رئيس مجلس الشيوخ يهنئ السيسي بذكرى تحرير سيناء    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    الثلاثاء 23 أبريل 2024.. الدولار يتراجع 5 قروش أمام الجنيه ببعض البنوك    مجلس النواب يبدأ مناقشة المواد المستحدثة بمشروع قانون التأمين الموحد    القومي لتنظيم الاتصالات يصدر تعليمات بخصوص أوقات العمل الصيفية لمنافذ بيع مقدمي خدمات الاتصالات    النواب يوافق على استضافة مصر لمركز التغيرات المناخية التابع للاتحاد الإفريقي    وزير الخارجية: نحذر من مخاطر اجتياح رفح الفلسطينية عسكريًا    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    نائب: مرور 200 يوم على حرب غزة دليل على ازدواجية المجتمع الدولي    الزمالك يكشف موقف عمر جابر من لقاء العودة أمام بالكونفدرالية    العين الإماراتي يسعى لكسر عقدة عمرها 18 عاما أمام الهلال السعودي    خلال 24 ساعة، تحرير 17429 مخالفة مرورية متنوعة أعلى الطرق السريعة    حصيلة 24 ساعة.. رادارات المرور تضبط 10 ألاف مخالفة لتجاوز السرعة المقررة    فى لفتة إنسانية.. الحماية المدنية بالإسكندرية تنقل مُسنا مريضا إلى المستشفى    مكتبة الإسكندرية تشهد فعالية "مصر حكاية الإنسان والمكان"    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    "جولدمان ساكس" الأمريكي يتوقع خفض الفائدة في مصر 200 نقطة الشهر المقبل    وزير الرياضة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان المرحلة الأولى لتطوير استاد العريش (صور)    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    كولر يشرح خطة مواجهة مازيمبي الحاسمة في محاضرة فنية    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    البورصة تستهل جلسة اليوم الثلاثاء 22 أبريل بتراجع جماعي لكافة المؤشرات    انطلاق النسخة الثالثة للمؤتمر الدولي لاستشاري المياه    تفاصيل اجتماع «حجازي» مع لجنة قيادات الوزارة لتحقيق ضمان الجودة التعليمية    سقوط المتهم بالنصب على الطلاب في دورات تعليمية بسوهاج    سلاح ومخدرات.. الداخلية تداهم أوكار المجرمين بالمحافظات    التعليم: عقد امتحانات طلاب الدمج بالأول والثاني الثانوي ورقيًا    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    بالصور.. تسريب مياه داخل إحدى السفن بغاطس البحر المتوسط في بورسعيد    محمد سامي ومي عمر بمسلسل جديد في رمضان 2025| تفاصيل    «مفاجآت مالية».. توقعات برج الدلو في الأسبوع الأخير من أبريل 2024    916 ألف جنيه إيرادات فيلم شقو في السينمات خلال 24 ساعة    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    مجلس النواب يستمع إلي البيان المالي للحكومة لموازنة 2024-2025    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    البطولة العربية العسكرية للفروسية، تعرف على مدينة مصر للألعاب الأولمبية بالعاصمة الجديدة    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اليوم السابع" يقتحم العالم السرى ل"الدايات".. سارقات الأرواح والمتعة ب"الموس والمقص".."أم أميرة": "أيوه بنختن ومفيش حد بيموت ناقص عمر".."أم جميلة": "بنستخدم الموس ولما بيصدى بنجيب غيره"

مواطنون ظنوا أنها تحفظ لهم بناتهم، وحسبوا أنها تطبيق للشريعة الإسلامية، وتتم وفقا للكتاب والسنة، وأطباء باعوا ضميرهم، ورغم الأحكام القضائية والقوانين التى تمنع إجراءها، فإنهم فى سبيل الحصول على المال لا ضرر لو تكلف الأمر روح فتاة ما زالت فى عمر الزهور، و«دايات» وممرضات يحترفن إمساك ال«موس»، ويتفنن فى بتر أجزاء خلقها الله فى جسد الأنثى، ليدخلن المعترك، ليشكلوا بذلك منظومة تظافرت لقهر الأنثى فى مجتمعنا، ويكون بذلك الجميع متهمين فى جريمة بحق الفتيات، وهى ممارسة «عادة الختان»، نكشف فى هذا التحقيق أسرارا خطيرة تمثل كارثة فى حق الإنسانية تجرى على يد الدايات.
