«واجبنا الأول هو الدفاع عنه».. عبارة ترددت فى البرلمان التركى، مساء الخميس الماضى، مع مناقشة مشروع حكومى لتنفيذ عمليات عسكرية داخل العراقوسوريا، أقره النواب. و«عنه».. هو قبر «جد المؤسس»، سليمان شاه، على أرض سوريا سوريا. الضريح، مسمار جحا، ربما كان حجة لاحتلال تركى، قادم، لأراضٍ تمتد 25 كم داخل سوريا، كخطوة ضمن «وهم» إحياء «الحلم الطورانى»، حتى شرقى السويس. فى 8 أكتوبر 2012، حذرت أنقرة بشار الأسد من تجاوز 4 خطوط حمر، ثانيها التعرض للضريح.. «لأنه جزء من سيادتنا وسيواجه برد عسكرى سريع». وقالت صحيفة «صباح»، وقتها، إن رجب طيب أردوغان، طلب من البرلمان صلاحية الرد عسكريا دفاعا عن القبر. وإن ما وصفته ب«الضريح المحتل».. «أحد أكثر المسائل حساسية للدولة التركية». قبر جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية دائرته 8797 مترًا مربعًا، فوق هضبة «قرة قوزاك» قرب حلب. وتقول الرواية «القومية العثمانية».. «إنه فر مع 5 آلاف من عشيرته، عام 1220، من أواسط آسيا، من بطش المغول، واستقر 10 سنوات شرقى الدولة التركية الحالية، ثم واصل شتاته حتى قرية «جعبر» السورية، وغرق فى أثناء عبور الفرات، ودفن هناك. وتابع ابنه أرطغرل الشتات غربًا، حيث أسس عام 1264، بالتفاهم مع السلاجقة، «إمارة قرة جه طاج» التى بدأ منها توسعاته، وأكملها ابنه، مؤسس الإمبراطورية التى حملت اسمه، وعاشت 622 عاما، عثمان الأول. و«اتفاقية أنقرة» مع فرنسا، التى أخضعت أرض القبر للسيادة التركية، أقرتها حكومة «المجلس الشعبى» السورية، عام 1921، ثم حكومة الانتداب بعد عامين. فى 24 مارس الماضى، هدد الرئيس السابق عبد الله جول «داعش» بأن «القبر أراضٍ تركية، وسنحميها كما نحمى حدودنا». ونهاية سبتمبر الماضى، حذرت وسائل إعلام تركية من مخاطر أسر الجنود ال36 الذين يحرسونه، بعد محاصرة مقاتلى «داعش» للقبر. إلا أن أردوغان نفى هذه «المعلومات المغلوطة»، وتعهد ب«رد حاسم» على أى هجوم عليه. وتتجلى الأهمية القومية للضريح فى طمأنة رئيس الأركان، نجدت أوزيل، ضمن تهنئته لحراس الضريح بعيد الأضحى: «لستم وحدكم، عيوننا وآذاننا وقلوبنا معكم دائما. كونوا على يقين بأن قواتنا ستكون بجانبكم فور أن تطلبوا ذلك». ووصف وزير الدفاع، عصمت يلماظ، التهديد بأنه «خطر على أمننا القومى»، مضيفا «واجبنا الأول هو الدفاع عنه، دون تردد». وبالتزامن كانت مقاتلتان تركيتان إف-16 تحلقان، الخميس الماضى، فوق الضريح. .. «العِرق التركى ينتفخ»، كما توارثته ذاكرة المصريين، كأحد تجليات «الطورانية/ العثمانية»، التى نشطها إخوان تركيا منذ وصولهم للحكم، متلاعبين بالدين، كما استغله مؤسسو دولتهم، فى أبشع احتلال عرفه المشرق العربى. طورانية، تتوزع «مسامير جُحاها» حيثما نبشت أظافر أحفاد عثمان، فخريطة دولتهم، الحلم، تمتد جنوبا حتى قناة السويس، وفق خريطة نشرتها «النهار» اللبنانية قبل 6 سنوات، وهى ظلت تطالب رسميا بالسيادة على سيناء حتى عام 1920، وضمنها كل الهلال الخصيب وشمال السعودية، وتتحدث عن ميراث تاريخى بالصومال.. وسكان من أصول تركية فى مصراتة وطرابلس، ليبيا، التى احتلوها منذ عام 1555 مباشرة، ثم أقاموا فيها دولة القره مانلى، 1711 - 1835، لممارسة القرصنة. حين هلع أول رئيس وزراء إخوانى، عدنان مندريس، مايو 1950 - مايو 1960، من قيام الجمهورية العربية المتحدة، عام 1958: «نمت وبجوارى دولة سكانها 4.5 مليون نسمة، واستيقظت وهم 28 مليونا»، كان يعبر عن مخاوف تاريخية للعِرق الطورانى تجاه أى صحوة عربية، مندريس، الذى أسس للعلاقات الاستراتيجية مع إسرئيل، عادى ثورة يوليو.. تماما كما يُعادى ابنه أردوغان أحدث ثوراتنا. عِرق تركى.. دساس.