تشتعل الساحة السياسية المصرية فى الوقت الحالى بعديد من الأزمات التى تأتى على رأسها أزمة انتقال السلطة التشريعية إلى المجلس العسكرى الحاكم، وكيفية تشكيل «العسكرى» اللجنة التأسيسية للدستور، ومدى قانونية ذلك، والأنباء التى ترددت عن احتمالات قيام «العسكرى» بإصدار إعلان دستورى مكمل عقب انتخابات الرئيس يحدد فيه صلاحياته. الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون، أكد أن اللجنة التأسيسية للدستور تعتبر لاغية بسبب عدم تحصينها ككيان حقيقى، وعدم انعقاد أى من جلساتها أو نشر قانونها، وفى الوقت ذاته نفى قدرة «العسكرى» على تشكيل «التأسيسية» منفردا، إلا إذا تم تعديل الإعلان الدستورى الذى تنص إحدى مواده على أن البرلمان و«العسكرى» هما المخولان بتشكيل «التأسيسية» معا. وعن ملامح الإعلان الدستورى المكمل، قال عيسى إن إصدار إعلان دستورى مكمل يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية وعلاقته بالجيش والبرلمان -وهاتان المؤسستان لهما ثقلهما فى البلاد- فضلا على تحديده صلاحيات الرئيس القادم حتى لا يخلق الدستور رئيسا ديكتاتورا، مؤكدا أن للرئيس القادم صلاحية حل البرلمان فى الوقت الذى يحق للبرلمان سحب الثقة من الحكومة، وهذه بنود فى القانون معمول بها فى كل دساتير العالم بالشكل الذى لا يمنع تغول سلطة على أخرى، ويجبر السلطتين على التناقش ودراسة أى قرار. عيسى قال إن الإعلان الدستورى المكمل لا بد أن يضع حدودا للقوات المسلحة، بحيث تكون ملكا للشعب، وتكون مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها والحفاظ على وحدتها، وحماية الشرعية الدستورية والثورية، ويختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة. وعن ميزانيتها فيجب أن تُناقش بنود ميزانيتها من خلال لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، على أن تكون المناقشة سرية وغير معلنة، ويتم إدراج موازنة القوات المسلحة رقما واحدا فى موازنة الدولة، كما يختص المجلس العسكرى بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره، ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة. أما وكيل نقابة المحامين خالد أبو كريشة، قال ل«التحرير» إن الإعلان الدستورى المكمل من المنتظر أن يتم وضعه بعد الانتخابات الرئاسية، وهى أزمة تضاف إلى رصيد أزماتنا فى معركة «العك السياسى» التى نعيشها الآن، لأن وجود رئيس سوف يجعل الإعلان المكمل يأتى بالقياس على ذلك الرئيس، فيقوم المجلس العسكرى الحاكم بإطلاق الصلاحيات المفتوحة للرئيس الذى يرغب فى إعطائه صلاحيات كاملة، أو يقوم بتقويض تلك الصلاحيات إذا لم يأت رئيس يتوافق مع رؤيته. أبو كريشة أضاف أنه كان من الأفضل أن يتم تأجيل الانتخابات إلى ما بعد إصدار الإعلان الدستورى المكمل، وهو ما يرجع بنا إلى فكرة «الدستور أولا» التى لم نستطع تحقيقها، وكانت نتيجة الإساءة فى الاختيار أن نصل إلى ما نحن عليه الآن، مشيرا إلى أن الجدل القائم حول اللجنة التأسيسية لوضع الدستور مسألة لن يتم حسمها الآن، فى ظل الاختلاف حول انتقال السلطة للمجلس العسكرى، ومن ثم تمديد فترة الحكم العسكرى وتأجيل تسليم السلطة، لافتا إلى أن عدم وجود مقاييس نستطيع عبرها الحكم بمدى قانونية أن يقوم المجلس العسكرى بتشكيل «التأسيسية» وفق رؤيته بالتعيين سوف يزيد الأمر سوءا، خصوصا فى ظل عدم وجود ضمانات للتمثيل المجتمعى الكامل فى «التأسيسية»، وهو ما يسمح بمزيد من التحكمات للمجلس العسكرى فى الساحة السياسية. محمد الدماطى، وكيل أول نقابة المحامين، أكد أن العمل على إعلان دستورى مكمل كان واجبا قبل حكم المحكمة الدستورية العليا لا بعد الحكم، وأشار إلى أن سامح عاشور، نقيب المحامين، كان قد طرح الإعلان الدستورى المكمل قبل تشكيل اللجنة التأسيسية، لكن الآن لا نستطيع التحدث عن إعلان دستورى مكمل، وإنما عن إعلان دستورى جديد ينظم الحالة السوداوية المحبطة الناتجة عن حكم المحكمة الدستورية. الدماطى أكد أن اللجنة التأسيسية تشكيلها صحيح، لأن القوانين الصادرة من مجلس الشعب قبل صدور الحكم صحيحة، وأضاف: أنه من الضرورى تصديق المجلس العسكرى على الوثيقة الخاصة باللجنة التأسيسية للدستور، لأن التصديق يعطيها القانونية، لافتا إلى أنه إذا تمت الدعوة إلى عمل انتخابات لمجلس الشعب بعد 60 يوما من الحل -كما ينص القانون- فيكون لهم الحق فى تشكيل لجنة تأسيسية للدستور.