وجه الفقيه الدستورى، الدكتور محمد نور فرحات، انتقادات حادة لما أسماه ب «الأحزاب الإسلامية»، موضحا أنها تمثل خطرا على مستقبل مصر، خلال المرحلة القادمة، وعلى الحرية. فرحات أوضح خلال لقاء «الدستور والحريات»، الذى نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية مساء أمس (الخميس)، أن «الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ولا يجادل أحد على هذا»، مضيفا «لكننا مقبلون على مخاطر، مثل تقديم مشروع بالبرلمان لتزويج الفتاة عند سن 12 عاما دون إذنها، وشهدنا حديثا الإساءة التى وجهت لحرية التعبير والصحافة والفن، ولدينا مخاطر ممن لا يحسنون فهم الإسلام على أنه دين الحرية»، ولافت إلى أن التحدى الحقيقى لمن سيكتبون الدستور المقبل ضد هذه المخاطر. وتساءل كيف يمكن أن لا يتم المساس بأى حرية حتى لو تقررت على المستوى النظرى؟ وكيف يمكن أن تُفعل الحريات التى نُص عليها فى الدساتير السابقة؟.. مشيرا إلى طريقتين الأولى بتوفير سبل الوصول للمحكمة الدستورية العليا حتى تقضى بعدم دستورية القوانين التى تنتهك، وأن يكون حق منظمات المجتمع المدنى الوقوف أمام المحكمة مباشرة، للطعن على القوانين، الثانية محاسبة مؤسسات الدولة حين تتعدى على الحريات. وانتقد أتباع «تيار الإسلام السياسى»، قائلا بأنهم يقولون«هن فقط النساء الفضليات أما من ينتمون للأحزاب المدنية فلم تعرف الفضيلة طريق اليهن بعد»، مضيفا «هؤلاء لا يعرفون منهج السلف وانما يعرفون بعض القشور، وهم يسيؤون لكرامة المصريين والمرأة والحرية، ولا يدرون إن الإسلام كرم المرأة والحرية». وقال لعل الفقه الإسلامى قد أسهم بشكل بالغ فى المعاملات والحدود والعقوبات والتعاذير، ولم يقدم فقها على قدر من الثراء فى مجال العلاقة بين الحاكم والمحكوم، مضيفا «لا نجد فقها فى الحرية رغم إن المصادر الإسلامية الأولى فى القرآن الكريم والسنة النبوية غنية بالنصوص التى تذكرنا بتكريم الإنسان وإن الناس سواسية كأسنان المشط، ولا فرق بين عربى وأعجمى إلا بالعمل والتقوى، هذه المصادر لم تقابل بالجهد القانونى لفقهاء المسلمين بدء من القرن الثانى وحتى الرابع الهجرى وهذا ليس عيبا فى الشريعة». وأشار إلى أن مبادئ وأفكار الثورة الفرنسية أثرت على مفكرى المسلمين فى عصر النهضة بدء من منتصف القرن 19 مثل جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبى، الذين دعوا لمقاومة الاستبداد والانتصار للحرية. ولافت إلى أن دستور 1923 اهتم بالحقوق المدنية والسياسة ولم يهتم بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أما مشروع دستور 1954 الذى وصفه بامتياز «جودة الصياغة»، أنه وازن بين كافة الحقوق، وأشار إلى النص وضعه السنهورى باشا ويعطى حقوق متساوية للجماعات السياسية والثقافية والاجتماعية فى البث الذى تبثه الإذاعة المصرية (الوسيلة الوحيدة وقتها للإعلام)، ولم يؤخذ به وتم العمل بدستور 1956 الذى كرس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ولم يولى اهتمام بالحقوق السياسة والمدنية ولم تتحقق لهذه ولا تلك، ثم دستور 1971 ومشكلته مثل 1956 و1923 وهى إن الدستور أى المواد المكتوبة والمنصوص عليها شئ، والدستورية أى الإلتزام الفعلى من الدولة والمجتمع بتطبيق هذه النصوص شئ آخر.