انشغل المصريون بملف سد النهضة ومخاطر نقص حصة مصر من المياه، وأهلمنا محاولة طرق بابًا مهمًا، وهو الحفاظ على المياه المتاحة لنا من خطر التلوث، خاصة وقد كثرت ملوثات البيئة، وتكاتفت لتلويث بيئة نهر النيل، وكأنها كانت قد خططت مسبقًا للإيذاء بشريان الحياة في مصر. تعاني عشرات القرى بمراكز محافظة الشرقية المختلفة من مشكلات الصرف الصحي، فبعضها غارق في مياه الصرف الصحي، والآخر محروم من مياه الشرب. ورغم التصريحات المتتابعة للمسئولين، إلا أن الواقع مرير، فمرضى الفشل الكلوي في تزايد مستمر لاختلاط مياه "الطرنشات" بمياه الشرب، مما يتطلب وقف حقيقية ومواجهة تلك الأزمة التي تنذر بكارثة بشأن صحة الأهالي. "التحرير"، ترصد معاناة عدد من قرى المحافظة، خلال السطور التالية.. في البداية، يقول جهاد سليمان، أحد المواطنين بقرية بساتين الإسماعيلية التابعة لمركز بلبيس: "نعاني منذ عشرات السنين من مشكلات الصرف الصحي، حيث يقوم أبناء القرية بحفر "طرنشات" بالجهود الذاتيه لتصريف المياه، مما يهدد عشرات المنازل بالانهيار بسبب طفح الطرنشات، وتقدمنا بعشرات الشكاوى دون جدوى، حيث أن الوضع يزداد سوءا يومًا بعد يوم". وأضاف أشرف عبد العزيز، أحد أبناء القرية، أنه تم تصنيف قريتهم ضمن القرى الأكثر فقرًا منذ عشرات السنين، وأشار: "تلقينا وعود من المحافظين الواحد تلو الآخر بتعديل الأوضاع، وإقامة محطة للصرف الصحي، وطالبونا بتوفير قطعة أرض لذلك، وبالفعل وفرناها ،ولكن لا جديد ولا تزال منازلنا مهددة بالانهيار، وصحة أبنائنا في خطر ،والمسئولون يتجاهلون وعودهم"، بحسب قوله. وفي نفس السياق، يقول أشرف محمود، أحد أبناء قرية أبو حسان التابعة لمركز ههيا، "لم نر مسئولاً يزور قريتنا في يوم من الأيام رغم أننا على بعد كيلو مترات قليلة من مدينة الزقازيق، ولكننا نعيش في عزلة تامة، ولا توجد وسيلة مواصلات لدينا سوى الحمير؛ بسبب عدم وجود طريق يصلح حتي لسير الدراجات البخارية أو التوك توك، علاوة علي عدم وجود صرف صحي". الأمر لم يختلف كثيرًا لدى مقابلتنا لعمدة قرية غصن الزيتون، عبد العزيز البطل، الذي أكد أن مياه الشرب مالحة، ولا تصلح للاستخدام الآدمي، وحتي الحيوانات تأبي أن تشربها، لافتًا إلى أنهم حصلوا على العديد من الوعود بإنشاء محطة تحلية، ولكن الوضع مرير، مطالبًا المسؤولين بالشرقية بوضع حد لمعاناتهم اليومية، خاصة مع ارتفاع سعر جركن المياه إلى 5 جنيهات، مختتمًا حديثه: "احنا بنشتري مياه الشرب من سيارات خاصة، ووصل سعر الجركن إلى 5 جنيهات، ونحن لا نملك قوت يومنا". ويصرخ رضا عبد الباسط، "إرحمونا.. نحن نموت بالحيا، ولا نجد من يسأل في شكوانا، وكأننا مواطنون من عالم آخر، وكل ما نطالب به حياة آدمية". ومن جانبه، أقر الدكتور رضا عبد السلام، محافظ الشرقية، بوجود مشكلات في البنية التحتية، وخاصة حرمان عشرات القرى من الصرف الصحي، حيث بلغت نسبة البلاد المحرومة مايزيد عن 70 % من قرى المحافظة، وهذا يتطلب مليارات لإقامة شبكات الصرف الصحي، مضيفًا أنه يتم الآن حصر لهذه القرى، وأنه سيتم البدء فورًا في إنشاء محطات الصرف الصحي مع توفر الاعتمادات المالية للقرى الأكثر احتياجًا.