الختان أو «الطهارة» كما يطلق عليها عامة الشعب عادة فرضها المجتمع، وألصقها بالأنثى ليغض الطرف عن الأسباب الحقيقية لوقوع البعض فى الحرام.. ورغم تراجع الظاهرة فى أوقات سابقة، فإن ختان الإناث ما زال يتوغل فى محافظات وقرى مصر، ليحصد أرواح البنات، وكأن هناك من أراد أن يؤدبهن بشكل عصرى.
وتحيى الدولة يوم 14 يونيو ك«يوم وطنى للقضاء على هذه العادة» من كل عام، تكريما للضحايا اللاتى حرمن من الحياة بدعوى الخوف عليهن، وتأديبهن، ومنهن الطفلة بدور شاكر صاحبة الإثنى عشر عاماً من المنيا، والتى راحت ضحية هذه العادة غير الإنسانية.
مصر الأولى عالمياً فى ممارسة الختان
تعتبر مصر أكثر دولة فى العالم فى ممارسة هذه العادة السيئة، حيث بلغت نسبة اللواتى تعرضن لها نحو 91% من المصريات، حسب التقرير النهائى للمسح الصحى السكانى الصادر عن وزارة الصحة والسكان، والذى صدر خلال هذا الشهر.
الكارثة أيضا كشفها نفس التقرير، حيث كشف أن نسبة 76% من العمليات تجرى عن طريق أطباء، و28% عن طريق دايات وممرضين.
وأكدت الإحصائيات أن 86% من المشاكل الأسرية التى تؤدى إلى الطلاق نتيجة ختان الأنثى، والتى تخلق حالة من البرودة للمعاشرة الزوجية مع الزوج ويصل الأمر فى النهاية إلى الطلاق.
فى المناطق الشعبية.. الكلمة الأولى والأخيرة ل«موس الدايات»
فى الرحلة الاستقصائية ل«اليوم السابع»، وأثناء تقصينا لتلك الظاهرة، لم نجد صعوبة تذكر فى الوصول للأطباء والممرضات والدايات الذين يقومون بتلك العملية فى المناطق الشعبية والقرى والنجوع، فأسماؤهم معروفة وأماكنهم يعلمها الجميع.
وتقوم الدايات فى هذه المناطق بقطع أجزاء من الأعضاء التناسلية للفتيات بواسطة أدوات طبية، بأمواس تتراوح أسعارها ما بين ال50 قرشا حتى 10 جنيهات، ويقوم آخرون بتلك الجريمة عبر أدوات جراحية مهربة من قبل الممرضين بالمستشفيات العامة والخاصة.
وأثناء بحثنا عن أماكن الدايات، استطعنا إجراء إحصائية تقريبية لعددهن فى المناطق الشعبية بالقاهرة والجيزة، ويصل عددهن ل7 دايات فى بولاق الدكرور والتى تأتى فى المرتبة الأولى، وإمبابة فى المركز الثانى ب 5 دايات، وبولاق أبو العلا فى المركز الثالث ب 4 دايات، وتتساوى معها فى المرتبة شبرا والمطرية فى المركز الأخير بدايتين.
وفى قرى الجيزة «الصف - العياط -البدرشين -ناهيا -الحوامدية» يقوم بالجريمة داية واحدة، وأحيانا اثنتان، مازالتا تمارسان عملهما، وسط تستر الأهالى عليهما.
وتتقاضى الداية مبالغ نظير عملها، تتراوح من 100 إلى 250 جنيها، بخلاف أجر البنج والأدوات الطبية، ويتعامل بعض الدايات مع الصيادلة كمندوبين لجلب زبائن لهم، لتوسيع نشاطهن، لتشمل المناطق الراقية فى 6 أكتوبر والدقى ومدينة نصر.
