه اكد وائل النحاس الخبير المالى ان الضبابية التى يتعامل بها مسئولو البنك المركزى هى ما اوصلت الاوضاع المالية الى ما هى عليه الآن، وردا على مرددى نغمة أن إجراءات المركزى حمت البنوك المصرية من الازمة المالية العالمية، اكد النحاس ان تلك السياسات ادت فى الوقت نفسه الى رفع معدلات التضخم فى الشارع المصرى اضافة الى ان البنوك المصرية باتت مكشوفة وبشكل صارخ نتيجة سياسات وزارة المالية فى الاعتماد على الاقتراض من اجل تغطية عجز الموازنة . وأكد النحاس أن افضل حلول دعم الاقتصاد المصرى كانت ممثلة فى رفع معدلات الفائدة من أجل جذب مزيد من السيولة المختبئة إلى البنوك إلا أن هذا الحل لا يمكن تطبيقه عمليا نظرا لاختفاء السيولة من البنوك، حيث إنها موجهة بأكملها إلى دعم الدين الداخلى ولفت إلى أن جزءا كبيرا من تلك السيولة قد تم تهريبه إلى البنوك الخارجية من جانب رجال الأعمال.
د.حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا أكد أن الأزمة التى تمر بها البلاد أثرت على الصادرات بشكل كبير لتنخفض بنحو 6% فضلا عن زيادة أعباء الوردات وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار المحلية موضحا أن كل ما سبق سيساهم بشكل أو بآخر فى رفع معدلات التضخم والبطالة.
وتوقع عبد العظيم ارتفاع معدل التضخم نتيجة الطلب المتزايد على السلع والخدمات وتزايد القوى الشرائية نتيجة لقيام الحكومة بصرف مبالغ لأصحاب المطالب الفئوية وهى مبالغ تتحملها الدولة فى المقابل تراجع معدلات الإنتاج وارتفاع معدلات إفلاس الشركات والذى بلغ 350% مقارنة بالعام الماضى لافتا إلى أن البنك المركزى قد يقوم بتثبيت سعر الفائدة للمرة الثامنة عشرة على التوالى لأن رفع الفائدة على الإقراض سيعمل على رفع تكاليف الإنتاج ويقلل الأسعار.
أما د. عبد المطلب عبد الحميد الأستاذ بالاكاديمية فتوقع أن تتجاوز معدلات التضخم فى الفترة القادمة لأكثر من 11% وذلك كنتيجة طبيعية لما شهدته أسعار معظم السلع الغذائية خاصة فى هذا الشهر، حيث توقف الاستيراد تقريبا وهو ما دعا إلى قيام بعض التجار برفع أسعار ما لديهم من البضائع بسبب تهافت المواطنين إلى تخزين أكبر قدر من المواد الغذائية.
وأضاف أن ارتفاع أسعار التضخم سيؤثر بلا شك على المواطنين وخاصة محدودى الدخل وستؤدى إلى تراجع قدرتهم على تلبية احتياجاتهم وزيادة المعاناة الاقتصادية والاجتماعية مشيرا إلى أنه على المواطنين اتباع سياسة رشيدة للشراء ومقاطعة السلع التى تشهد ارتفاعا غير مبرر لأسعارها محذرا من أن استغلال التجار لهذه الأزمات ورفع الأسعار مما يخلق تضخما غير واقعى.
واتفق على أن استمرار ارتفاع الأسعار قد يزيد من حالة الركود التضخمى الذى تشهده مصر منذ شهور نتيجة عدم مواجهتها ارتفاع الأسعار بزيادة فى معدلات النمو للاقتصاد الحقيقى فضلا عن ضعف القوة الشرائية.
وقال إن الحل الأمثل لانخفاض معدلات التضخم هو الإنتاج سواء للسوق المحلى أو التصدير لأن زيادة الإنتاج تعنى انخفاض الاستيراد وسد حاجة السوق المحلى وفى حالة التصدير فإن الدولة تحصل على العملة الصعبة من الخارج وتستطيع أن توازن الميزان التجارى أى تكون الصادرات فى درجة مساوية للواردات.
التضخم النقدى
بداية يوضح د . أيمن محمد إبراهيم الخبير المصرفى أن الاقتصاد المصرى يعانى فى الفترة الراهنة من ارتفاع معدل التضخم النقدى، ويرجع أسباب ذلك إلى ارتفاع معدل السيولة النقدية فى السوق وانخفاض معدل الإنتاج وهو ما يعنى وجود فجوة بين حجم السلع المنتجة فعليًا ومعدل السيولة علاوة على زيادة الاستيراد، ويؤكد أن استمرار هذه الأوضاع من الممكن أن يؤدى إلى انهيار العملة الوطنية.
