تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج طب وجراحة الفم والأسنان بالإسكندرية بالتعاون مع «مانشستر»    ارتفاع الصادرات التونسية لمصر بنحو 6.9 % خلال ال 5 أشهر الأولى من 2024    أمين عام حزب الله: أخطر ما تواجهه إسرائيل في ساحات الاشتباك هو حمل ثقافة الشهادة    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    خسائر ب 660 مليون يوان جراء الفيضانات في مقاطعة جيانجشي الصينية    التشكيل - كروس وجندوجان يقودان ألمانيا أمام المجر.. وسوبوسلاي أساسي    ميلان يرفض عرض الهلال السعودي لضم لياو    ماتيوس: ثنائي ألمانيا يمكنه الفوز بالكرة الذهبية    إقبال كبير على مصيف بلطيم بكفر الشيخ في آخر أيام عيد الأضحى    أكلته الكلاب.. تفاصيل العثور على بقايا جثة عامل داخل بركة مياه بمدينة بدر    قبل امتحان العربي يوم السبت.. نظام ومواصفات امتحانات الثانوية العامة 2024    حسين الجسمي لجمهور الكويت: الليالي معكم ساحرة    حسن نصر الله: لا نسعى للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل    ورش وعروض فنية.. احتفالات عيد الأضحى بالحديقة الثقافية    أنغام تتألق في أضخم حفلات العيد الكويت بحضور كامل العدد (الصور الكاملة)    طريقة عمل كفتة الحاتي، مناسبة للأصدقاء في زيارات العيد    حسن الخاتمة.. وفاة صيدلي من الشرقية أثناء أداء مناسك الحج    بعد تبكيرها رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات شهر يوليو 2024    «بيت الزكاة والصدقات» ينتهي من ذبح الأضاحي مع استمرار توصيل اللحوم للمستحقين    الحوثيون: 3 غارات أمريكية بريطانية على الحديدة غرب اليمن    موراتا قبل قمة إسبانيا ضد إيطاليا: أقصونا مرتين وزوجتى لن تشجع بلدها    رنا سماحة تعبر عن سعادتها بنجاح مسرحية «العيال فهمت»    وزير المالية: نعمل على سياسات مالية تدفع القطاع الخاص لقيادة التنمية    فى اليوم العالمى ل الأنيميا المنجلية.. 4 علامات تدل على الإصابة بالمرض    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    مراكز شباب الغربية تستقبل المواطنين في مبادرة العيد أحلى    الروماني إشتفان كوفاتش حكماً لمباراة سلوفينيا وصربيا في«يورو 2024»    سرقة درع الدوري الإنجليزي.. تعرف على التفاصيل    الرئيس الإيطالي: على الاتحاد الأوروبي أن يزود نفسه بدفاع مشترك لمواجهة روسيا    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    هل يضع حزب الله جيش الاحتلال الإٍسرائيلي في اختبار صعب؟    "الصحة": تنفيذ 129 برنامجا تدريبيا ل10 آلاف من العاملين بالوزارة والهيئات التابعة    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    محافظ الجيزة: ذبح 3067 أضحية للمواطنين بالمجازر خلال عيد الأضحى    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    أكلات هامة لطلاب الثانوية العامة.. لتعزيز الذاكرة والتركيز    غياب 4 نجوم عن الأهلي أمام الزمالك وثنائي مهدد    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    المالية: إسقاط ضريبة القيمة المضافة على آلات ومعدات الصناعة المستوردة    حماية المستهلك بالبحيرة يشن حملات على المحلات والمخابز خلال إجازة عيد الأضحى    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة موسم ختان الفتيات
نشر في التحرير يوم 27 - 05 - 2015


كتب - محمد نادي الزهاوي
لعل من أكثر القضايا التي أثارت جدلاً واسعًا في صفوف المصريين، وامتدت إلى عددٍ كبيرٍ من دول العالم الإسلامي، تلك الظاهرة المعروفة بختان الفتيات، وهي عبارة عن بتر جزء من عضوهن الأنثوي، بينما يبقى السبب وراء هذه العملية مجهولاً حتى الآن، ففي الوقت الذي يدعي فيه البعض أنَّ الغرض منها ديني يلامس عفة الفتاة وكبح شهوتها، يزعم آخرون أنَّ إجراء العملية بغرض الحماية الصحية من تجمعات بكتيرية قد تنمو بهذه المنطقة.
