يعرف المصريون جميعًا -خصوصًا بعد ثورة يناير- صحافة البالونات، فى إشارة إلى خبر يتم تسريبه أولًا بعيدًا عن المسارات الرسمية لدراسة رد الفعل، وفى حال جاءت سلبية يتم سحب الخبر ونفيه سريعًا كأن لم يكن، ليدرك المتابعون بسهولة أن الخبر ما كان سوى «بالون اختبار» إذا تفادى غضب الناس حلَّق وصار حقيقيًّا، وإذا أصابه دبوس الغضب سقط وهوى، لكن أخبار البالونات يمكن أن تُطلق أيضًا عن قصص وحكايات ينشرها بعض الصحف، وما هى إلا هواء لا وزن له، مؤخرًا نشرت جريدة «الأهرام المسائى» ما يؤكِّد أن القطب البارز فى الحزب الوطنى المنحل أحمد عز، أحد أكثر الشخصيات المرفوضة فى الشارع المصرى، اجتمع مع 230 نائبًا سابقًا فى برلمانات التزوير، وقرروا خوض الانتخابات المقبلة بقائمة ستحمل اسم «مستقلين». كصحفيين ندرك طبعًا أن هناك أخبارًا لا بد من نشرها دون ذكر المصادر، لكن فى خبر كهذا، لا يوجد اسم الفندق، المصادر المطلعة التى طلبت عدم ذكر اسمها كما قالت الجريدة كانت حاضرة ولا توجد أى صورة ولو بالموبايل للاجتماع، ولم يتكلَّم أحد من العشرات الذين حضروا إلا للصحيفة المسائية الصادرة عن «الأهرام»، كل هذا يجعل الأرجح أن الخبر ليس بالون اختبار من عز، وإنما بالون هواء من الجريدة الموقرة، أين دور الفاصل والريموت هنا؟ باختصار بات مطلوبًا بشدة أن لا تتناول البرامج الإخبارية أى خبر مُجهل المصدر، لكن أن يحذر الإعلاميون ويتصلون بالمصادر للحصول على تعليق حول خبر مشكوك أصلًا فى تفاصيله، يدخلنا هذا فى حلقات عبثية لا نكاد نستريح من إحداها حتى تبدأ الأخرى، واللافت أن المحامى الخاص بمحتكر الحديد فى عهد مبارك أجرى مداخلة هاتفية مع جمال عنايت على قناة «التحرير» نفى فيها الأمر برمته، لكن يا ويل أُمة ينطلق فيها الخبر المشكوك فى أمره أولًا، فلن يستمع أحد للنفى بعدها، هل يعنى هذا أن عز لا يفكِّر فى العودة للحياة السياسية؟ مَن يدرى، لكن على أصحاب المهنة أن يؤكِّدوا ذلك بأدلة قاطعة لا تحتمل النفى، بعيدًا عن المصادر المطلعة، ودون بالونات اختبار.