بالتأكيد ليس هناك حجر على أى رأى مهما بلغ به الشطط، لكن الاعتراض أن يخرج بعض أصحاب تلك الآراء وهم يصرخون فينا بعيون جاحظة وتوتر شديد، محاولين إقناعنا أنهم فقط الذين يحبون هذا الوطن، ويخافون على كرامته، فتتحول برامجهم إلى حالة من الصراخ والعويل على كرامتنا التى ضاعت.. أقول هذا بمناسبة قبول مصر التصالح مع قطر بمبادرة سعودية. ويظن هؤلاء الصارخون المتوترون أن مصر تفعل ذلك مجاملة للسعودية، وهم لا يفهمون (أو يفهمون ويستعبطون) أن هناك ما يسمى مصلحة الدولة العليا، التى تكون فى بال وفكر وعقل صاحب القرار، الذى يسعى لمصلحة مصر أولا وأخيرا قبل أى شىء آخر، وحتى فى حالتنا تلك فقبول المبادرة السعودية وإكبار صاحب المبادرة هما من مقتضيات المصلحة العليا، وراجعوا أيها المتشنجون موقف السعودية من ثورة 30 يونيو، ودعمها غير العادى اقتصاديا ودبلوماسيا ومعنويا، لتعرفوا أن التقارب والتفاهم مع السعودية هما قضية أمن قومى.. وما أشبه الليلة بالبارحة، ولنعد إلى المعركة الرخيصة التى دارت بين مصر والشقيقة العزيزة (فعلا) الجزائر، إثر مباراة الكرة الشهيرة، وكيف انبرى هؤلاء المتشنجون فى الشتيمة والردح وقلة الأدب، وكذلك من هم أشباههم فى الجزائر، حتى وصل الأمر بهؤلاء إلى وصف بلد المليون شهيد (الجزائر) بالمليون... ولن أكتبها فالجميع يعرفونها، وضاع صوت العقل وسط صرخات المتشنجين فماذا حدث بعد ذلك؟.. قامت الثورة المصرية العظيمة فى 25 يناير، وتغير النظام الذى كان يشجع تلك المعارك الرخيصة للتغطية على الفشل الداخلى والخارجى، وعادت العلاقات بين الشعبين كأروع ما يكون.. ماذا يريد هؤلاء المزايدون؟! أن نظل فى قطيعة إلى الأبد مع قطر الشقيقة (وأعنيها) فالشعب القطرى هو شعب شقيق.. يتحججون بأنهم شتمونا.. فعلا حدث، ولكن ألم نبادلهم الشتيمة بشتيمة وأغان مبتذلة نالت من أكبر رأس عندهم فى الحكم؟! تطال البعض منهم فتطاول البعض منا، وتدنى الحوار فهل نظل كذلك للأبد؟! بالطبع نحن نعلم الدور الذى لعبته قطر ومن خلفها أجهزة مخابرات أجنبية للنيل من ثورتنا، لكن إذا كان هناك سبيل لنبذ الخلاف فلا بد من السير فيه، وإذا كانوا قد بدؤوا بإغلاق الجزيرة مباشر مصر فهى خطوة إيجابية يبنى عليها، وبالتأكيد ليست آخر المطاف، لكن أن يرفض هؤلاء المدعون بأنهم الموكلون من الشعب المصرى بالحفاظ على كرامته، كل محاولة للتقارب فهو ضرب من العته الإعلامى، الذى أصبحنا نعيش فيه، حتى تحولت بعض البرامج ومقدميها إلى كائنات تصرخ طوال الوقت. إنها الطريقة الوحيدة لجلب المشاهدين، الذين ملوا هذا الأسلوب، ولذلك ليس غريبًا أن تنال البرامج الهادفة والمحترمة مثل صاحبة السعادة للزميلة إسعاد يونس أعلى نسب المشاهدة. أرجوكم أيها المتشنجون المتوترون اصمتوا قليلا، فالوطن ليس بحاجة إليكم الآن، ولا كان محتاجا إليكم قبل الآن.