على الرغم من أنَّ عادة الختان ظلَّت ممارستها مرتبطة، إلى حدٍ كبير، بالطبقات الفقيرة والمهمشة، فإنَّ "التحرير" رصدت عبر هذه التحقيق تورط أطباء في إجراء هذه العملية، التي كانت مقتصرة على "حلاق الصحة"، أو "الداية"، وإذا كنا نلتمس العذر للبعض لجهلهم بخطورة هذه العملية على صحة الفتاة النفسية والجسمانية، إلا أنَّ ما ذكرناه من ممارسة بعض الأطباء هذه العملية يثير الكثير من الدهشة، كونهم حملة العلم وأكثر الناس وعيًا بخطورة هذه الجريمة.
اعترافات طبيب.. يمارس الختان سرًّا
على عكس بعض الأطباء، الذين باعوا ضمائرهم المهنية، مقابل حفنة من الجنيهات، يرى الدكتور رضا إبراهيم، أستاذ أمراض النساء والتوليد بالمنيا، أنَّ عادة الختان، التي تمارس بدون تخدير، وباستخدام أدوات بدائية كالموسى، وأحيانًا السكين، هي المسؤولة في كثير من الأحيان عن إصابة الفتيات بحالة من الصدمة، كما أنَّ إزالة هذا الجزء يؤدي إلى موت مجموعة كبيرة من الأعصاب، التي تجعل المرأة تستشعر الجنس، وتثار جنسيٍّا وتتجاوب مع شريكها عند الجماع، إلى جانب الكثير من المشكلات عند الولادة، فبالنسبة للمرأة المختونة تزيد احتمالات وفاة المولود، بل وأيضًا احتمالات وفاة المرأة ذاتها عند الولادة عن المرأة غير المختونة.
ختان الإناث يؤدي أيضًا لمجموعةٍ كبيرةٍ من الأضرار العضوية والنفسية للمرأة المختونة، مما ينعكس على المحيطين بها وأولهم الزوج والأولاد، كما تتمثل أضرار ختان الإناث العضوية على الأنثى في إصابتها بالبرود الجنسي.
وأضاف الدكتور رضا، أنَّ ختان الإناث هي عادة بين الأهالي، خصوصًا سكان القرى، موضحًا أنَّ هناك بعض الأطباء ممن يمارسون تلك العمليات يخبرون والد الفتاة بأنَّها لا تحتاج عملية الختان، بسبب صغر حجم "البظر"، ومع إصرار الأهالي يضطر الأطباء إلى إزالة جزء من "البظر" نفسه، وهو ما يعد كارثة؛ لتحول تلك المنطقة التي تم قطعها إلى أنسجة وألياف، تكون عائقًا خلال العملية الجنسية أو الولادة، بالإضافة إلى تقليل الإثارة والشهوة عند المرأة، ما يجعلها غير مستمتعة بالحياة الزوجية، وتتهم الزوج آنذاك بأنه يفتقد القدرة اللازمة على المعاشرة، وقد يؤدي هذا في بعض الأحيان إلى انحراف الزوجة.
نجحت "التحرير" في أن تلتقي أحد الأطباء، الذين يجرون تلك العادة، والذي قال إنَّ عملية الختان تتوقف على نوع الجهاز التناسلي للفتاة، موضحًا أنَّه قبل إجرائه تلك العملية يجري الكشف الطبي عليها، وإذا ما وجد أن "البظر" أكبر من اللازم، بما يجعله عائقًا عند الجماع، يبتر جزءًا منه، لكنه اعترف بأنَّ معظم الفتيات يكنَّ غير محتاجات إلى عملية الختان، إلا أنَّ الآباء يصرون على إجراء عملية الختان لبناتهم، ما يشكل من ختانهن ضررًا كبيرًا، خصوصًا مع الاستعانة ب"الداية".
مصدر أمني، رفيعٌ المستوى، بمديرية أمن المنيا، طلب عدم ذكر اسمه، قال إنَّ عمليات الختان تملأ عيادات أطباء النساء والتوليد، وإنَّ أجهزة الأمن رصدت عددًا كبيرًا من تلك العيادات، ويرجع إلى اقتناع الطبيب بأنَّه يعمل على تحقيق "واجب شرع"، لكن في أغلب الأحوال يتم هذا من أجل زيادة الدخل، موضحًا أنَّ أجهزة الأمن تواجه صعوبة بالغة؛ للتصدي لهذه الجريمة.