ومن ناحية أخرى ينتقد د . أيمن محمد إبرهيم الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لمواجهة التضخم النقدى وخاصة زيادة سعر الفائدة إلى ما يتجاوز 11,5 % مشيرًا إلى أنه رغم أن ذلك يؤدى إلى انخفاض حجم السيولة ومن ثم الحد من التضخم النقدى إلا أنه يعد إجراء مؤقتا وغير مجد لمواجهة التضخم النقدى بشكل جذرى، حيث إن رفع سعر الفائدة يؤدى ايضا إلى انخفاض معدل الإنتاج نظرًا لارتفاع سعر الفائدة على الاقتراض وخاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومن ثم فإن استمرار ذلك يؤدى إلى ارتفاع معدل التضخم العام ( الهيكلى)، ويضيف أنه علاوة على ذلك فإن زيادة سعر الفائدة خلال الفترة السابقة أدت إلى إحداث حالة من الارتباك فى سياسات البنوك الصغيرة نظرًا لاتجاه العديد من كبار المدخرين لسحب أموالهم من هذه البنوك وإيداعها لدى البنوك ذات الفائدة الأعلى وخاصة البنك الأهلى.
وفيما يتعلق بالإجراءات التى تنوى الحكومة اتخاذها وخاصة السعى للاقتراض من البنك الدولي، يؤكد أن ذلك يحمل العديد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد المصرى بشكل عام، حيث يؤدى إلى رفع معدل الدين العام ووضع المزيد من القيود أمام التنمية الاقتصادية الحقيقية فى مصر نظرًا لشروط البنك الدولي، وفى إطار ذلك ينتقد ايضا د.أيمن محمد إبراهيم الإجراءات التى تتخذها الحكومة لصياغة مشروع قانون يتيح الاستفادة من مشروع العلامة العشرية الذى سبق وأن قدمه، مؤكدًا أن التغيير الذى تنوى الحكومة أن تلحقه بالمشروع والذى يقضى بتحويل المبالغ التى يتم توفيرها من دمج كسور العلامة العشرية بالنسبة لجميع الفواتير وتحويلها لصالح الخزانة العامة للدولة مباشرة بدلاً من توظيفها لصالح التنمية الاقتصادية، مؤكدًا أن توظيف هذه المبالغ لصالح دفع عجلة الإنتاج وتمويل مشروعات انتاجية جديدة من شأنه أن يؤدى إلى خفض معدل التضخم العام للدولة ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
ويرجع د. أيمن محمد إبراهيم انخفاض قيمة الجنيه إلى عدة أسباب منها الأوضاع السابقة الخاصة بالتضخم النقدى، انخفاض الاحتياطى النقدى نظرًا لزيادة معدل الاستيراد وانخفاض معدل الإنتاج فى ضوء تداعيات الثورة والاحتجاجات الفئوية ، ويوضح أن انخفاض قيمة الدولار ساعد على نجاح جهود الحكومة للحفاظ على قيمة العملة الوطنية وفى المقابل فإنه من غير المتوقع نجاح جهود الحكومة للحفاظ على قيمة الجنيه فى حال حدوث أى زيادة فى سعر الدولار على القيمة الحالية.
وانطلاقًا مما سبق يؤكد أن زيادة معدل الإنتاج هى السبيل الوحيد لمواجهة التضخم والحفاظ على العملة الوطنية .
ويقول د. محمود الجندى أستاذ المالية بجامعة بنها إن هناك عدة أسباب لانخفاض سعر العملة بشكل عام لأية دولة منها انخفاض حجم الإنتاج للسلع والخدمات وانخفاض الصادرات وزيادة الاستيراد وانخفاض الاحتياطى النقدى.
وأضاف أنه بالنسبة لمصر فإن هناك عدة أسباب لانخفاض سعر الجنيه ، منها أنه بعد ثورة 25 يناير وخاصة ال 18 يومًا الأولى حتى تنحى الرئيس مبارك كان الاقتصاد المصرى فى حالة شلل تام، حيث تم إغلاق البنوك لمدة 25 يومًا والبورصة 55 يومًا، علاوة على توقف انتاج المصانع وحركة المتاجر بسبب حظر التجوال .
وأشار إلى أن انخفاض الناتج القومى الإجمالى من 1,2 تريليون جنيه سنويًا حتى 30 ديسمبر 2010 إلى 670 مليار جنيه أى ما يعادل ال 48 % أدى إلى زيادة الاعتماد على الاحتياطى النقدى للبنك المركزى وهو ما أدى إلى انخفاضه من 36 مليار جنيه إلى 28 مليار جنيه خلال سبعة أشهر .