طوابير وقوائم انتظار «عشان البت متكسرش ضهر أبوها» أمام منزل «أم أميرة» فى إمبابة
«انتوا خايفين ليه ما إحنا بنطاهر من يوم جدتى وجدتك عمركم شوفتوا حد مات فيهم بسبب حاجة زى كدا.. وعدم ختان البنت بيجبرها عالهرش، والتفكير فى الأشياء السيئة، ومفيش أحسن من عفة البت علشان متكسرش ضهر أبوها، وأدواتنا بتبقى زى أدوات الدكاترة عبارة عن مشارط وأمواس طبية، وبنشتريها عن طريق الممرضين فى المستشفيات العامة والخاصة»، هكذا تتحدث «أم أميرة» التى تبلغ 65 عاما، وتقوم بهذه العمليات منذ 50 عاما، فى محاولة منها لتطمين الفتيات.
«اليوم السابع» التقت الداية المعروفة من جميع سكان المنطقة، والتى يتوافد عليها المئات للقيام بهذه العمليات لفتياتهن، وعند سؤالها عن طريقة عملها، تقول «زمان كانوا بيعملوها من غير بنج ولا أى حاجة ومكنش بيحصل أى مشكلة، رغم حمام الدم اللى بينزل من البنت الصغيرة، ولكن دلوقتى الدنيا اتطورت وبقينا بنعملها زى ما النبى وصى ومبينزلش ولا نقطة دم منها».
وتصف «أم أميرة» محاولات مواجهة هذه الظاهرة، بالحرب السياسية، «مش عارفين يلهونا إزاى فبيعملوا كدا رغم إن مصر كلها مطهرة».
وتكشف «الداية المسنة» أن العديد من أبناء الجاليات الأفريقية بمصر، يأتون إليها لإجراء «الطهور»، قائلة: «باخد على الحالة 250 جنيها وبيجيلى ناس كتير من بتوع دول أفريقيا مخصوص بيطهروا عيالهم وبيدفعوا بالدولار، وبسعر مخصوص نظير الطقوس اللى بنعملها من حفله وحنة وبخور، ويرجعوا بلدهم تانى، ولسه عمله دا لبنت سودانية عندها أربعة شهور».
وعن طريقة جذب الزبائن تقول «أم أميرة» إنها تتعامل مع بعض الصيدليات التى تأتى إليها بهم من مناطق مختلفة، أما عن الأجانب فهم يأتون لنا عبر بوابين العمارات بكل من مناطق 6 أكتوبر والدقى ومدينة نصر».
وتؤكد «أم أميرة» أنها تجرى عملية تجميل لمنطقة القطع، بعد إجراء عمليات الطهور مباشرة، لتحسين مظهرها، قائلة: «إحنا بنجمل مكان الختان».
«أم جميلة» داية «بولاق أبو العلا»: «الموس» على حسب ظروف البنت.. الغلبانة ب «نص جنيه» والغنية بعشرة ومبشتغلش بمقص.
«أنا شغالة بموس مش بمقص، وكان عندى موس كنت جيباه من السعودية بعدين كان هيصدى، فلغيته، وجبت الموس اللى فى السوق، وسعره ما بين 50 قرشا لغاية 10 جنيهات، حسب ظروف أهل البنت لو غلابة بنكتفى ب موس اللى 50 قرش ولو معاهم بنشترى الغالى اللى ب10 جنيه»، هذا رد «أم جميلة» على من يتهمها بعدم نظافة «العدة» التى تعمل بها.
أم جميلة الداية الشهيرة بمنطقة بولاق أبو العلا، والتى تعمل فى الختان، بعدما حصلت على تدريب منذ سنوات بأحد المستشفيات، حسب ما تقول، أكدت أنها تحترس عند ممارسة المهنة، خوفا من القبض عليها، «أهم حاجة محدش يقول لحد لأن الأيام دى بيعاقبوا اللى بيعمل كدا، لأنهم مقرطين عليها شويتين».