مديرية الصحة بالمنيا أيضًا كانت قد تمكنت من مداهمة عيادات خاصة؛ لإجراء الختان خلال شهر فبراير من عام 2012 بمناطق مختلفة، ومنها ضبط ممرض اسمه "محب. ن"، وزوجته "صباح. ع"، يعملان بإدارة مغاغة الصحية، أجريا عمليات لأكثر من 12 حالة بإحدى العيادات، من بينها "وفاء. ا"، و"فاطمة. م"، وشقيقتها "شيماء"، و"رحاب. ع"، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 14514 لسنة 2012، إداري مغاغة، فضلًا عن البلاغ المقدم ضد أحد الأطباء، بمركز مغاغة، لإجرائه عمليات ختان للإناث بمركزه الطبي بالمخالفة للقانون، وبمعاينته تبيَّن وجود نحو عشرة إناث، تتراوح أعمارهن ما بين التاسعة، وال 14، كما وجد عدد من الأطفال الإناث في غرفة أخرى، وتبيَّن أيضًا أنَّ المركز غير مجهز لإجراء العمليات الجراحية، إضافة إلى عدم وجود جهاز أو طبيب تخدير، إلا أنه بعد إخطار النيابة العامة للتحقيق قررت حفظ الواقعة.
يعد ختان الإناث "بتر جزء من الأجزاء الجنسية للفتاة" عادة مصرية، بدأت قبل الميلاد تقريبًا، وتمارس إلى الآن فس الأماكن الأكثر فقرًا، أو التي ترتفع بها معدلات الأمية، ومن منطلق بعض المعتقدات الثقافية الخاطئة، ويؤدي ختان الإناث للعديد من المشكلات الصحية، سواء العضوية، أو النفسية، إلى جانب العديد من المشكلات الاجتماعية، بينما أدَّى عجز الأجهزة الحكومية المختصة في التصدي لتلك الظاهرة، وعدم محاسبة مرتكبيها، إلى أن وصل الحال إلى تنظيم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، قافلة طبية لختان الإناث في عام 2012 بقرية أبو عزيز بمركز مطاي.
وعقب ذلك أصدرت محافظة المنيا بيانًا أكدت فيه أنَّ اللواء سراج الدين الروبي، محافظ المنيا الأسبق، والدكتور نصر السيد، مساعد الوزير للطب الوقائي وتنظيم الأسرة، فوجئوا بأنَّ السفيرة ميرفت تلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، تطالبهم بالتأكد من وقف ما وصفته ب"مهزلة الدعاية للختان المجاني"، الذي لجأ إليه أحد الأحزاب السياسية بالمحافظة، في حين أكد الدكتور مدحت شكري، وكيل وزارة الصحة بمحافظة المنيا، على أنَّ مديرية الصحة علمت عن طريق الخط الساخن لحماية الطفل أنَّ هناك قوافل طبية ينظمها حزب الحرية والعدالة لختان الإناث، وبالتحري والفحص الميداني تبيَّن أنَّ هناك لافتة قماش مكتوبًا عليها "تنظيم قافلة طبية لختان الإناث بمبلغ رمزي تحت رعاية حزب الحرية والعدالة".
حمدية الصاوي، إحدى دايات قرية صفط اللبن بمركز المنيا، التي أعلنت توبتها عن ختن الفتيات منذ سنوات، قالت: "يعتبر فصل الصيف هو الموسم السنوي للختان، إذ تتعرض الفتيات لهذه الممارسة صيفًا، نظرًا إلى الإجازات الدراسية، خصوصًا مع هلال الشهر العربي، حيث روت لنا قصة فتاة هدَّدت بالانتحار كي لا تصل شفرة الداية إلى هذا الجزء من جسدها، أراها اليوم بعد أن تزوجت، وأنجبت، سعيدة في حياتها دون أن يتهمها أحد بسوء الخلق أو الانفلات، إنها مجرد أوهام في أدمغة البعض، ولا بد من مواجهتها".
داية المنيا أكدت أنَّ هناك أطباء معروفين في مراكز المنيا مطاي ومغاغة والعدوة وملوي، يجرون الختان، بتسعيرة معروفة لإجراء هذه العملية، وهي 50 جنيهًا.
