خمسون عامًا قضتها مريم فخر الدين، رحمها الله، وهى لا تعرف الصلاة، وعند الخمسين شعرت برغبتها فى الصلاة، ولكنها لا تعرف كيف تصلِّى، ولا تجيد الحفظ أيضًا، اتصلت بالفنانة شادية فأرسلت إليها كتاب «المسلم الصغير» فلم تفهم منه شيئًا، وهنا استقبلت اتصالًا من الشيخ محمد متولى الشعراوى. هنا تبدأ القصة البديعة لكيفية تعليم الشيخ الشعراوى الصلاة للفنانة مريم فخر الدين، كان الشيخ الشعراوى بفطنته وحصافته يعرف أنه يعلم فنانة بلغت الخمسين وليست طفلة سهلة التعلم والانقياد، كما أنه يريد أن يكسب مسلمة بدلًا من أن يفقدها وتعود ببساطة إلى سيرتها الأولى. كانت المشكلة الأولى عندها هى الوضوء، فلماذا تتوضَّأ خمس مرات ما دامت يدها نظيفة، لم يجادلها الشعراوى، بل نصحها أن تستحم خمس مرات بدلًا من الوضوء، فوافقت فورًا لأنها بطبيعتها معتادة على الاستحمام، ثم أتى الشتاء ولم يعد الاستحمام المتكرر مستطاعًا فنصحها الشعراوى: «طب ما نغسل إيدينا ونتوضا أسهل» فوافقت. لم تكن مريم تحفظ شيئًا من القرآن سوى الفاتحة التى حفظتها فى أحد أدوارها السينمائية، ولذا فهى لا تحفظ «التحيات»، فطلب منها الشعراوى أن تقرأ الفاتحة بدلًا منها، ومرَّت الأيام حتى فهمت مريم فخر الدين معنى التحيات فحفظتها بعد فهم. من سن الخمسين لم تفوّت مريم فخر الدين فرضًا واحدًا بعد أن تعلَّمت الوضوء والتحيات وكل أركانها، واستطاع الشيخ الشعراوى بانفتاحه وسعة أفقه أن يجذب مريم إلى الصلاة وإلى الإسلام. كان الأمر سيختلف كثيرًا لو كان حظ مريم فخر الدين ألقاها فى طريق أحد المشايخ من إياهم، الذين لا يفهمون سوى لغة التشدد والغلو وضيق الأفق، ساعتها كانت ستترك الإسلام والمسيحية وكل ديانات الأرض! رحم الله مريم فخر الدين، ورحم الله الشيخ الشعراوى.