وتوضح الداية أنها تتقاضى على الفتاة مبلغ 100 جنيه على حالة الطهور الواحدة.
«أم خالد»: الستات بيجولى أطاهرهم بعد الجواز عشان بيبيقوا «هايجيين زيادة» وأزواجهم بتطلقهم
تدافع «أم خالد» عن قيامها بعمليات الختان، قائلة: «الرسول عليه السلام وصى بالطهور عشان العفة والأدب والاحترام والخوف من الفتن اللى فى الدنيا».
وتستشهد «أم خالد» بحكاية عن واحدة جوزها طلقها، وقالها أنا حاسس إنى بنام مع واحد راجل، مدعية «إن عدم الطهور بيخلى الاحتياج الجنسى عالى عند الست، وبيزود الرغبة وبيعمل هياج للأعصاب، والرجالة مفيهاش حيل كفاية عليهم تعب لقمة العيش».
وتضيف الداية: «أنا بيجيلى ناس كتير متزوجين وعزاب على الصيط والسمعة، وبيختنوا عندى البنات، واللى خايف على نفسه وعرضه ودينه بيطهر بناته دايما، وإحنا بناخد جزء صغير مش كبير علشان «لا نشوه ولا نصيب البنت بالبرود».
«أم حسين»: ختنت بنتى هتبقى محترمة قدام جوزها.. والموت بيجى لما الأجل يخلص تقول «أم حسين» داية المطرية المعتمدة عند أهالى المنطقة لختان الفتيات: «الناس بتدور علينا لأن دلوقتى معظم الدكاترة بتاخد فلوس كتير، والناس غلابة مش لاقية تاكل عشان تدفع 300 جنيه غير البنج والأدوات اللى بيستخدموها فى الختان والمواصلات والفضايح لما البنت تروح وتجى وسط الناس، وهى متشالة ومتختنة، عشان كدا بيفضلوا الممرضات والدايات، لأنهم بيروحوا لغاية البيت، ومحدش بيحس، خصوصا وأن الدنيا دلوقتى قايمة على الطهارة».
وتدافع داية المطرية عن العادة: «من يوم ما اتولدنا بنختن بناتنا، أنا ختنت بنتى بنفسى لأنى خايفة عليها من الغلط، والعفة كويسه على الأقل، هتبقى محترمة قدام جوزها عشان ميخفش على اسمه منها».
وتوضح الداية تكاليف إجراء العملية، «بنشترى البنج والأدوات اللى بنختن بيها من المستشفيات عن طريق الممرضين واللى بيدفع ثمن الحاجات دى أهل البنت اللى هتتختن وبناخد فلوس على قد ظروف الأب، وبيدأ من 150 ل250، وعلى حسب لو هما اللى هيمسوكوها البنت عشان متتعورش، لما ترفص برجلها، أو هنأجر واحدة تمسك البنت وتاخد 30 جنيه ولكن أنا بفضل إن الأم هى اللى تمسك عشان بنتها متأثرش نفسيا من اللى بيحصل وتطمن، والختان مش بيموت لأن الموت دا بيجى لما الأجل يخلص».
الختان فى العيادات الخاصة «سرى» خوفًا من القانون والرقابة
فى سبيلنا لإحدى العيادات الخاصة، لسؤال على عمليات الختان، بمنطقة بولاق الدكرور، تحدثت لنا الممرضة، بحذر شديد، فى محاولة منها للتأكيد على سهولة العملية: «متقلقوش دى مش أول مرة الدكتورة «تعملها».
وبسؤالها عن طريقة إجراء الختان، أوضحت الممرضة، وهى متوهمة إننا إحدى الحالات: «مفيش أى مشكلة الحالة بتاخد بنج كلى وبتقوم بعدها بفترة قصيرة»، مؤكدة أن «الدكتورة مبتطلعش تعمل حاجة بره والعملية بتتعمل كاملة داخل غرفة العمليات الخاصة بالمستشفى، عشان القانون بيمنع والرقابة كذلك».