ضحايا ذكريات كئيبة مع الجسد
ميدانيٍّا، حاولت "التحرير" أن تستمع إلى بعض ضحايا هذه العملية البشعة، التي تتم في حق جسد فتاة غالبًا ما تكون في عمر لا يسمح لها بفهم طبيعة ما يجرى، من بينهن نادية التي قالت: "ماقدرتش أمارس حياتي الزوجية، وهافضل طول عمري كده، وحياتي أصبحت كابوًسا، الطلاق كان هو الحل الوحيد لي لكي أقضي باقي سنوات عمري وحيدة بسبب إجراء أهلي لي عملية الختان".
هذه الكلمات لخصت مأساة الفتاة ذات ال24 عامًا، حيث أوضحت نادية أنها حاصلة على شهادة التعليم الفني "الدبلوم"، وأنَّها تزوجت فور بلوغها سن ال22 عامًا، إلا أنَّها لم تذق طعم حياتها الزوجية؛ بسبب الآثار السلبية التي أصابتها، نتيجة إجراء عملية الختان لها.
نادية هي واحدة من آلاف الفتيات اللاتي يعانين من آثار هذه الجريمة، وتعود جذور هذه الفتاة إلى قرية زهرة التابعة لمركز المنيا، وعلى الرغم من اعتراضها الشديد على هذه العملية، ومحاولة إقناع أهلها بالكف عن ختانها، فإنَّ محاولاتها لم تفلح، وفوجئت بإبلاغ والدها لها وهي في الصف الثالث الإعدادي بأنَّه سيجري ختانها، الأمر الذي جعلها في حالة استسلامٍ تام، خصوصًا أنَّ العرف في القرية أنَّه من العيب الشديد عدم إجراء تلك العملية.
وشرحت نادية ليلة ختانها قائلة: "في نحو الساعة العاشرة مساء طلب مني والدي أن أتناول وجبة العشاء، وكانت كلها عبارة عن لحوم؛ لتعويض الدماء التي ستسيل مني، وبعد تناولي تلك الوجبة طلبت مني والدتي أن أذهب إلى فراشي لأخذ قسط من الراحة، واستغرقت في النوم حتى حضرت إليّ والدتي عقب صلاة الفجر تطلب مني الاستيقاظ بعد أن حضرت الداية التي ستتولى ختاني، وبالفعل استيقظت، وبعدها حضرت الداية إلى غرفتي، وبدأت بالمزح والهزار لطمأنتي، ثم فوجئت بتكتيف حركتي على يد أربع نساء من عائلتي، مع الإمساك بذراعيّ وقدميّ، ثم رشَّت الداية البنج الموضعي على الجزء المراد بتره، وأجرت عملية الختان، وكان ذلك نقطة بداية معاناتي الشديدة، حيث جارت الداية على المنطقة وأصابت جزءًا آخرًا، الأمر الذي أدَّى إلى تعرضي لحالة نزيف حاد، وبسبب خوف والدي الشديد من الذهاب إلى أحد المستشفيات الحكومية، فإنه قد استعان بأحد أطباء القرية لإنقاذي من النزيف المستمر، إلا أنَّ ذلك ترك أثرًا سلبيًا أعاني منه حتى الآن، خصوصًا بعد أن أبلغني العديد من الأطباء أنني سأواجه صعوبة بالغة في حياتي الزوجية بسبب هذا الجرح، سواء نتيجة الاحتكاك، أو بسبب قلة رغبتي في المعاشرة، وهو ما حدث بالفعل، عندما تم عقد قراني على أحد شباب القرية، وكان ذلك في سن ال22 من عمري، وفي ليلة الزفاف، كلما اقترب مني زوجي أسترجع بالذاكرة ما تعرضت له من ختان، وأمنعه من الاقتراب منى، حتى عملت والدتي وإحدى الدايات الدخلة البلدي عليّ، بعدها بدأت معاناتي مع زوجي، بسبب عدم استمتاعي بالمعاشرة الجنسية، وإصابتي بالالتهابات نتيجة الاحتكاك، وكان مصيري الطلاق بعد أربعة أشهر من الزواج"، لتنضم بذلك نادية إلى كثير من الفتيات اللاتي تجري لهن عمليات الختان، واللائي لا يُكتفى ببتر أجسادهن فقط، بل ومعها أرواحهن.
حرب على منظمات مناهضة الختان!
توقف العديد من المشروعات التي تعمل على الحد من جريمة الختان، خصوصًا في ظل حكم التيار الإسلامي للبلاد، الأمر الذي أدَّى إلى زيادة الإقبال على ممارسة هذه العادة.
