تخيلوا مظاهرة تقودها يسرا وإلهام شاهين وعزت العلايلى فى برلين مؤيدة لشرعية الرئيس السيسى، يشارك فيها بعض المصريين العاملين فى برلين، وذلك لمواجهة مظاهرة أخرى يقودها عدد من الإخوان تطعن فى شرعية الرئيس، هل تشعر بالسعادة كمصرى وأنت ترى هذا الانقسام؟! الفنان الذى سافر مرافقًا لرحلة الرئيس إلى برلين ليس أفضل حالا من الفنان الذى اعتذر، قناعاتى أن الدولة ومؤسسة الرئاسة بل والرئيس شخصيا ليسوا فى حاجة إلى مثل هذه «الافتكاسات»، الدولة لو منحت ضوءًا أخضر ستجد أن عليها فى الرحلة القادمة دعم القوة المؤيدة للرئيس بعادل إمام، فلا يمكن أن يحمل لقب زعيم قبيلة الفنانين ثم لا يقودهم فى مثل هذه المواقف المصيرية، ولديك أيضا الكينج منير والهضبة عمرو، ثم هل تتصور أن أسطورة القرن كما أطلق على نفسه تامر حسنى سيترك الأمر دون أن يوجد فى مقدمة «الكادر»؟ ولا أستبعد لو استمر الحال هكذا أن ينضم إلى المسيرة لاعبو الكرة بما لديهم من جماهيرية طاغية. من الممكن من زاوية ما أن نعتبرها بمثابة إعلان موقف مؤيد للرئيس، رغم أن الرئيس لم يطلب، وكلها مجرد مبادرات شخصية، لعب فيها المخرج خالد يوسف كعادته فى السنوات الأخيرة دور البطولة، ومؤسسة الرئاسة طبقا لما هو معمول به راجعت الأسماء ووافقت عليها. داخل هذه المجموعة هناك نجوم متحققون بالفعل، وهناك أيضا أنصاف نجوم، وبعضهم أسدل عليهم الستار وفاتهم القطار، عدد منهم يعتقد أن مجرد وجوده ضمن الوفد يمنحه رسميًّا وبختم النسر لقب «نجم»، الصفة الوحيدة المشتركة بينهم هى أنهم جميعًا خارج خريطة رمضان الدرامية 2015. علاقات الدول تحركها بالضرورة المصالح المشتركة، ولا يؤثر فيها حضور زيد أو غياب عبيد، إلا أن هذه الرحلة تحديدا أحيط بها عديد من المعادلات خارج النص. تصريحات رئيس البرلمان الألمانى غير المرحبة بزيارة السيسى أثارت غضب قطاع من المصريين رأوا أن على الرئيس أن يعتذر، فكانت رحلة الفنانين معه تعنى أنهم يؤيدون الرئيس فى تلبية الدعوة، هذه واحدة، أما الأخرى فهى أن هناك إحساسا لا يمكننى توثيقه فى رقم أو نسبة، لكن لا يزال يقع فى إطار المشاعر، يشير إلى أن شعبية الرئيس تناقصت وهو يبدأ عامه الثانى فى الحكم، لأن كثيرا من الأحلام التى ارتبطت به لم تتحقق، ووجود النجوم فى تلك الزيارة يقدم رسالة عن زيادة درجات التماهى، ولا ينقصها إلا التقاط صورة سيلفى. وجود الإعلاميين مع الرئيس وبكثرة تصل إلى حدود الإسراف هو السمة المميزة فى آخر عامين، لم يعد الأمر قاصرا على رئاسة الجمهورية مثلما كان يحدث فى الماضى، فهى التى كانت تختار وتمنح أيضًا بدل سفر وقبل ذلك تمنح «برستيجًا» أدبيًّا لمن يقع عليه الاختيار، الآن هناك تهافت إعلامى وصل إلى الذروة فى رحلته الأخيرة لأمريكا، ربما برلين تتفوق بعد أن تعددت الجهات الداعمة للسفر، وليس من بينها بالمناسبة مثلما كان يحدث حتى زمن مبارك مؤسسة الرئاسة. يجب أن نضع فى المعادلة سيكولوجية النجوم، الذين بطبعهم يبحثون عن بقعة الضوء، وهكذا سنجد بينهم من يريد الشعبطة على كتف الرئيس لالتقاط صورة معه، كانوا يذهبون مع مبارك إلى «توشكا»، وقبلها مع السادات إلى «الصالحية»، ومع جمال إلى «السد»، وهى كما ترى رحلات داخلية ومشروعات ارتبطت بأحلام وطنية، بعضها تحقق وبعضها تبدد. أتذكر قبل 30 عاما أن كل الجرائد تصدرتها صورة توفيق الحكيم، الذى كان قد تجاوز 85 عاما، وهو يمسك بالمقشة قرب منزله بحى جاردن سيتى من أجل أن يزرع فى نفوس المصريين قيمة ثقافة تنظيف الشارع. لماذا لا يكررها نجومنا، أو يذهبون مثلا إلى القرى التى تعيش الاحتقان الطائفى وكأنها تتنفسه، ليواجهوا تلك المشاعر الدموية؟ أليس هذا هو المجال المجدى لاستثمار نجوميتهم بحق وحقيقى؟!