امرأة من كل 10 يلجأن لمحكمة الأسرة بسبب «الختان»!!
لكشف حجم الجرائم التى ترتكب بسبب الختان، كان لزامًا على «اليوم السابع» أن تلجأ لخزائن محاكم الأسرة، لتكشف حجم الكارثة، حيث تؤكد الإحصائيات الصادرة عنها، أن سيدة واحدة من بين كل 10 نساء يلجأن إليها بسبب هذه العادة، وغضب ومعاقبة زوجها لها دون أى ذنب اقترفته.
وتبلغ حالات الطلاق والخلع لعام 2014 بسبب تأثير هذه العادة على حياة بعض الأزواجن حسب الإحصائيات، 14 ألف حالة خلع وطلاق ونشوز على مستوى الجمهورية، فيما ما زالت تنظر 6 آلاف دعوى أمام نفس المحاكم خلال عام 2015.
سيدات أمام محكمة الأسرة: منهم لله أهلينا حرمونا من المتعة
استمعت «اليوم السابع» لبعض هذه الحالات للتعرف على مشاكلهن، فى البداية تقول «عفاف. م» (31 سنة) عن دعوى الخلع التى أقامتها ضد زوجها بمحكمة الأسرة بزنانيرى «إن السبب الرئيسى فى دمار حياتها الزوجية هو تعرضها لهذه التجربة الأليمة منذ الطفولة، والتى ما زالت تعانى من آثارها أثناء علاقتها بزوجها».
فيما دخلت جيلان فى مشاجرة وحالة من الصياح مع زوجها بمحكمة الأسرة، بعدما أقام ضدها دعوى نشوز، صارخة: «لا ذنب لى واصبر عليا»، وبسؤال زوجها عن سبب الشجار: «بتعاقبنى وتضايقنى حتى أطلقها ولكنى لن أفعل لها ما تريد بعد ما اكتشفت أنها خدعتنى، فأنا عندما سألتها قبل الزواج.. هل أجريت عملية الختان؟ أنكرت وقالت لا.. واكتشفت بعد الزواج أنها أجرت الختان وبسبب ذلك حرمتنى من المتعة، باعتبار أنها تعانى من البرود الجنسى، ورغم صبرى عليها مع قلة موافقتها على إقامة العلاقة الزوجية، تمادت وقررت فى الفترة الأخيرة حرمانى بشكل كامل من حقى، بل وجعلتنى أنام فى غرفة بمفردى».
وتوضح الزوجة ل «اليوم السابع»: أنها امتنعت عن زوجها بسبب الخوف، وهو لم يقدّر ذلك، ولجأ للمحكمة ليذلنى أمام الجميع، وتعرضت بسببه لأسئلة محرجة.
شيرين صاحبة ال33 عاما، وقفت أمام محكمة الأسرة بروض الفرج، تبكى من مشاكلها الزوجية التى لا تنتهى، ما زالت تتذكر حكايتها الحزينة مع الختان: «أهلى زى كل البنات اللى فى عائلتى أجبرونى على الختان، وكان موقف صعب بفتكره لغاية دلوقتى، والممرضة جايه وأبويا وأخويا بيمسكونى وبيحاولوا يقلعونى هدومى وأنا مكسوفة لأنى مكنتش صغيرة وكان عمرى 13 سنة».
تكمل «شيرين» سرد مأساتها: «تقدم لخطبتى صاحب أخويا، ووافقت عليه عشان الاستقرار، وكمان أنا مكنتش بحب حد، لأن التربية المقفولة اللى أهلى ربونى عليها تمنعى من كدا، وتزوجت، ويوم الدخلة مر عليا بصعوبة، بصراحة معرفتش أتجاوب مع جوزى، وكل مرة كدا كان بيقولى يا باردة، وكان بيجرحنى.