ماجدة نجيب، مديرة مشروع مناهضة ختان الإناث بمؤسسة الحياة الأفضل بالمنيا، قالت إنَّ الساعات الأولى من الصباح، والمتأخرة من الليل، هي توقيت إجراء هذه العادة بعيدًا عن أعين الأمن ومديريات الصحة.
وأوضحت نجيب أنَّ ما رصدته المؤسسة عقب الثورة من إجراء لمثل هذه العمليات حتى الآن يفوق بمراحل ما تم رصده قبل ثورة 25 يناير بعشر سنوات، فنجد العشرات من الحالات في القرية الواحدة خلال فصل الصيف تحديدًا، مستغلين إجازة نهاية العام الدراسي لإجراء هذه العملية، مقابل الحصول على مبالغ تتراوح ما بين 30 و50 جنيهًا، حسب سن الفتاة.
وتشير مديرة المشروع إلى المعاناة التي واجهتها منظمات المجتمع المدني في هذه المناطق، بسبب رفض التيارات الدينية إبان حكم الإخوان، والتشجيع على استمرارها باعتبارها واجبًا شرعيًا، مؤكدةً توقف كل المشروعات التي تعمل في هذا المجال في المنيا لهذه الأسباب، رغم انتشار الظاهرة بشكل ملحوظ في أغلب القرى، ما دفع المؤسسة إلى تنظيم مسيرة للفتيات كانت خلال شهر ديسمبر لسنة 2012 لرفض الظاهرة بقرى الدوادية، وسوادة، وفرج الله.
خروج عن الشريعة
الختان لا يجب على الأنثى، وتركه لا يستوجب الإثم، ولم يأت في كتاب الله ولا سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ما يثبت أنَّه أمر لازم، وكل ما جاء عن الرسول في ذلك الأمر ضعيف لم يصح منه شيء، ولا يصح الاعتماد عليه، مستشهدًا بقول "ابن المنذر"، وهو من كبار العلماء في الفقه والحديث، عندما قال: "ليس في الختان خبر يرجع إليه، ولا سنة تتبع، الواجب لا يكون واجبًا إلا إذا كانت هناك آية قرآنية توجبه، أو حديث صح سنده، ومصدره، أو إجماع من الأئمة، وهذا الأمر لم يرد فيه آية ولا حديث صحيح، ولم يجمع عليه العلماء، وفي الشريعة الإسلامية لا يمكن الاعتماد على حكم إلا إذا كان هناك دليل، والدليل منعدم في هذه الحالة، فإذا لم يحدث الختان بالنسبة للبنت فهذا لا يُعتبر خروجًا على الشريعة، ولا مخالفة لدين الله".
الشيخ أنور، أحد علماء الأزهر، أوضح أنَّ مسألة الختان سنة واجبة بالنسبة للذكور لوجود النصوص الصحيحة، التي تحث على ذلك، أمَّا بالنسبة للإناث فلا يوجد نص شرعي صحيح يحتج به على ختانهن، والذي يراه أنَّه عادة انتشرت في مصر من جيل إلى آخر، وتوشك أن تنقرض وتزول بين كل الطبقات، لا سيما طبقة المثقفين، ولا يوجد نص شرعي صحيح يدعو إليها، بينما هي عملية قديمة عرفها كثير من الناس منذ فجر التاريخ، واستمروا عليها حتى جاء الإسلام، غير أننا لا نعرف بالتحديد أكان مصدرها لديهم التفكير البشري وهداية الفطرة في إزالة الزوائد التي لا خير في بقائها، أو التي قد يكون في بقائها شيء من الأذى والقذر، أم كان مصدرها تعليمًا دينيًا ظهر على لسان نبي أو رسول في حقب التاريخ الماضية.
وتابع: "القرآن الكريم يخلو من أي نص يتضمن إشارة من قريب أو من بعيد عن ختان الإناث وليس هناك إجماع على حكم شرعي فيه، والأحاديث المنسوبة إلى النبى بآراء بعض العلماء القدامى والمعاصرين، وأهل الاختصاص في هذا المجال، انتهوا إلى أنَّ هذه المرويات ليس فيها دليل واحد صحيح السند، وأنَّ حديث الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء ضعيف ومنقطع ويدور على رواية راوٍ لا يحتج بروايته، وهو الحجاج بن أرطأة، كما أكد ذلك الحافظ بن حجر العسقلاني، والإمام البيهقي، وابن عبد البر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.