وأوضح أن جميع العوامل السابقة علاوة على عدم زيادة الانتاج أدت إلى انخفاض سعر الصرف للجنيه المصرى ، كما أن حالة الانفلات الأمنى أدت إلى إحجام الاستثمار الأجنبى عن الدخول إلى مصر وهو ما انعكس سلبيًا أيضا على قيمة الجنيه المصرى .
الأجور والإنتاجية
ومن جانبها ترجع د. يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أسباب زيادة معدل التضخم وتقلبات الأسعار وتراجع معدلات الإنتاج إلى عدة أسباب منها وجود العديد من مظاهر الخلل على مستوى الاقتصاد المصرى ممثلاً فى الخلل الشديد بين الأجور والانتاجية الذى يزداد تفاقمًا مع زيادة المطالب والاحتجاجات الفئوية، والخلل بين الإنتاج والاستهلاك وهو ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار بمعدلات كبيرة ، مشيرة إلى أن غلق الكثير من المصانع ، وارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة للسرقات والغياب الأمنى نظرًا لتداعيات الأوضاع الراهنة يزيد من معدل وخطورة ذلك الخلل، وتؤكد أن استمرار ذلك يعمل على زيادة المكون الاستيرادى وإحداث تقلبات شديدة فى الأسعار وهو ما ينعكس سلبيًا على قيمة الجنيه.
وفى ضوء ذلك تؤكد د. يمن الحماقى أن ارتفاع الأسعار يعد أمرا متوقعا بشكل كبير خلال الفترة المقبلة وترى أن مواجهة هذه الأوضاع والحفاظ على الاقتصاد المصرى يتطلب مواجهة الممارسات الاحتكارية فى جميع المجالات وخاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية، علاوة على زيادة السعة الإنتاجية بدرجة كبيرة خاصة فى مجالات إنتاج السلع الغذائية، مؤكدة ضرورة اتخاذ خطوات جادة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها الآلية الأساسية لزيادة الانتاج والتخلص من شكوك التجربة .
الممارسات الاحتكارية
ومن جانبه يؤكد د. محسن خضيرى الخبير المصرفى أنه رغم الأوضاع الراهنة للاقتصاد المصرى إلا أن المناخ الاقتصادى العام لا يشير إلى زيادة معدلات التضخم بمعناه العام، مشيرًا إلى ضرورة مراجعة الأوضاع المختلفة للتضخم والتى تصل إلى 28 نوعا خاصة التضخم النقدى، حيث تعانى الفئات المختلفة من ارتفاع الأسعار.
ويوضح أن التضخم الهيكلى الذى يعانى منه الاقتصاد المصرى فى الفترة الراهنة والذى يعنى أن حركة الإنتاج الوطنى عاجزة عن مسايرة الطلب وسد احتياجات السوق المحلى وارتفاع أسعار السلع والخدمات، ترجع أسبابه إلى وجود أوضاع احتكارية إجرامية يقف خلفها قوى احتكارية كبرى تسعى لعرقلة الحكومة الانتقالية عن أداء دورها فى تصحيح الأوضاع الاقتصادية وتلبية المطالب الفئوية، ويؤكد أن تلك القوى الاحتكارية تعد السبب الرئيسى فى شتى مظاهر الخلل التى يعانى منها الاقتصاد المصرى وخاصة فيما يتعلق بالتضخم النقدى وتداعياته، علاوة على الاختفاء الكامل للدولة فى ضبط الأسواق وتوفير السلع والخدمات واعادة التوازن للسوق المصرية .
ويؤكد أن مواجهة هذه الأوضاع تتطلب اتخاذ خطوات إيجابية للتصدى للقوى الاحتكارية، موضحًا أن الدولة قادرة على القيام بهذا الدور، وعلاوة على ذلك يؤكد ضرورة عودة الأسعار المعلنة من جانب الدولة وإعادة فرض الضريبة السعرية .
وفى المقابل يحذر من استمرار هذه الأوضاع، ويرى أنها من الممكن أن تؤدى إلى عصيان مدنى يؤثر على جميع طوائف المجتمع بما فى ذلك القوى الاحتكارية.
السياسات الاقتصادية
وتؤكد د. ماجدة قنديل رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن زيادة الأجور دون وجود زيادة فى معدلات الإنتاج تؤدى إلى ارتفاع معدل التضخم وتعرقل حركة التنمية الاقتصادية خاصة فى ظل الاحتجاجات والمطالبات الفئوية وهو ما يعنى استمرار السياسات الخاطئة،لذا تؤكد ضرورة تعديل السياسات الاقتصادية بما يضمن تقديم التسهيلات اللازمة لدفع عجلة الإنتاج وفتح مجالات إنتاجية جديدة ودعم دور القطاع الخاص فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.