تضيف «شيرين»: «تحولت حياتى مع جوزى لجحيم كل يوم خناقات وعذاب كان بيسبنى، ويقعد بره فى الصالة يتفرج على أفلام سكس، ويعمل العادة السرية قدامى، ويقولى إن دا أرحم من النوم معاكى.
وبالنسبة للطرف الآخر، يعرض «جمال. م» المقام ضده دعوى خلع أزمته التى يتعرض لها مع زوجته: «أنه لا يجد الراحة معها، فهى لا تهتم بإعطائى حقى الشرعى، وعندما أطلبه منها تغضب، مما جعلها تقيم هذه الدعوى ضدى رغم أننى تحملتها كثيرا».
ويتحدث «جلال. م» المقام ضده دعوى نفقة بعد أن طلق زوجته: «عشت 8 سنين معها فى منزل واحد، لم أشعر يوما أننى متزوج فهى تنفر من العلاقة الجسدية، وعندما أطلب منها، تعطى لى حقوقى دون أى شعور، حتى أصبحت حياتى وحياتها جحيما، وكل ذلك بسبب البرود الذى يصيبها، والذى حاولنا علاجه، ولكن فشلنا.
سياحة الختان فى مصر والدفع بالدولار
ينتشر الختان فى دول أفريقيا، ولكن بعض مواطنى تلك الدول يفضل استغلال فرصة تواجده فى المواسم السياحية، ويلجأ للبحث عن بعض الطقوس التى توافرها الدايات لهم للقيام بذلك الإجراء.
ويقوم السياح وأبناء الجاليات الأفارقة المقيمين فى مصر، حسب ما ذكرت بعض الدايات، بتكليف البوابين بمناطق سكنهم بالبحث لهم عن امرأة ذى خبرة، تقوم بختان بناتهن، ويدفعن بالدولار ثمن مستلزمات العملية وما يتبعها من احتفالات وأجواء وطقوس وبخور وحنة خاصة بهم، وتأتى السودان على رأس القائمة، تليها الصومال وإثيوبيا ونيجيريا وبوركينا فاسو وتنزانيا وغينيا، ومن أشهر المناطق التى يتمركز فيها هؤلاء السياح الدقى و6 أكتوبر ومدينة نصر ومصر الجديدة.
أطباء: الختان يحرم المرأة من أشد مناطق الإثارة الحسية.. ويعرضها للموت والعقم والإصابة بالإيدز وآلام عند الجماع
من جانبها توضح د. سارة كرم، أخصائية العلاقات الزوجية، فى تعليق على ختان المرأة وأثره على العلاقة الزوجية، أن الختان الفرعونى المعروف قديما كان يستأصل به الخاتن العضو التناسلى الظاهر كاملا، أما الختان المعروف حاليا، فيستأصل البظر فقط، وهذا الختان يقضى على أهم أعضاء الإثارة الحسية لدى المرأة، وأهم وسائل متعتها واكتمال لذتها فى الوقت ذاته، وهو أشد المواطن حساسية لدى غالبية النساء.
وتضيف سارة كرم: من المعروف أن كثيرا من ظاهرة «البرود الجنسى» لدى المرأة الشرقية، يرجع إلى استئصال «البظر»، وهذا يؤخر وصول المرأة كثيرا للرعشة الجنسية أثناء الجماع، وهو ما يسببه الجهل والعادات والتقاليد الزائفة.
فيما يؤكد الدكتور خالد بكر، أخصائى علم النفس أن الأضرار النفسية بسبب الختان تنقسم إلى «ضعف التفاعل الجنسى بين الزوجين والإحباط والاكتئاب»، وذلك ينتج من وصول الرجل للإشباع الجنسى دون المرأة مما يؤدى إلى إحباط المرأة وإحباط الرجل أيضا لشعوره بعدم قدرته على إشباع رغبات زوجته، وقد يصل إلى حد ضعف الانتصاب واللجوء إلى تعاطى المخدرات.
ويعلق الدكتور «أحمد البهنسى» أخصائى أمراض نساء وتوليد: أن الأضرار الجسدية والصدمة العصبية تحدث لسببين، أولها النزف نتيجة احتواء هذه الأنسجة على الكثير من الأوعية الدموية، والسبب الثانى الألم نتيجة احتواء هذه الأنسجة على الكثير من الالتهابات العصبية.
الإسلام والمسيحية فى رد على من مدعى الدين المتغلغلين بأفكارهم فى المناطق البسيطة ويفتين بوجوب الختان
السبب الأكبر فى انتشار ظاهرة الختان، هو الفتاوى والآراء التى يطلقها المتشددون بأن الختان «واجب فى الدين»، وهو ما ينتشر بين المواطنين البسطاء الذين يقعون تحت سلطة الخوف من مخالفة نصوص دينية سواء إسلامية ومسيحية، وهو ما يرد عليه الشيخ «منصور عبدالرحيم» والذى أوضح أن الخلاف بين الفقهاء فى قضية ختان الإناث قديم، واشتد الخلاف ولكن الأمر حسم فى مصر لصالح الرافضين من الأطباء، حيث أقنعوا فريقًا كبيرًا من الفقهاء بعدم جدواه من ناحية، بل وبآثاره السلبية من ناحية أخرى، وعدوه اعتداء على جسد المرأة وانتهاكًا واضحًا لأنوثتها.
ويوضح الشيخ منصور أنه خرجت فتوى رسمية من الأزهر بالتحريم، وصدرت القرارات الوزارية بالتجريم، حيث ثبت أن غالب الإناث لا يحتجن إليه بأصل الخلقة، والأحكام تكون على الغالب.
ويضاف «عبدالرحيم» أنه فى حال حاجة الفتاة إلى الختان بإقرار الطبيب الثقة، فلابد من مراعاة عدم الاعتداء فى القطع، بل يكون بقدر إزالة الشىء الزائد عن الطبيعى والمألوف.
ويتابع: أنه عند النظر إلى الأدلة من القرآن والسنة والإجماع والقياس، لم نجد فيها دليلا على وجوب ختان الإناث ولا على استحبابه، كما أننا لم نجد فيها دليلا على تحريمه أو كراهيته، فهم يقولون: إنه واجب أو مستحب أو مكرمة، وهذا دليل على أنهم متفقون على الجواز، فإذا ثبت بالتطبيق أن فى استعمال المباح ضررا على الناس أو أكثرهم وجب منعه، بناء على قاعدة: «لا ضرر ولا ضرار».
نفس الرأى كان للكنيسة، حيث أكدت أن تلك العادة مجرد رمز، وليس وسيلة للخلاص، وبرهان ذلك أن النساء لا تختن، ورغم عدم ختانهن، يمكنهن ممارسة الفضائل وأن تكن صالحات، فليس الختان الذى يميز الإنسان، بل التقوى والصلاح.
حقوقيات: المصريون لا يفكرن إلا فى النصف السفلى للمرأة!!
تعتمد منظمات المجتمع المدنى فى محاربتها تلك الظاهرة على حملات التوعية، وبالفعل تضامنت 11 محافظة مع مبادرة أطلقها الاتحاد النوعى لمناهضة الممارسات الضارة بالمرأة والطفل.
ومن جهتها تقول «كريمة. صبرى» ناشطة حقوقية إن الختان دليل قاطع على أننا فى مجتمع ذكورى يفكر فى نصفه الأسفل فقط، فليس من حق أى إنسان فى الدنيا أن يحرم أنثى من حقها فى الحياة، والشعور الذى أحله الله لها تحت إطار شرعى، دون أى مخالفة للدين أو الأخلاق، لذا نطلب من كل عاقل تحكيم ضميره والبعد عن تلك العادة المستوطنة فى قرى مصر وأحيائها، وندعو للرفق بالفتيات اللائى لا ذنب لهن فى الحياة سوى أنهن خلقن أنثى.
«اليوم السابع» تتذكر ضحايا الختان.. «بدرو وسهير ودينا» فقدن حياتهن.. والكثيرات ينتظرن
بالعودة ل7 سنوات ماضية، نتذكر الطفلة «بدور» وهى تخطو آخر خطواتها مع والدتها وخالتها وإحدى الجارات تجاه العيادة لانتظار دورها فى إجراء العملية. ولم يسعفها الوقت كثيرا، فما هى إلا دقائق بعد حصولها على المخدر وبدأ جسم الطفلة ينتفض ويفارق الحياة. وفقًا لتقرير الطبيب الشرعى الذى أوضح أن جرعة المخدر كانت أكبر من أن يتحمله جسد الطفلة الهزيل ما أدى إلى الوفاة.
لتأتى الضحية التالية.. وهى «سهير الباتع» 13 سنة، ابنة الدقهلية التى توفيت إثر إخضاعها لعملية ختان على يد طبيب فى يونيو الماضى، وقالت والدتها إنه فى يوم 5 يونيو العام الماضى توجهت إلى الدكتور فى عيادته الخاصة، لأنه طبيب مشهور ومعروف، لكى أستشيره فيما إذا كانت سهير تحتاج لعملية ختان أما لا، وبعد أن قام الطبيب بتوقيع الكشف عليها أكد أنها تحتاج إلى عملية، وقرر إجراء العملية فى اليوم التالى الموافق 6 يونيو وكتب بعض الأدوية على روشتة مدون عليها تاريخ الكشف، وبالفعل ذهبت أنا وسهير فى الموعد المحدد.
وتتابع: «عندما جاء الدور عليها فى العملية دخلت وبعد نصف ساعة خرجت مع خمسة آخرين، أجريت لهم نفس العملية، وبدأت جميع الحالات فى الإفاقة والانتباه، إلا أن سهير تأخرت فقمت باستدعاء الدكتور فقام بالكشف عليه، وبعد 10 دقائق فوجئنا بقيامه باستدعاء عدد من الأطباء زملائه وظهر عليه حالة من التوتر، وبعد أن دخلوا غرفة الكشف فوجئت بوصول سيارة إسعاف للعيادة، ويحملون سهير للتوجه إلى مستشفى أجا المركزى، وعلى الفور ذهبت إلى هناك وحاول الأطباء إسعافها وإنقاذها، ولكن إرادة الله قد نفذت.
واستطردت الأم فى الحديث: أنا ذهبت لطبيب وليس لحلاق صحة أو هواة، وهو من المعروفين بالقرى بقيامهم بهذه العملية، وهو من قرر أن بنتى تحتاج لعملية فأنا لو أعلم أن هذا سوف يعرضها للخطر ما كنت ذهبت للعيادة قط.
وأكدت والدة سهير أنها لن تقوم بإجراء العملية مرة أخرى لشقيقة سهير الصغرى «منة».
لتأتى بعد ذلك، الطفلة «دينا» لتأخذ رقما فى القائمة الطويلة للجهل والتخلف، وتقول والداتها «رشا»: «بدأت دينا فى النضوج وظهرت عليها علامات الجمال، فكان عقابها أن أصرت حماتى وزوجى وطلبا منى إجراء عملية الختان لها خوفا عليها من الوقوع فى الخطيئة، ابنتى كانت تشعر أنها سوف تموت، فقالت لى الليلة السابقة للعملية «ماما أنا مش عايزة أموت.. ضحكت ليها وقولتها حبيبتى دى حاجة بسيطة متخافيش.. ردت لا أنا هموت وأنا نفسى أكبر وأبقى دكتورة.. هو انتوا مش بتحبونى ليه.. هو أنا زعلتكم فى حاجة.. بابا ليه دائما بيعمل معايا كدا.. أنا مش عايزه أعمل العملية».
وتضيف: «جاءت الممرضة وكنت أسمع صوت دقات قلب ابنتى من التى يعلو وجهها صفرة الموت ونزفت حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وأدنها خوفا من العار، وخرجت روحها تاركة لنا جسدا ضعيفا عندما تنظر إليه ترى كيف هى الحياة بدون الفرحة والبراءة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.